دور ” حزب الله ” في معارك حلب الاخير
ترخي تطورات الشمال في الميدان السوري بظلالها على المشهدين الإقليمي والدولي حيث نجح الجيش السوري وحلفائه من حزب الله وإيران وروسيا في رسم خطوط تماس جديدة مع الجماعات المسلّحة في الريف الحلبي تصل قريباً إلى العمق التركي. لم تقتصر نتائج الخطوط الجديدة على الميدان الحلبي، بل غيّرت في قواعد الميدان السياسي بدءاً من دمشق، وليس إنتهاءاً بجنيف.
اليوم، باتت بلدتي نبّل والزهراء ومحيطهما مناطق آمنة بفضل التقدّم الميداني للجيش السوري وحزب الله مدعمين بجملة من المستشارين الإيرانيين وغطاء جوي روسي قطع الطريق على أي تدخّل تركي لصالح الجماعات المسلحّة.
تمثّل عودة حلب، آخر المدن الإستراتيجية التي سقطت والتي كان يربطها البعض بـ”مصير النظام”، طريقاً للعودة إلى مرحلة ما قبل الأزمة، وهذا ما كشف عنه قائد المنطقة الوسطى للجيوش الأميركية، المقيم في أنقرة، والذي نقلت مواقع أميركية عسكرية أهمّها موقع “انتليجنت ديفانس” عنه قوله “إنّ الطريق أمام الجيش السوري للنصر الكبير يبدو سالكاً إذا انتهت معركة حلب كما تبدو صورتها الراهنة مع الحصار المحكم على المسلحين بداخلها، والانهيار الذي يعيشونه معنوياً بعد قطع طريق إمداداهم من تركيا وحجم النيران الروسية، ودرجة الاندفاع التي يتحرك عبرها الجيش ومساندوه الذين يبدون بالآلاف”.
الآلاف الذي يتحدّث عنهم الجنرال “جيمس بروكس” هم رجال حزب الله الذين ساندوا الجيش السوري منذ الأيام الأولى وقبل أن تصل نيران الجماعات الإرهابية إلى الداخل اللبناني حيث سطّر “رجال حزب الله” أرواع الملاحم البطولية في “القصير” التي شكّلت ضربة قاضية للمشروع الإرهابي في بدايته. من هنا يمكننا القول، أن التدخل الروسي لم يكن ليبصر النور لولا صمود الجيش السوري ودخول حزب الله الذي شكّل منعطفاً مصيراً في الأزمة السورية. بعبارة آخرى، لقد أثبت حزب الله بصيرته العسكرية السياسية لأن تدخله في سوريا كان في محله، بإعتبار أن هذا التدخل هو الذي قضى على هذا المشروع التكفيري في مهده وأدى إلى منع الجماعات المسلحة من السيطرة على هذا البلد، ولاحقاً لبنان وبقيّة دول المنطقة، فلو لم يكن “حزب الله” لكان سيناريو الموصل قد أنجز قبل العام 2014 في الداخل اللبناني.
وأما عن المعارك الأخيرة في حلب فبصمة حزب الله واضحة، سواءً لناحية الحضور المباشر الذي تحدّثت عنه صحيفة واشنطن بوست قبل فترة تحت عنوان “حزب الله يحشد الألاف في حول حلب” وقد شاهدنا نتائجه اليوم، أو الحضور غير المباشر عبر التدريب الذي حصل للجان الشعبية، لاسيّما تلك المتواجدة في بلدتي نبّل والزهراء والتي بدورها لاقت قوات الجيش السوري وحزب الله في قرية معرستة الخان في ريف حلب الشمالي بعد فرض السيطرة عليها بشكل كامل، مما فتح الطريق نحو بلدتي نبل والزهراء وكسر الحصار المفروض منذ اكثر من ثلاثة سنوات ونصف السنة على البلدتين. لقد نجح الجيش السوري، بمؤازرة حزب الله، في تقطّيع أوصال الجماعات المسلّحة في أرياف حلب، ويتّجه اليوم من الريفين الجنوبي والغربي نحو إدلب للوصول إلى بلدتي الفوعة كفريا المحاصرتين.
لحضور حزب الله كتفاً إلى كتف بجانب الجيش السوري في حلب وأريافها دوراً بارزاً في الإنتصارات الأخيرة التي تشكّل اللبنة الأولى على طريق إنهاء الجماعات المسلحة في حلب، ولاحقاً في سوريا ولعل مشاهدة بعض الشاشات الإعلامية في أعقاب تحرير نبّل والزهراء والتي أظهرت عن طريق الخطأ قائداً ميدانياً بارزاً في حزب الله تكفي للإذعان لدور حزب الله في المعارك الأخيرة.
لم يغب دور الحزب عن العدو قبل الصديق، وهو ما دفع بأمريكا وبعض الدول الإقليمية على رأسها السعودية في فرض حصار على مصادر تمويل الحزب بغية ضربه إقتصادياً بعد أن فشلوا في ضربه عسكريا. الحملة الأمنية على “شبكة تمويل حزب الله” كما أطلقت عليها وزاة الخزانة الأمريكية، تحاول القضاء على نشاطات تجارية مفترضة تعود لبعض اللبنانيين والشيعة في العالم، وهذا ما حذّر منه “السيد حسن نصرالله” في إحدى خطاباته الأخيرة، مؤكداً أن مصادر الحزب معروفة المصدر في إشارة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لن يدخل الحزب في هذه الزواريب، ولعل أفضل ردٍ على العقوبات وتشويه صورته يتمثّل في النصر الموعود في حلب عموماً، ونبّل والزهراء على وجه الخصوص، لذلك ستبقى أعين “رجال حزب الله” بمؤازرة الجيش السوري والمستشارين الإيرانيين والطيارين الروس شاخصةً على الميدان.. موعدنا القريب في الفوعة وكفريا، “فهذه البداية وحتى النهاية كلام طويل”.
المصدر / الوقت