صراع الأصدقاء ، هل ينهي حزب العدالة والتنمية
على الرغم من أن حزب العدالة والتنمية استطاع بأن يمسك بمفاتيح البلاد كاملةً لمدة 13 عاماً منذ حلوله ضيفاً على القصر الجمهوري التركي في 2002 حتى الآن، ولكن لا يَخفى على أحد الاهتزازات التي تلقاها هذا الحزب وقادته خلال هذه الفترة، إذ لم يستطع حكم تركيا كما أراد وكما خطط قادته، ولم تكن خسارته الأكثرية النيابية في البرلمان التركي في 2015 أولى انتكاسات هذا الحزب الذي اتصف قادته بالغرور داخلياً والوقاحة خارجياً، حيث كشف الكتاب الذي ألّفه أحمد سافير المستشار الإعلامي للرئيس التركي السابق عبد الله غول عن عمق وجوهر الخلاف داخل حزب العدالة والتنمية.
الكتاب والذي عنوانه “12 عاماً مع عبد الله غول” أحدث هزة أرضية أدت إلى تصدع أعمدة العرش الذي يجلس عليه أردوغان وأحمد داوود أوغلو، حيث يشير الكتاب إلى الخلافات بين رئيس الجمهورية التركية السابق عبد الله غول والرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان في ذاك الحين، يقول الكاتب إن القضيتين السورية والمصرية كانتا جوهر الخلاف بين غول وأردوغان، حيث انتهج أردوغان سياسة العداء للرئيس المصري الجديد منذ اليوم الأول لتسلمه الرئاسة في مصر كونه انقلب على حكم الإخوان المسلمين مما أدى إلى فتور في العلاقات التركية المصرية الأمر الذي خالفه عبد الله غول.
وفي السياق نفسه وصف غول تدخل حزب العدالة والتنمية من خلال أردوغان وداوود أوغلو في أزمات الدول المجاورة كسوريا والعراق بالخطأ الكبير لما له تداعيات كبيرة على الداخل والأمن التركيين. يتصرف أردوغان وداوود أغلو على أنهما رئيس ورئيس حكومة سوريا لا تركيا، وما الأحداث التى شهدها ميدان تقسيم إلا خير دليلٍ على تراجع في شعبية الرئيس أردوغان وحزبه، حيث تم كسر القدسية والعظمة التي سعى أردوغان لإيجادهما خلال السنوات الماضية.
لم يعد بإمكان أردوغان تجاهل هذا الوضع والتحركات التي تتم في الخفاء داخل حزب العدالة والتنمية والتي من الممكن إذا تم تجاهلها أن تؤدي إلى انشقاق كبير داخل حزبه يقوده قياديون سابقون يتمتعون بشعبية كبيرة داخل الحزب ولدى الشعب التركي ويقومون بتأسيس حزب مماثل للعدالة والتنمية ويحمل أفكاراً قريبة من أفكاره.
وهو الأمر الذي أربك أردوغان وقادة حزبه مما دعاه إلى دعوة الرفيق القديم، وشريكه في قيادة الحزب سابقاً إلى القصر الرئاسي، ليسمع منه انتقادات تشمل الملفين السوري والكردي وطريقة تعامل أردوغان معهما، إلى جانب ملف المعارضة الذي بات يهدد حزب العدالة والتنمية بشكل جدي، والعديد من الانتقادات التى وجهها عبد الله غول إلى أردوغان في مجالاتٍ عدة منها الاقتصاد والأمن، وبعدها طلب أردوغان من الرئيس التركي السابق عبد الله غول بمساعدته والعمل على إخماد الانتفاضة الصامتة داخل حزبه.
وأشارت المصادر إلى أن أردوغان ارتاح كثيراً عندما تأكد من أن غول لايسعى للعودة إلى الحياة السياسية حالياً، مدعياً بوجود نية لعبد الله غول بالانشقاق عن حزب العدالة والتنمية وتشكيل حزب جديد من صلب الحزب الحاكم، معزياً ما يمر به الحزب الحاكم وانتكاسته الأخيرة في الانتخابات البرلمانية إلى وجود شرخ وصدع داخل بيت الحزب.
وبعد يومين على لقاء عبد الله غول بأردوغان، التقى غول بأكثر شخصيتين معارضتين لسياسات الرئيس التركي في حزب العدالة والتنمية وهما بولنت أريش وحسين شيليك، ولم يتم تسريب ما دار داخل الاجتماع وعن ماذا تمحور اللقاء، ولكن قال أريش بعد الإجتماع “أتمنى أن يأخذ الجميع درساً مما حدث”.
وقال “أريش” لصحيفة “حرييت” قبل يومين بأن “98 بالمئة من قادة حزب العدالة والتنمية تمت تنحيتهم من مناصبهم واستبعادهم عن الحزب في سياسة مدروسة خلال السنوات الأربع الماضية”، واصفاً القيادات الحالية بأنها “وصولية ومتنفّعة”، إذ “كانت تعادي الحزب عندما واجه الجيش، ولم تنضمّ إليه إلا بعدما أدركت أنه هزم كل القوى وبات في فترة رخاء”. ولفت في هذا الإطار، إلى حملات إعلامية قاسية يشنّها الإعلام الموالي على أي منتقد لأردوغان أو لسياسة الحزب، أياً تكن صفته.
وكان أريش قد أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط التركية لتحميله أردوغان مسؤولية فشل مسيرة السلام مع الأكراد، إذ قال قبل أسبوعين إن “أردوغان كان يعلم بكل ما أُنجز مع زعيم “حزب العمال الكردستاني” عبدالله أوجلان في مسيرة السلام مع الحكومة، مشيراً إلى أن الرئيس التركي هو من تخلّى عن تلك المسيرة وغيّر رأيه فجأة”.
وعلى الرغم من أنه لايوجد دليل على انتهاء الخلافات الداخلية بين أردوغان والمعارضين لسياساته الخارجية التي تعتمد على اللعب بالنار وإدخال تركيا في صداقات مع جماعات إرهابية بدلاً من الصداقة مع دول الجوار المعتدلة وسياسته الداخلية التي تعتمد على إلغاء الآخر واستبعاده وتهميشه إلى الوصول إلى السياسة القمعية المتخذة ضد الإعلاميين وحرية الرأي، ومع ذلك ذكرت المصادر الإعلامية القريبة من المعارضة التركية بأن التكهن بانهيار حزب العدالة والتنمية بات قريباً وخصوصاً بعد أن تبين وجود خلاف بين أردوغان ورئيس الحكومة التركي أحمد داوود أغلو “رئيس حزب العدالة والتنمية حالياً” حول قضايا كثيرة، إذ تفيد معلومات بأن داود أوغلو يحاول جذب بيروقراطيين وحزبيين لتشكيل تيار يدعمه في مواجهة الرئيس التركي، ما يعني عملياً أن الحزب الحاكم بات موزّعاً على ثلاثة ولاءات، لأردوغان وداود أوغلو والقيادات القديمة، وهذه سابقة في تاريخ الحزب الحاكم التركي.
المصدر / الوقت