ملك البحرين في موسكو .. هل هناك ” قطبة مخفية “
في زيارة هي الثالثة من نوعها إلتقى ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، اليوم الإثنين، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث بحث الجانبان آفاق تطوير التعاون الثنائي، ومسائل تتعلق بمكافحة الإرهاب والتطرف في الشرق الأوسط، وعلى رأسها الأزمة السورية.
ملك البحرين الذي وصل أمس الأحد إلى سوتشي جنوب روسيا بناءاً على دعوة موجّهة من الرئيس بوتين، أشاد بجهود موسكو في تسوية الأزمة السورية، مؤكداً استعداد البحرين لتطوير التعاون مع روسيا انطلاقا من مصالح الدولتين الوطنية والمشتركة، كما أبدى استعداده لمناقشة شؤون التعاون البحريني الروسي وأهم القضايا الدولية والإقليمية.
الموقف البحريني الذي يقف، ظاهرياً على الأقل خلال هذه الزيارة، على العكس تماماً من حليفتها السعودية التي تدين دور موسكو في سوريا، لاقى ترحيباً روسياً فقد أعرب بوتين عن سروره لاستقبال أصدقائه من الشرق الأوسط في سوتشي وسعادته بهذه الفرصة لبحث العلاقات الثنائية والوضع في العالم، وبالدرجة الأولى التطورات الإقليمية.
الرئيس بوتين قال في مستهل المباحثات إن مملكة البحرين تعتبر شريكا مهما بالنسبة لروسيا في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج الفارسي، مشيراً إلى أن موسكو والمنامة تستحدثان آليات جديدة للتعاون بينهما رغم الصعوبات الاقتصادية الراهنة.
وأضاف الرئيس بوتين:”على الرغم من الوضع الصعب في القطاع الاقتصادي، فإننا نواصل استحداث الآليات الضرورية لتعاوننا”. كما أعرب بوتين عن أسفه لتراجع ضيفه البحريني عن نية المشاركة في جولة تزلج في جبال سوتشي، وهي من من أشهر منتجعات التزلج في العالم. وقال بوتين: “كنا نخطط لنتزلج معا، لكن، كما فهمت، أنتم تراجعتم. سنتزلج في المرة القادمة، إن شاء الله”.
بعيداً عن الشعارات البرّاقة ورحلات التزلج في المنتجعات السياحية، ما الهدف من دعوة بوتين للملك البحريني، وما الغرض من تلبية الملك حمد لهذه الدعوة؟
تأتي زيارة ملك البحرين بعد فترة وجيزة على نسف مفاوضات جنيف 3 بسبب إنسحاب وفد الرياض الذي إتُهم من قبل روسيا وأمريكا بتعطيل المفاوضات، وبالتزامن مع الأوضاع التي تشهدها المنامة منذ حوالي الـ4 سنوات.
بحرينياً، بعد شعور العديد من الدول الخليجية بالتخلي الأمريكي عن المنطقة سواءً بسبب إكتفائه من الطاقة أو بسبب إستراتيجية الإرتكاز الآسيوي التي تهدف لوضع الثقل الأمريكي في شرق ووسط آسيا لمحاصر العملاق الصيني، وجدت البحرين نفسها مجبورةً للإنسحاب نحو القطب الآخر، خاصّة أنها كانت أولى بلدان الخروج الأمريكي من المنطقة حيث سلّمت واشنطن قاعدتها العسكرية في البحرين إلى بريطانيا. بعبارة آخرى، يسعى الملك البحريني لكسب الرضا الروسي بغية تأمين غطاء دولي لأوضاعه الداخلية خاصةً أن التصرفات الأمريكية غدت غير مطمئنة اليوم.
وأما روسياً، بالتأكيد لا تبحث عن شراكة إقتصادية أو عسكرية مع البحرين، فهدف موسكو اليوم يكمن في العمل على تغيير سلوك الدول العربية تجاه سوريا، كلّاً على حدّة، وهذا ما لمسناه في تصريح وزير الخارجية البحريني الذي اكّد أن الدول الخليجية ستأخذ الرؤية الروسية للأمن في المنقطة بعين الاعتبار بما في ذلك النسخة المحدثة من الرؤية.
الخلاصات هذه، يمكن إستشفافها أيضاً من الوفد المشارك في المباحثات، أي وزير الخارجية سيرغي لافروف عن الجانب الروسي، وعن الجانب البحريني نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، ووزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة.
لافروف قال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البحريني خالد بن أحمد آل خليفة في أعقاب المحادثات التي جمعت الرئيس بوتين بملك البحرين في منتجع سوتشي جنوب روسيا: “يكمن موقفنا المشترك في ضرورة ترتيب أولويات المجتمع الدولي قبل كل شيء. ومن هذه الأولويات محاربة الإرهاب بلا هوادة وتسوية النزاعات في الشرق الأوسط بالوسائل السلمية وعدم السماح بخطوات تؤدي إلى تفكيك الدول”.
وأكد لافروف أن روسيا والبحرين تدعوان إلى تسوية كافة النزاعات في الشرق الأوسط بالوسائل السلمية، وتصران على حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وتابع أن الطرفين أكدا على دعمهما للجهود الدولية على المسار السوري مع الالتزام الصارم بأحكام القرار الدولي رقم 2254 من أجل دعم الحوار السوري الشامل والرامي إلى تمكين السوريين من تقرير مصير بلادهم.
وأكد أن هذه المبادئ يجب أن تشكل قاعدة لتسوية النزاعات الأخرى، ومنها الأزمتان الليبية واليمنية والوضع حول العراق وأفغانستان. وأضاف أن الطرفين يوليان اهتماما خاصا بالمساهمة في التسوية الفلسطينية-الإسرائيلية على أساس قاعدة قانونية عادلة.
وشدد قائلا: “إننا ننطلق من أن على الشعوب أن تختار مصيرها بنفسها، أما الدعم من جانب المجتمع الدولي فيجب أن يكون متزنا ومناسبا مع الأخذ بعين الاعتبار تقاليد وتاريخ هذه المنطقة الغنية”.
بدوره أكد وزير الخارجية البحريني أن المباحثات جاءت بنتائج مهمة، مضيفا أن مواقف البلدين كانت موحدة في المحاور الرئيسية، وهي مكافحة الإرهاب وتسوية النزاعات وعدم تفكيك الدول وعدم إسقاط الحكومات الشرعية في المنطقة.
وأضاف الوزير أن ملك البحرين يقدر دور الرئيس بوتين والدولة الروسية بشكل عام في مساعدة الشعب السوري للخروج من هذه المحنة الصعبة. وذكر الوزير المشاكل الطائفية في الشرق الأوسط أدت إلى تهجير ولجوء مئات الآلاف من سكان بعض الدول.
وختم وزير خارجية البحرين، بأن ملك مملكة البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، يأمل بأن يقوم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بزيارة رسمية قريبا إلى بلاده.
خلاصة هذه الزيارة تكمن في سعي بحريني لكسب الرضا الروسي بعد الحديث عن الإنسحاب الأمريكي، مقابل سعي روسي لكسب العديد من الدول إلى صفّها فيما يخص الازمة السورية، وما عدا ذلك “كلام شاشات” لا أكثر ولا أقل.
المصدر / الوقت