التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

المؤامرة أمريكية على الموصل :محاولة استبعاد الحشد الشعبي لأيقاف انتصارات العراقيين 

في وقتٍ أكد فيه رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، الجنرال “جوزيف دنفورد”، أن المناقشات قد بدأت بين قادة ومسؤولين أميركيين وعراقيين، بشأن كيفية اندماج قوات من الطرفين لإسترجاع مدينة الموصل، يجري الحديث اليوم عن فعالية الدور الأمريكي، لا سيما مسألة المخاطر المترتبة على إشراك التحالف الدولي بقيادة واشنطن، في حربٍ أثبتت التجربة أنه لم يقف في صف العراقيين فيها. بينما يتأمل العراقيون أن يتولى الحشد الشعبي بالتعاون مع الجيش العراقي قيادة الميدان، لا سيما بعد النجاحات المتكررة التي حققها في التخطيط والتنفيذ العسكري. فكيف يمكن إثبات أهمية مشاركة الحشد الشعبي في تحرير الموصل؟

تشير العديد من المعطيات السياسية المحلية والدولية، بأن هناك محاولاتٍ حثيثة، لمنع لجوء الحكومة العراقية لسياستها المعهودة في الإعتماد على قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي في عملية تحرير الموصل. وهو الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات، والتي سنشير إليها في التحليل. لكن بدايةً دعونا نوصِّف واقع المشهد كما يلي:

الموصل هي ثاني أكبر المدن العراقية، ولا يزال معظم السكان المدنيين فيها. وخلافاً لما حدث في الفلوجة وتكريت، عملت عصابات داعش على ضمان إبقاء معظم سكان الموصل محاصرين داخل المدينة. كما تُشير مصادر مطلعة، الى أن تنظيم داعش فرض “نظام كفالة” يُلزم كل من يغادر المدينة بتحديد ثلاث رهائن تتم معاقبتهم إذا لم يعد إلى المدينة. ونظراً إلى هذه العوامل، فإن تحرير مدينة الموصل يُعتبر تحدياً فريداً من نوعه بالنسبة للطرف الذي ينوي القيام بأي عملية عسكرية، يهدف فيها الى تطهيرها من الإرهابيين في وقتٍ يجب الأخذ بعين الإعتبار الحفاظ على سلامة المدنيين. مما يجعل المهمة العسكرية دقيقة وحسّاسة.
وهنا وليس بعيداً عما تقدم، فإن خطورة كبيرة تكمن في ما يُسمى التخطيط للعملية، لا سيما إذا لم يُراعَ الميدان العسكري بشكل دقيق وأهداف العملية. وهو الأمر الذي يشكل ورقة قوةٍ لتنظيم داعش. وبالتالي فإن ربط الواقع الميداني أي الجغرافي، الى جانب الخطر السكاني، يجعلنا أمام معركةٍ لن تُجدِ فيها إلا حرب العصابات، والتي يُتقنها الحشد الشعبي بإمتياز. أما القيام بالإعتماد على النمط الكلاسيكي، عبر التغطية الجوية، والحرب النظامية، فهو من المسائل التي قد تُخلِّف نتائج كارثية.
هنا وبناءاً لما تقدم، مع الإستفادة من التجربة العراقية في الحرب ضد الإرهاب، يمكن تحليل المشهد كما يلي:

من الناحية السياسية، ينتظر العراقيون أن تدعم الحكومة خيار تسليم الميدان العسكري لقوات الجيش والحشد الشعبي، خصوصاً بعد النجاحات التي حققوها في معارك سابقة ضد الإرهاب. فيما تتساءل العديد من الفعاليات السياسية والإجتماعية والدينية في العراق، عن الأسباب الموجبة لمنع الإستفادة من ورقة القوة التي يمتلكها العراقيون، أي قوات الحشد الشعبي.
أما من الناحية العسكرية، فإن الأمور أوضح. فليس صحيحاً بأنه يوجد إختلافٌ بين الأطراف على توصيف دقة المعركة وصعوبتها، لجهة جغرافيا الموصل، الى جانب تواجد المدنيين. بل إن كل الأطراف العسكرية، حتى الأمريكي، يعرف جيداً بأن المعركة تحتاج الى دقةٍ في التنفيذ. إذ أن هذه المسائل ليست مُعقدة عسكرياً، من الناحية التخطيطية، ليكون هناك اختلافٌ حولها.
بناءاً لذلك، فإن السعي الأمريكي لمنع قيادة الحشد الشعبي للعملية، يطرح العديد من التساؤلات. لا سيما بعد أن أثبتت التجربة، نجاحه الكبير وقدراته العسكرية العالية، والتي تميِّزه عن كافة الأطراف العراقية الأخرى. فيما، وبحسب التجربة أيضاً، أثبت التحالف الدولي فشله في أكثر من عملية، لا سيما معركة تكريت، والتي كان واضحاً فيها حجم التعاون الأمريكي مع الإرهاب.
بالإضافة الى الدعم الأمريكي للإرهاب، فإن القوات الأمريكية كانت تعتمد على الغارات الجوية، والتي عرقلت العملية العسكرية على الأرض أكثر من مرة وفي أكثر من معركة. كما ساهمت في إزهاق أرواح الكثير من المدنيين العراقيين. وهو الفارق بين الأمريكي الذي يعتمد على الجو دون تقديم أي تضحيات، والحشد الشعبي الذي يفهم طبيعة الأرض، ويُقدم شبابه العراقيين في المعارك البرية. وخير مثال للسلوك الأمريكي هو قصف معظم البنى التحتية والبيوت خلال عملية تحرير الرمادي حيث لم يعد يوجد مكانا معمرا للسكان بعد عودتهم إليها.
لذلك، يمكننا الخلاص الى النتائج التالية:

لا تحتمل معركة تحرير الموصل أي مخاطرةٍ في التخطيط أو التنفيذ. فالنقطة الأساسية والمهمة والتي يمكن الخروج بها من خلال تجربة معارك تحرير صلاح الدين والأنبار وغيرها، هي ضرورة تأمين الدعم اللوجستي للطرف الذي يُدير الميدان وخاصة من الذخيرة والعتاد، الى جانب ضرورة وضع الخطط المُسبقة القائمة على تأمين الإستمرارية العسكرية. مما يجعل مسألة إبقاء الخلاف على إشراك طرفٍ ما، مسألةَ خطيرة تُهدد نجاح العملية.
لذلك واستناداً لما سبق مناقشته، فان استعادة السيطرة على الموصل وتحقيق الإستقرار فيها، يجب النظر إليه كعملية طويلة المدى ومُعقدة، تعتمد على القوات البرية وليس الجوية. وهو نقطة القوة التي يتميز بها الحشد الشعبي. فيما يُعتبر ذلك نقطة ضعفٍ لدى الطرف الأمريكي الذي يعتمد على القصف الجوي، ضمن سلة أهدافٍ خاصة به وبمصالحه، قد تتفق مع الإرهابيين في مكانٍ ما.
وهنا فإن النتيجة الأهم، هي السبب الحقيقي وراء محاولة النقاش في أصل إشراك الحشد الشعبي. كما أنه يجب الوقوف عند حقيقة أن المصلحة العراقية، لن تتفق مع المصلحة الأمريكية. لذلك وبعيداً عن التكهنات، ومن خلال التجربة، يجب أن يستذكر العراقيون قيام واشنطن بدعم الإرهابيين في قلب أكثر من معركةٍ سابقة. كما يجب أن يستذكروا كيف عرقلت القوات الأمريكية سير العديد من العمليات التي كانت في طريقها للإنتصار، إما عبر قصف أهداف لا تتصل بمجريات العملية الحاصلة، أو القيام بقصف المدنيين.
إذن، تحاول واشنطن منع انتصار العراقيين في حربهم ضد الإرهاب. فالموصل هي ثاني أكبر المدن العراقية، وبالتالي فإن لتحريرها رمزية خاصة. فيما يجب على العراقيين أن ينظروا لمصلحتهم الواضحة، والتي تدعم قيادة الحشد الشعبي للميدان. فيما لا بد من تذكيرهم، بأن الأمريكي الذي يدَّعي مساعدتهم اليوم، هو ذاته الذي احتلهم في الماضي.

إن قوة العراقيين تكمن في وحدتهم فقط، والتي كان الحشد الشعبي ثمرة هذه الوحدة. فلماذا يجب السماح للأمريكي بأن يجعل من معركة الموصل معركة خاسرة؟ أليس هذا هو السبب الحقيقي وراء السعي الحثيث لمنع قيادة الحشد الشعبي للعملية؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق