السيسي أمام منتدى التجارة نتطلع لاستكمال الطريق البري الرابط بين “القاهرة” و”كيب تاون” >
القاهرة – الرأي – رباب سعيد
افتتح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، صباح اليوم، فعاليات منتدى التجارة والاستثمار في أفريقيا “إفريقيا 2016” والذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ المصرية، وذلك بحضور عدد من رؤساء وملوك إفريقيا.
وقدم “السيسي” الشكر للمشاركين في أعمال المنتدى والذي يأتي عقب شهور قليلة من محطة فارقة في مسيرة العمل الإفريقي المشترك، عندما احتضنت شرم الشيخ في يونيو من العام الماضي، مراسم التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة للتكتلات الاقتصادية الثلاث: “كوميسا، سادك، والمجموعة الاقتصادية لدول شرق إفريقيا”، التي أطلقت أكبر تكتل تجار في إفريقيا، ليكون بمثابة اللبنة الأساسية لتحقيق آمالنا في إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية، التي نتطلع لإطلاقها خلال الفترة القادمة، كإنجاز حقيقي على صعيد جهودنا الحثيثة نحو الاندماج الإقليمي.
تحقيق التنمية الذي يعتبر بحق التحدي الرئيسي الذي نجابهه جميعا، يستدعى منا تطوير آليات العمل الإفريقي المشترك، والأخذ بنموذج التكامل والاندماج الإقليمي، بخاصة في ضوء الارتباط الوثيق بين متطلبات التنمية الاقتصادية في إفريقيا، والحاجة إلى تنفيذ مشروعات إقليمية عملاقة في مجالات عدة، بما في ذلك البنية الأساسية، فضلا عن تعزيز تنافسية أسواقنا الوطنية، بما يزيد من قدرتها على جذب الاستثمارات والنفاذ إلى الأسواق الدولية، أخذا في الاعتبار التحديات المتزايدة التي يواجهها الاقتصاد العالمي.
وقال “السيسي”: أود التأكيد كذلك على أهمية محور تنمية القدرات البشرية في عملنا المشترك، وإيلاء الاهتمام الكافي بالشباب الإفريقي، الذي يشكل عماد حاضر القارة وأساس مستقبلها، ويتعين الاستثمار فيه بزيادة الاهتمام بالتعليم وتطويره على نحو يتيح للشباب اكتساب المهارات اللازمة، للانخراط بكفاءة في سوق العمل، ورفع معدلات الإنتاجية والنمو، وكذا التركيز على التحول إلى مجتمعات المعرفة، بتطوير مجالات البحث والابتكار كركيزة أساسية للانطلاق إلى المستقبل.
واتصالا بذلك، يأتي حرص مصر على مواصلة دورها النشط في تطوير القدرات المؤسسية والبشرية للدول الإفريقية، لا سيما الكوادر الشابة، وذلك من خلال آليات وطنية عدة، ومنها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي أنشئت عام 2014، استكمالا لجهد ودور ممتد اضطلع به الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا، في بناء القدرات الإفريقية، وفتحت مصر أمام الأشقاء الأفارقة من خلال الوكالة الجديدة، أبواب مختلف مراكز التميز والمؤسسات التدريبية، وبأسلوب خلاق يستحدث ضمن آلياته سياسات مبتكرة وفعالة، إيمانا منا بأن العبور للمستقبل يتطلب الأخذ بناصية العلم والتكنولوجيا، وإعداد أجيال لديها القدرة على مواجهة تحديات الحاضر واستشراف آفاق المستقبل.
وأضاف “السيسي”: أضحت قارتنا الإفريقية محط اهتمام متزايد من قبل العالم أجمع، لا سيما بعد أن قطعت العديد من دولها شوطا طويلا في تحديث بنيتها الاقتصادية والتشريعية، لتتواكب مع الوتيرة المتسارعة لمتطلبات التنمية والاستثمار، كما تعددت وتعمقت أطر التعاون الاقتصادي بين الدول الإفريقية وشركائنا في التنمية، وبما يتزامن مع ما تم تحقيقه في عدد من دولنا من معدلات نمو، تجاوزت متوسط النمو العالمي خلال السنوات الأخيرة.
وعن أوضاع اقتصاديات الدول الأفريقية قال “السيسي”: رغم الأزمات المتلاحقة التي عصفت بالاقتصاد العالمي خلال السنوات الماضية، تضمنت قائمة الدول ذات الاقتصاديات الأسرع نموا في الفترة الأخيرة 10 دول إفريقية على الأقل، كما ارتفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول الإفريقية بأكثر من 5 أضعاف خلال الأعوام العشرة الأخيرة، وهي كلها مؤشرات تؤكد ثراء قارتنا بالموارد البشرية والاقتصادية اللازمة لتحقيق التنمية المنشودة.
وعن التعاون المصري الأفريقي قال “السيسي”: إنه لمن دواعي فخرنا ما حققناه ونحققه في مصر على صعيد تفعيل مبادئ التعاون والتكامل الإفريقي، حيث سارعت الشركات المصرية للاستثمار في الأسواق الإفريقية، حتى بلغ حجم استثماراتنا في دول القارة أكثر من 8 مليارات دولار، ساهمت في خلق عشرات الآلاف من فرص العمل، بخاصة في قطاعات التشييد والبنية التحتية والطاقة والتعدين والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
كما وصل حجم تجارتنا مع أشقائنا الأفارقة إلى 5 مليارات دولار، ونستهدف مضاعفته خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ونأمل في أن تصب تلك الجهود بفعالية لصالح مضاعفة التجارة الإفريقية البينية، التي لا تمثل حتى الآن سوى 12% فقط من حجم تجارة القارة مع العالم، وهو ما لا يتناسب مع مقومات وإمكانات التكامل الاقتصادي فيما بين دولنا الإفريقية.
واتصالا بذلك، شاركتم معنا في أغسطس من العام الماضي، في افتتاح قناة السويس الجديدة، كخطوة أولى في مشروع ضخم وطموح، سيسهم في دفع حركة التجارة الإفريقية مع الأسواق العالمية، ويعزز مقومات التصنيع والتصدير من خلال المناطق الصناعية واللوجستية التي سيتم إنشاؤها في منطقة القناة، كما نتطلع لاستكمال إنشاء الطريق البري الذي يربط مدينة “القاهرة” بمدينة “كيب تاون”، مرورا بعدد من العواصم الإفريقية، وكذا مشروع الخط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وهي مشروعات تستهدف تحديث البنية التحتية لشبكات النقل والمواصلات، لخدمة أهداف التكامل الاقتصادي والتنمية في القارة الإفريقية.
وفي هذا الإطار، واتصالا “بأجندة 2063” التي أقررناها جميعا كرؤية إفريقيا لتحقيق التنمية الشاملة، جاءت دعوتنا لعقد هذا المنتدى لدفع التجارة والاستثمار في قارتنا، بما يعزز من وضعية إفريقيا في الاقتصاد العالمي، فالمنتدى لا يستهدف فقط تعريفكم وتعريف مجتمع الأعمال العالمي بالفرص الاستثمارية التي تزخر بها القارة الإفريقية، وما تملكه من سوق ضخمة وإمكانيات هائلة وقوة بشرية شابة، وإنما يهدف أيضا إلى فتح قنوات مباشرة وفعالة للتواصل والتعاون فيما بين ممثلي مجتمع الأعمال الإفريقي ونظرائهم في العالم.
وعليه، حرصت مصر عند طرح فكرة عقد المنتدى، على أن يكون بمثابة ملتقى لممثلي الحكومات والقطاع الخاص وأصحاب المصالح من داخل القارة وخارجها، وتم صياغة برنامجه بعناية ووفق رؤية واضحة، بهدف بلورة أفكار ومبادرات تعاون جديدة لتنفيذ مشروعات تنموية وخدمية رائدة، ولدعم القدرات البشرية للقارة الإفريقية، بما يخدم أهدافها التنموية.
واليوم مع افتتاحنا لأعمال المنتدى، أدعو أشقائي من القادة الأفارقة وكذلك مجتمعي الأعمال الإفريقي والدولي وشركاءنا في التنمية، إلى أن نضع سويا اللبنات الأولى لإطلاق العديد من المشروعات والمبادرات التنموية، وفق إطار يراعي التوازن المطلوب بين الطموحات المشروعة لأبناء القارة في غد أفضل، وبين تطلع شركائنا في التنمية إلى حوافز وعوائد تفتح آفاقا أرحب لمزيد من الاستثمارات وتدفقات رؤوس الأموال.
وفي ختام كلمته أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسي عن أمنياته أن تخلص أعمال المنتدى إلى ما نتطلع إليه من آمال وطموحات، وأن يكون المنتدى خطوة هامة ومحورية على مسار نشارك جميعا في صياغة معالمه، بهدف إنجاز ما تصبو إليه شعوبنا من تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة وحياة كريمة لمواطنينا والأجيال القادمة.انتهى