التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

بعد ذكرى انطلاقها الخامس ، ثورة البحرين الى اين تتجه ؟ 

النظام البحريني ومنذ انطلاق الثورة البحرينية في الـ14 من فبراير2011 حتی الیوم، بدل أن يعمل علی تحقيق تطلعات الشعب البحريني، بقي مصرا علی التعامل الأمني مع الثوار البحرينيين، ورفع بذلك نسبة اعتقال رموز المعارضة واعتمد سياسة الزج بالمعارضين وراء القضبان، إذا ما صدر عنهم أي موقف معارض لسياسات أسرة آل خليفة، ناهيك عن الإعدامات الميدانية التي نفذتها قوی الأمن ضد عشرات الشباب، لا لذنب سوی بسبب مشاركتهم في التظاهرات السلمية وإعدام آخرين منهم من خلال تعذيبهم في السجون.

لا نعتقد أنه بقيت آلیة ولم يجربها النظام البحريني لقمع الثورة البحرينية، لا بل استعانت الاسرة المالكة في البحرين بقوات “درع الجزيرة” وقوات أجنبية اخری خاصة من الاردن، وعملت مع وكالات الاستخبارات الدولية خاصة الأمريكية والبريطانية واستخبارات دول عربية، لاجهاض الثورة، لكن جميع هذه السياسات باءت بالفشل وذلك لسبب واضح يعود الی أن الشعب البحريني وقيادته السياسية غير مستعدين للكف عن مواصلة الاحتجاجات، بثمن، أقل من “مشاركة الشعب البحريني في تعيين مصيره وإنتهاء نظام الحكم الوراثي الملكي الفردي في البلاد”.

وللاسف إذا ما قارنا تعامل المجتمع الدولي مع ثورة الشعب البحريني والأزمة في سوريا خلال مايقارب الـ5 أعوام الماضية، فسيتضح جيدا أن المجتمع الدولي قد وقع في إزدواجية رهيبة في التعامل مع هذين الحدثين في سوريا والبحرين. حيث أمدت الدول الغربية المعارضة السورية بالمال والسلاح، وعقدت من أجلها العديد من المؤتمرات بمشاركة عشرات الدول وأهم المنظمات الدولية، وأصدرت هذه المنظمات، العديد من القرارات الدولية لصالح المعارضة السورية، في حال أن هذا المجتمع الدولي لم يقدم شيئاً للثورة البحرينية، وأصر علی اعتماد الصمت المطبق، لا بل الإنحياز الاعمی لممارسات النظام البحريني، ما عدا بعض الإنتقادات الخجولة التي صدرت من قبل بعض المنظمات الدولية لإدانة تصرفات النظام البحريني.

المجتمعات العربية والإسلامية ومعظم الشخصيات الدينية في هذه الدول أيضا مقصرة والی أبعد الحدود مع ثورة الشعب البحريني، بل أن الكثير من علماء الدين في الدول العربية ومن بينهم الداعية المصري، الشيخ “يوسف القرضاوي” علی سبيل المثال، ومعه العشرات من العلماء الآخرين، عملوا ولازالوا يعملون علی الصاق تهمة “الطائفية” بالثورة البحرينية، معزين سبب عدم دعمهم لهذه الثورة بانها تستقوي بالخارج خاصة إيران وحزب الله. وفي كلمة له إدعی القرضاوي أن «ما يحدث في البحرين ثورة طائفية»، زاعما أن «مشكلة ما حدث في البحرين أنه ثورة شيعة ضد السنة»!. مثل هذه المواقف من قبل دعاة يعتبرون أنفسهم يدافعون عن تطلعات الشعوب العربية المضطهدة، تعتبر قمة التواطؤ مع الديكتاتورية البغيضة الجاثمة علی صدور شعوب العالم العربي. حيث يدعي اعلاميا دعاة مثل القرضاوي بانهم يقفون الی جانب تطلعات الشعوب العربية ضد الأنظمة الديكتاتورية، لكن علی أرض الواقع فاننا نجد أن القرضاوي وعلماء علی شاكلته يقفون وبكل ثقلهم الی جانب أعتی الديكتاتوريات التي عرفها العالم العربي ومنها عائلة آل خليفة الجاثمة علی صدور البحرينيين منذ أكثر من250 عاما!.

ثورة البحرين ليست طائفية كما يدعي البعض ولم تستمد طاقتها من الخارج ولم تكن في يوم من الايام تستخدم العنف والتطرف، وبينما قتلت ما تسمی بالمعارضة السورية عشرات الآلاف من الشعب السوري عبر اطلاقها القنابل والصواريخ الفتاكة التي تتلقاها من الخارج، فان الثوار البحرينيين لم يطلقوا رصاصة واحدة، ولم تسجل تحركاتهم اي نشاط ضد مصالح البلاد. وهذا يدل بوضوح علی سلمية الثورة وعدم ارتباطها بالخارج. حيث لو كانت ثورة البحرين مرتبطة بدول اخری، فاننا لشهدنا الكثير من العمليات العسكرية ضد قوی الأمن والشرطة، لكننا لم نلاحظ مثل هذه الممارسات علی الاطلاق، مما حدا ذلك الی لجوء السلطات البحرينية لتلفيق وفبركة بعض الادعاءات حول اكتشافها خلايا “ارهابية” تعمل لجهات خارجية دون نشر معلومات وتفاصيل تثبت مثل هذه الإدعاءات.

ونظرا الی تصرفات النظام البحريني بعد إندلاع الثورة الشعبية، فانها کانت تصرفات یخجل منها الإنسان، وبدل إعفاء رئیس الوزراء البحريني الذي مضی علی عمله أکثر من 45 عاما في هذا المنصب واستبداله بشخصية تحظی باحترام المعارضة، لإبداء نوايا حسنة للقيام باصلاحات ملموسة، استبدل النظام هذه الإجراءات المطلوبة بسياسات من نوع آخر، تمثلت باسقاط الجنسية عن المعارضين وسجن رموز المعارضة السياسية مثل الشيخ “علي سلمان”!.

إذن الشعب البحريني وطيلة فترة احتجاجاته التي تعود لـ “إنتفاضة الكرامة” التي انطلقت في تسعينيات القرن المنصرم، لم يكن في يوم من الايام يعول علی دعم خارجي او دعم منظمات المجتمع الدولي، وبالرغم من ذلك فان هذا الشعب لازال مصرا علی بناء مجتمع أساسه المساواة والحرية والعدالة، وفقا لمبادئ المواطنة وليس الإنتماء المذهبي او الطائفي او العرقي. ولهذا فاننا لم نتصور أن أي خيار آخر قد بقي أمام النظام البحريني للتعامل مع الثورة البحرينية سوی الاستجابة لطموحات الشعب البحريني التحررية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق