التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

عملية “النصر 2 ” تضع التدخل العسكري المباشر في ارشيف أعداء سوريا 

عملية “نصر 2” في سوريا التي وصلت إلى ذروتها يوم الاربعاء الماضي، مع فك الحصار عن بلدتي “نبل” و”الزهراء”، ترکت تأثيراً حاسماً على التطورات العسكرية والسياسية في سوريا. وقد أظهرت هذه العملية کيف سيکون المصير النهائي للحرب في سوريا. وفي هذا الصدد، نشير إلی النقاط الهامة التالية:

1- المنطقة التي جرت فيها عملية “نصر”، منطقة واسعة ولأنها تقع في تقاطع أربع محافظات أي حلب وإدلب واللاذقية وحماة، وتغطي جزءاً كبيراً من الاتصالات البریة التركية بسوريا، تعدّ منطقةً “إستراتيجية”. ولهذا السبب رأينا حساسيةً خاصةً ضد هذه العملية من قبل الائتلاف المناهض لسوريا بمحورية أمريكا.

2- منطقة عملية نصر، کانت مقر القيادة والخدمات اللوجستية لـ “جبهة النصرة” الإرهابية والجماعات المرتبطة بها. مهمة هذه الغرفة هي دراسة الأوضاع الميدانية في سوريا، والتنسيق والإدارة وتجهيز القوى الإرهابية في هذا البلد. کما أن عملية نصر2 تحظی بأهمية خاصة، لأنها من جهة كسرت مركز قيادة جبهة النصرة، ومن جهة أخرت عطّلت اتصال الجماعات الإرهابية المرتزقة في سوريا بغرفة عمليات “هاتاي”.

3- عملية النصر2 حددت بشکل كبير الوضع المستقبلي للحرب في سوريا. فقد عقد الغرب والدول الإقليمية المرتبطة به، آمالاً کبيرة علی جبهة النصرة، والمجموعتين الرئيسيتين فيها علی وجه الخصوص، أي ما يسمی بـ “أحرار الشام” و”جيش الإسلام”. من ناحية أخرى، فإن المناطق الواسعة التي خضعت لسيطرة النصرة، في حلب، إدلب، درعا، القنيطرة، السويداء ونقاط من اللاذقية وحماه وحمص، أعطت لهذه الجماعة الإرهابية موقعاً متميزاً. ولكن هزيمة هذه المجموعة في شمال وجنوب سوريا بشکل متزامن في الأيام الأخيرة، قد ألحقت بموقعها ضرراً كبيراً، وحوّلت الآمال المعقودة عليها إلی اليأس.

4- عملية نصر2، حطمت إمکانية تنفيذ العديد من الخطط الغربية في سوريا. في السابق أيضاً كان يتم الحديث أحياناً عن “منطقة حظر جوي” في شمال سوريا، وکنا نسمع في بعض الأحيان حديثاً عن تنفيذ عمليات عسكرية برية من قبل تركيا وأمريكا. وعلى الرغم من العقبات الخطيرة التي کانت تقف في السابق في وجه تنفيذ هذه الخطط على أساس “التدخل المباشر”، ولكن عملية نصر 2 وضعت هذه الخطط في الأرشيف نهائياً.

إن العدوان العسكري المباشر من قبل تركيا وأمريكا، غير ممكن مع الوضع الجديد عملياً، لأن المداخل البرية مسدودةٌ في وجههم سوی في منطقة إدلب. هذا في حين أنه نظراً إلی أن إدلب منطقة جبلية وغابية، فإن إمکانية القيام بعملية برية في هذه المحافظة، تواجه العديد من الصعوبات. لذلك، يمكن القول إنه على الرغم من أن أمريكا وتركيا قد تحدثتا في اليومين الماضيين أيضاً عن عملية برية مشتركة ضد سوريا، ولكن الحقيقة هي أن تنفيذ هذه الأحلام غير ممکنة بعد نصر 2.

5- لقد بذلت النصرة والمجموعات المرتبطة بها، کل جهودها للحفاظ على هذه المنطقة، بحيث خلال الشهرين الأخيرين تقريباً حيث بدأ تنفيذ مراحل عملية النصر، أرسلوا 4000 مقاتل جديد مدرَّب تدريباً جيداً إلی هذه المنطقة. السعوديون والأمريكيون أيضاً وللحفاظ على هذه المنطقة، قدّموا للإرهابيين العديد من الأسلحة بما في ذلك مجموعة متنوعة من الصواريخ الحساسة والذكية. مع ذلك فإن الإرهابيين وبعد فترة استمرت حوالي شهرين، سلّموا هذه المنطقة بعد أن سقط منهم ما لا يقل عن 3000 قتيل وتکبدوا خسائر فادحة. وبهذا الوصف فقد حقق الجيش السوري وحلفاؤه انتصارين کبيرين في هذه العملية، الانتصار على عناصر العدو، والانتصار على أسلحتهم.

6- حول القوات المشاركة في العملية الظافرة، الحقيقة هي أن الدور الأساسي في عمليات نصر 2، کان للجيش السوري والقوات السورية المرتبطة به، وفي نفس الوقت، کان بارزاً جداً دور المجموعات المقاومة المضطهدة في “نبل” و”الزهراء” أيضاً، كجزء من قوات الحكومة السورية. ومما لا شك فيه، أنه إذا لم تدخل القوات المقاومة لبلدتي نبل والزهراء من الجهة الغربية لمنطقة العمليات، فلم تکن هناك إمكانية لانضمام قوات من الجهة الشمالية لمدينة حلب إلى هذه المنطقة.

سکان هاتين البلدتين عاشوا في حصار شديد حوالي 3 سنوات و 8 أشهر، وبعبارة أخرى 44 شهراً، وفي هذا الوقت کانوا يتعرضون لقصف جبهة النصرة مرتين في کل شهر على الأقل، بهدف السيطرة علی البلدتين وارتکاب الجرائم فيهما. ولكنهم قاوموا برجولة، ولم يغادروا المنطقة، ولعبوا دوراً بارزاً في هذه العملية.

ثم يأتي دور حزب الله اللبناني الذي كان له تأثير كبير في هذه العملية من الجبهة الغربية، وطبعاً کان دور حزب الله أصعب من القوى الأخرى في هذه الجهة. ثم يأتي دور جهات أخرى والتي سارعت خلال السنوات القليلة الماضية، لمساعدة الشعب السوري المظلوم. في هذه الأثناء كان دور إيران فعالاً جداً، في وضع خطط العمليات ورصدها وتوفير المعلومات العملياتية، وتدريب القوى المشارکة. وبالطبع تم هذا الدور عبر الاتصال المباشر بالميدان، وتقديم المشورة أثناء العمليات، ولکنه لم يأخذ طابع إرسال قوات ميدانية.

وكان دور روسيا في هذه العملية تقديم الدعم الناري، والذي تم في إطار تحديد وطلب القيادة الميدانية، وطبعاً کان دوراً مؤثراً بحد ذاته. لكن الغربيين ولأهداف محددة يقومون بتکبير دور روسيا وسلاحها في نجاح عملية نصر. وهدفهم هو أن يحجبوا المقاومة الباسلة للشعب السوري وتضحياتهم، من خلال تسليطهم الضوء علی الأسلحة الروسية والقوة العسكرية الأجنبية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق