هل تحول السعودية وتركيا الحرب باردة في سوريا الى حرب بالحمم والنار ؟
بعد 5 سنوات من قتل البشر و تدمير الحجر و النفوس و الحضارة و التاريخ، تبدو سوريا و لأول مرة ساحة لصراع الكبار، ها هو رئيس الوزراء الروسي “دیمتري مدفيدف” يعلن ” أن ثمة حرباً باردةً قد اندلعت”، و في هذه الحرب هناك لاعبون كثر، لكن عند الجميع مصالح تتناقض كثيراً و تتلاق قليلاً. الشعب السوري يدفع ثمناً من دمائه و لحمه و أرضه و تاريخه، و المستقبل غامض حتى لو بدى أنه يميل بقوة الى روسيا و محور المقاومة و في ما يحرص الكبار كأمريكا و روسيا على عدم انزلاق الحرب الباردة الى حرب بالحمم و النار فان دول اقليمية تسعى لتحسين شروطها ودورها.
قوی المقاومة و الجيش السوري و الأكراد يربحون ميدانياً في سوريا، هذه الانتصارات دفعت بالسعودية و تركيا الى التحرك، فتهددان و تناوران عسكرياً خصوصاً أن لتركيا شبحاً أخر اسمه الكرد الذين يقاتلون بشراسة و يربحون. و ها هو الرئيس السوري “بشار الأسد” المرتفعة معنويات جيشه خلال التقدم السريع في الشمال، يقول أنه يجب عدم اعطاء السعودية و تركيا حجماً اكبر منهما، ذلك لأنهما ينفذان رزنامة أسيادهما. فترد أنقرة و الرياض أن القرار السوري لم يعد سورياً بل أصبح ايرانيا روسياً، و أنه لابد من اسقاط الرئیس “بشارالاسد”. فما هي مألات الحرب السورية؟ و هل تنجح دول صغيرة كالسعودية و تركيا الى جر الكبار الى اشعال الحرب الباردة؟
منذ بداية الأزمة السورية، اختار النظام التركي و النظام السعودي أن يلعبا دوراً سلبياً في سوريا، دور التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، و عوضاً عن جمع أفرقاء البيت الوحد، أخذا يعملان على التفرقة و دعم الارهاب من نصرة و داعش و أخواتهما. و في الأونة الأخيرة قامت السعودية و حلفائها الى حشد طائراتها في تركيا تحت عنوان محاربة داعش. و اعتقد بعض المحللين السياسين أن السعودية مضغوط عليها من قبل “كيانات صغيرة” (الكيان الاسرائيلي) من اجل تحقيق انتصار استراتجي يقلب المعادلة من جديد. و يمكن القول أن هذه الكيانات هي المتحكمة في ادارة الصراع في المنطقة سواء مباشرة أو غير مباشرة عبر أدواتها السعودية التركية. لذلك تسعى هذه الكيانات الى اغراق المنطقة في صراع كبير ينتج عنه تقسيما للواقع بطريقة أو بأخرى كتوريط السعودية في الحرب السورية.
احتمال التدخل السعودي التركي وارد، و لكن على ما يبدو أن التهديد قد ضبط في الأيام القليلة الماضية، حيث هناك توجه غربي الى ضبط الوضع. و لوحظ أيضاً تبدلاً في المواقف التركية و الأمريكية بأن الحل العسكري يزيد من المشاكل، أيضاً مطالبة مجلس الأمن تركيا بعدم خرق القانون، و اعلان روسيا عن بدء تنفيذ وقف اطلاق النار في الشمال السوري و غيرها من الأمور تبدو أشبه بمهدئات من أجل منع اشتعال المنطقة حيث لا يستطيع أحد تحمل تبعات و نتائج الفوضى التي ستعم المنطقة بعد التدخل السعودي التركي في سوريا.
و على ما يبدو أن عام 2016 سيكون عام التسويات و التفاهم الروسي الامريكي، و على ما يبدو أيضاً أن التهديد السعودي التركي ليس الا محاولة من أجل الحصول على دور في التسويات المقبلة، و تأكيداً على فشل المشروع السعودي التركي في سوريا، قال الأمين العام لحزب الله السيد “حسن نصرالل”ه في حفل ذكرى القادة الشهداء أن ” المشروع التركي باعادة أمجاد السلطنة العثمانية قد فشل و سقط في سوريا، و لو نجحت تركيا في سوريا كان يعد لها أن تمتد الى لبنان و الأردن و العراق و مصر و دول أخرى، و المشروع السعودي في سوريا أيضا سقط و لم يجني الا الخيبة و هو يتجرع اليوم كأس أحقاده و فشله” و قال الأمين العام لحزب الله” اذا ما اجوا بتنتهي الأزمة السورية بس بدها وقت، و اذا اجوا انشالله بتخلص قصة سوريا و المنطقة كلها بس بدها وقت”. سوريا هي عامود المقاومة و ستبقى كذلك.
فما نشهده في المنطقة هو عملية انتقام كبير ل 11 أيلول في عملية تدمير البرجين من الفكر التطرفي، و هذا الانتقام يحتاج الى ساحات تحولت فيها سوريا و العراق الى نقطة جذب لكل عناصر التطرف بتنسيق واضح ليصبحوا تحت مرمی النار، هذه الساحات شارفة على النهاية و لكن هناك ساحات أخرى ستخلق من جديد و على ما يبدو أنها في اليمن و ذلك بسبب استلام القاعدة لمساحات كبيرة من المناطق التي تسيطر عليها “قوات التحالف” التي ستترك انعكاسات خطيرة خصوصاً اذا تقرر خروج جيش سعودي-تركي باتجاه سوريا.
المصدر / الوقت