اراء غربية وعالمية ترفض التدخل السعودي في سوريا
في ظل الحديث عن احتمال التدخل السعودي في سوريا، برزت العديد من الآراء العالمية الرافضة، لا سيما الغربية. وهو الأمر الذي لم يُسلَّط عليه الضوء في الإعلام العربي تحديداً، لأسبابٍ تتعلق في أغلبها لقدرة الإعلام الخليجي على التضليل، ومماشاته السياسة الأمريكية في المنطقة. وهنا لسنا في وارد التحليل، بل سننقل مجموعةً من الآراء الغربية الرافضة بالإعتماد على المصادر الأجنبية.
نشير في البداية الى بعض الآراء الرسمية قبل الإنتقال الى رأي الصحف. وهنا نقول التالي:
على الصعيد الرسمي وعلى الرغم من أن واشنطن رحَّبت بالنية السعودية، فإن عدداً من الآراء في الداخل الأمريكية سلطت الضوء على ما هو مغايرٌ لذلك. فقد ذكرت كلٌ من الواشنطن بوست والفورين بوليسي، الى أن وزارة الخارجية الأميركية اتخذت موقفاً متحفظاً من الإعلان السعودي. ونقلت عن المتحدث باسم الوزارة “جون كيربي” قوله بأن واشنطن تريد أن تدرس المبادرة السعودية أكثر، مشيراً إلى أن “كيربي” أكد بأن الإدارة الأميركية تبحث مع السعوديين نيّاتهم. وهو الأمر الذي أكده موقع “روسيا اليوم”، حين نقل عن “كيربي” قوله بأن “عملية برية دولية” لن يكون بمقدورها تسوية الأزمة السورية، بغض النظر عن الجهة التي ستقود مثل هذه العملية. الى جانب إصراره بأن الموقف الأمريكي الأساسي بشأن الأزمة السورية والمتعلق بالحل السلمي لم يتغير.
وفي السياق نفسه فإن الحديث عن نيةٍ عربية رسمية تتفق مع التدخل السعودي، فهو أمرٌ يحتاج للتدقيق. فقد قال الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في الجامعة العربية السفير “فاضل جواد” الأحد المنصرم، أنه لا توجد أية معلومات رسمية موثقة، حول إمكانية إرسال السعودية قوات برية إلى سوريا خلال الفترة المقبلة. وأوضح السفير “فاضل جواد” في تصريحات خاصة لـ “24” إنه لا توجد أية معلومات موثقة حتى الآن، حول التدخل البري في سوريا كي تتحرك الجامعة العربية وتتابع هذا الأمر باهتمام. مشيراً الى أن كل الإهتمامات ما تزال تنصب في السعي للحل السلمي.
أما على صعيد الصحافة الغربية الى جانب آراءٍ أخرى رافضة، فنشير للتالي:
نشرت صحيفة الإندبندنت يوم السبت، موضوعاً لمحرر شؤون الدفاع “كيم سينغوبتا” تحت عنوان “تداعيات إرسال المملكة العربية السعودية قوات برية على الحرب الأهلية في سوريا”. فقد أشار الكاتب إلى رفضه التدخل السعودي في سوريا، مؤكداً على أن إرسال هذه القوات لن تقتصر تداعياته على الحرب الأهلية في سوريا بل ستمتد للمنطقة بأسرها. وأضاف الكاتب أن هذه الخطوة تأتي في الوقت الذي فشلت فيه جهود الحل السلمي للأزمة وتقدم القوات السورية نحو حلب. وختم الكاتب بقوله بأن السعودية مستعدة للإقدام على أي عمل بمفردها لكنه قلل من احتمال ذلك، إذ يتوقع أن جميع السيناريوهات ستبقى مجمدة حتى اجتماع قيادة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في بروكسل الأسبوع المقبل.
من جهةٍ أخرى أكدت صحيفة “ديلي ستار” البريطانية، في تقرير لها يوم الأحد، بأن محللين كُثر يرفضون خطوة السعودية، ويخشون الآن من أن حمام الدماء الذي بات أطول مما شهدته الحرب العالمية الأولى يتحول إلى حرب إقليمية واسعة. وتابعت الصحيفة أن تلك المخاوف ظهرت بعد تهديد السعودية بإرسال قوات برية، وسط تقارير استخبارية تتحدث عن أن تركيا تعد لإجتياح الأراضي السورية، في وقت تدرس فيه أوكرانيا هي الأخرى إرسال جنودها إلى هناك. وأضافت الصحيفة أن عدداً من المخاطر قد تحدث في حال حصل التدخل السعودي. فبحسب رأي الصحيفة فإن تلك القوات في حال تدخلت، ستجد نفسها في مواجهةٍ مع الروس أو الإيرانيين الذين حذروا من القيام بذلك. وهو الأمر الذي قد يتطور لما هو أسوأ.
أما “توم ويلسون” الباحث في “Henry Jackson Societ” فقد تحدث عن أن حديث السعودية عن إرسال قوات إلى سوريا ربما يكون خدعة لمحاولة دفع الغرب للتحرك بشكل حاسم في سوريا، إلا أن السعودية إذا أرسلت قوات على الأرض بالفعل هناك فإن ذلك سيمثل افتتاح جبهة جديدة كبرى في مشهد يتحول بشكل متزايد إلى صراع إقليمي واسع.
من جهتها قالت الكاتبة الفرنسية، “نتالي نوجاريد”، في مقال بصحيفة الجارديان، أن سقوط حلب سيشكل انعطافاً خطيراً ومؤثراً على تطورات الأمور في المنطقة، وله تأثير كبير وتبعات متوالية ليس في الشرق الأوسط فقط ولكن في أوروبا أيضاً. وأعربت عن تخوفها من المستقبل الى جانب التدخل السعودي، نتيجة انهيار المعارضة السورية، وهو ما يعني انهيار أي أمل للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية.
من جهةٍ أخرى فإن الباحثة في “تشاثام هاوس” في لندن “جين كينينمونت”، أعربت عن اعتقادها بأن الرياض أكثر اهتماما بحرب اليمن من مكافحة “داعش”. وتبدو “كينينمونت”، “متشككة نسبياً” حيال احتمال تدخل السعودية أو الجيش التركي في سوريا.
وفي سياقٍ قد يكون متصلاً و يدل على حجم تراجع ثقة الغرب بالسعودية، نشير للتالي:
أبرزت صحيفة “هفينجتون بوست” الأمريكية تصريحات للسيناتور الديمقراطي الأمريكي “كريس مورفي” طالب فيها واشنطن بوقف المشاركة العسكرية في الحرب التي تقودها السعودية باليمن. وهو الأمر الذي يعتبر الأول من نوعه لجهة أنه يأتي من الكابيتول هيل. فيما حث “مورفي” الكونجرس على ضرورة إعاقة مبيعات الأسلحة المستقبلية للسعودية، والتي من المرجح أن تستخدم في أسبابٍ هجومية. كما زعم “مورفي” أن زملاءه من الحزبين الديمقراطي والجمهوري عبَّرا بشكل خاص وليس على الملأ عن دعمهم له، متوقعاً أن بعضهم سينضم إليه في نهاية المطاف ويعلنوا دعمهم العلني له.
من جانبها تحدثت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير لها، عن أن بريطانيا تتعرض لضغوط جديدة لوقف مبيعات الأسلحة للسعودية، بعدما اتهم الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” السعودية بجرائم الحرب. الى جانب ما دعت له لجنة التنمية الدولية في مجلس العموم البريطاني مدعومة من زعيم حزب العمال، والتي طالبت قبل أيام، الحكومة البريطانية بوقف كل مبيعات الأسلحة للسعودية.
إذن ليس صحيحاً بأن العالم رحب بالتدخل السعودي في سوريا. فهناك العديد من الأصوات والتي تفاوتت بين المعارض والمُشكك. في حين يبدو أن ثقة الغرب بالرياض تراجعت. كما أن الإعتماد الأمريكي عليها لم يعد كما كان في السابق. فيما يجب القول أن كل ذلك يبقى رهن الأحداث المقبلة، والتي لا يمكن فيها استبعاد أيٍ من الإحتمالات.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق