من الفتور الى الصراع الدموع : حقيقة التحالف السعودي والإماراتي في اليمن
إن فتور العلاقات بين الطرفين السعودي والإماراتي ليست بالأمر الجديد، في حين أن الصراع الحاصل اليوم بين الطرفين، لا سيما في اليمن، تخطى حدود التوقعات. ولعل لذلك العديد من الأسباب والدلالات التي يجب الوقوف عندها. فيما يطرح العديد من المراقبين، كيف أصبح اليمن ميداناً لتصارع الطرفين. فماذا في الصراع بين الإمارات والسعودية؟ وما هي أسبابه؟
إن فتور العلاقات بين الرياض وأبوظبي، كان نتيجة العديد من الملفات التي أدت الى تأزيم هذه العلاقة. وهنا فإن محاولة الإمارات التقرب من إيران، الى جانب العديد من الخلافات الأخرى والتي تتمثل بالعلاقة مع تركيا ومصر والنظرة للإخوان المسلمين، كما الخلاف التاريخي حول الحدود، كلها أسبابٌ أدت الى جعل اليمن اليوم ساحةً للتصارع، ولو كان دموياً. وهنا نشير للتالي:
شكلت مدينة عدن، ساحة صراع بين ما يُسمى بالحلفاء(السعودي والإماراتي)، فقد أشارت مجلة “شؤون خليجية” والمقربة من الرياض، في مقالٍ تحت عنوان “يد الإمارات الخفية في اليمن”، اتهمت فيه الإمارات بالإلتفاف على المكاسب العسكرية التي حققتها ما أسمتها “المقاومة الشعبية اليمنية” على الأرض وسيطرتها على العديد من المدن الجنوبية، مما أخَّر تحرير صنعاء، بحسب المجلة.
لكن هذا الصراع والذي يدفع اليمنيون ثمنه، تطور الى حالة الدموي، حيث استهدفت ولأكثر من مرة غارات جوية، نقل الإعلام العربي بأنها “مجهولة المصدر”، قوات موالية للسعودية في عدن وأبين. فيما أشارت مصادر مقربة من السعودية، الى مسؤولية الإمارات عن ذلك.
وهنا فإن ما يجري منذ فترة ليست بجديدة، فقد نقلت صحيفة “ميدل أيست آي” العام المنصرم، مقالاً للكاتب البريطاني “ديفيد هيرست”، والذي تحدث فيه عن أن الإمارات لم تكن ترغب في دخول الحرب على اليمن بقيادة الرياض، لكنها قامت بذلك، في محاولةٍ لمنع تفرُّد السعودية بالنجاح، الى جانب جعل اليمن ساحة للصراع على ما يُسمى بـ “قيادة العالم السني”.
إذن ليس الصراع الإماراتي السعودي في اليمن بجديد، بينما يدفع الشعب اليمني فاتورة هذا الصراع. وهو ما يمكن إعادة أسبابه للتالي:
تعتبر الإمارات بأن الرياض تُهيمن على قرار دول مجلس التعاون. وبالتالي، تخشى الإمارات من سيطرة آل سعود على اليمن. فموقع اليمن الإستراتيجي، من الناحيتين الإقتصادية والسياسية، سيجعل الرياض مسيطرة على موقع مطل على البحر الأحمر من جهة، والمحيط الهندي من جهة أخرى، مما سيحقق للسعودية إمتيازات إقتصادية كبرى، وهو ما سيزيد من فرص هيمنة السعودية على مجلس التعاون، واقصاء دور الإمارات.
من هنا فإن قدرة الرياض على التحكم (حالياً) بقرار مجلس التعاون، يجعلها أقدر على زعامة ما يُسمى بـ “العالم السني”. وهو الأمر الذي لا تريده الإمارات. فأبو ظبي ليست مرتاحة للتقارب التركي السعودي المرحلي، وهي التي لا تتفق مع السعودية من جهة، وتختلف مع أنقرة التي تعتبرها تسعى لإحياء الخلافة العثمانية بحسب وزير خارجية الإمارات، من جهةٍ أخرى. الأمر الذي يدفعها لمقارعة سياسة الطرفين، دون تخطي المصالح الأمريكية.
أيضاً تلعب سياسة الرياض دوراً كبيراً في ردات فعل الإمارات. فالمطامع السعودية بالنفط اليمني، تحديداً محاولة الرياض السيطرة على حقل “واعد” الممتد من محافظة الجوف في اليمن حتى صحراء الربع الخالي، يجعل السعودية قادرةً على الإستغناء عن مضيق هرمز، وتأمين تصدير نفطها عبر بحر العرب. الى جانب نية الرياض بناء جسر يربط بين اليمن وجيبوتي، مما يعني ربط قارة آسيا بأفريقيا، وبالتالي يعتبر ممراً تجارياً عالمياً هاماً، وهو ما يضرب ميناء دبي ويشكل مصدر قلق للإمارات.
العديد من الأسباب تكمن وراء الخلافات الإماراتية السعودية. في حين تدفع المنطقة ثمن ذلك. فبين المُعلن والخفي، فرقٌ كبير. فيما يبدو واضحاً بأن الخفي بين الطرفين، يُظهره سفك دم الشعب اليمني. فالصراع في اليمن، أظهر حقائق العلاقة بين الأطراف المشاركة في العدوان على اليمن.
أما بالنسبة لآخر التصريحات الإماراتية، فلم يُخف وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش استعداد الإمارات للمشاركة في قوات برية في إطار عملية في الأراضي السورية، لكنها أكد شرط أن لا تكون بقيادة الرياض. وهو الأمر الجديد الذي يوضح حجم الخلافات، كنتيجةٍ للحرب على اليمن.
إذن ليس بالضرورة أن تكون التحالفات، مبدئية. فيما يبدو واضحاً أن أهداف العدوان على اليمن، لم تكن واحدة. فبينما سعت الرياض لإرضاخ الشعب اليمني، شاركتها الإمارات في ذلك، في محاولةٍ لإستنزافها، أو منعها من التفرد بأي إنجاز. في وقتٍ أصبح فيه الدم العربي، أداة مقامرة هذه الدول. وبين الخفي والمعلن، تنتقل العلاقة بين الإمارات والسعودية، من الفتور للصراع الدموي، وعلى الأرض اليمنية.
المصدر / الوقت