وزارتنا عربيتان في الإمارات : اية السعادة والتسامح
خطوة مثيرة للعجب إن لم تكن للسخرية، هكذا يمكن وصف استحداث حكام الامارات لوزارتين جديدتين اولهما للسعادة وثانيهما للتسامح، وقد علقت صحيفة نيويورك تايمز على هذه الخطوة بالقول “ان حكام دول مجلس التعاون ادركوا ان شراء السعادة بالاموال المتدنية للنفط هو غير ممكن فاستحدثوا وزارة للسعادة”.
وقد اضافت نيويورك تايمز ان ايجاد مثل هذه المؤسسات لاينطلي على الشعب الاماراتي واشارت الى كلام “نيكولاس ماك جيهان” وهو احد باحثي منظمة “هيومن رايتس ووتش” التابعة للامم المتحدة الذي قال تعليقا على استحداث هاتين الوزارتين في الامارات “ان ايجاد وزارة للسعادة في بلد يراقب بقوة مواطنيه ليس الا سرابا وخدعة وان مواطني هذا البلد هم سعداء مازالت افواههم مغلقة وهذا امر بديهي وواضح في الامارات”.
التبعية للغرب
ان نسبة مشاركة النساء في الوزارات الاماراتية بلغت تقريبا 50 بالمئة وهذا يمكن اعتباره استنساخا عن النمط الغربي في ادخال النساء الى معترك السياسة حيث ان هناك الان 9 وزيرات في بريطانيا من اصل 21 وزارة، وفي فرنسا ايضا نجد ان 50 بالمئة من الوزراء هم من النساء كما هناك عدد من النساء في الحكومة الامريكية، لكن الفرق بين الامارات والدول الغربية هو ان الوزيرات في الدول الغربية يتصدين لحقائب سيادية واستراتيجية على عكس الامارات والدول العربية وهذا يدل ان منح مناصب وزارية للنساء في الامارات هو اجراء شكلي وهامشي.
انتهاك حقوق النساء
رغم كافة محاولات حكام الامارات لطمس الحقائق وخداع الرأي العام لكن الحقيقة هي ان حقوق المراة تنتهك بشكل علني في هذا البلد فبمجرد وجود صلة عائلية بينهن و بين احد المعارضين الاسلاميين او النشطاء الحقوقيين والسياسيين يتعرضن لأشد انواع الضغوط والاعتداءات وعلى سبيل المثال يمكن الاشارة هنا الى قضية 3 مواطنات اماراتيات هن “أسماء ومريم واليازية” واللآتي تم اعتقالهن فقط بسبب صلة القرابة مع شقيقهن “عيسى السويدي” الذي يعتبر من النشطاء السياسيين في الامارات وهو قابع في السجن منذ منتصف عام 2012 بتهمة التعبير عن الرأي.
كما يمكن الاشارة ايضا الى قضية زوجة الناشط السياسي الاماراتي “محمد صقر الزعابي” الذي اعتقل في عام 2014 وقد تم اعتقال زوجته ايضا فقط بسبب صلتها العائلية بزوجها بعد فترة وجيزة من اعتقال “الزعابي”، وفي احدث نماذج الانتهاكات اعتقلت السلطات الاماراتية 3 من بنات “محمد العبدولي” وهو ناشط سياسي اماراتي معروف في شهر نوفمبر الماضي.
ان السلطات الاماراتية تمنع اقرباء الناشطين الاماراتيين من العمل وتحرمهم من التعليم والحضور في الاجتماعات والسفر ولاتجدد لهم بطاقات هوياتهم ولاتمنح الجنسية الاماراتية لابناء الناشطين السياسيين وتسحبها منهم، وهذا غيض من فيض.
وفي هذا السياق ايضا يقول المساعد الاسبق لوزير المالية الاماراتي والخبير في شؤون التخطيط والميزانية “جاسم راشد الشامسي” في مقال كتبه ردا على استحداث وزارة السعادة في الامارات ” هل الامارات دولة يوجد فيها التسامح ليشعر شعبها بالسعادة؟ هل يمكن ايجاد وزارتين للسعادة والتسامح في وقت تقوم الاجهزة الامنية والمخابرات باعتقال مئات المواطنين الابرياء وتعذيبهم بشتى انواع التعذيب؟ هل يمكن للشعب الاماراتي ان يكون سعيدا في وقت لايسمح له بالتعبير عن شعوره وآرائه؟”
ويقول “الشامسي” ان هناك 204 سجناء سياسيين على الاقل في الامارات وان 69 معارضا سياسيا قد حكم عليهم بالسجن بين 3 و15 سنة دون تفهيمهم التهم الموجهة ضدهم ودون اثبات هذه التهم كما تستخدم السلطات الاماراتية الشبكات المتطورة التجسسية ضد المواطنين وهناك ايضا الاعتقالات التعسفية والتمييز الطائفي والمذهبي بالاضافة الى عدم وجود صحافة ووسائل اعلام ومراكز ابحاث ودراسات حرة وشعبية، فكيف يمكن ان يشعر الامارتيون بالسعادة؟
ان المعارضين الاماراتيين ليسوا ملاحقين في بلادهم فقط بل يتم ملاحقتهم ايضا في الخارج بالتعاون مع اجهزة الامن والمخابرات الاجنبية، ومن جانب آخر يعلم الجميع بملفات الفساد الاخلاقي لحكام الامارات والتي اصبحت علنية حيث بات معروفا ان اماكن ودور الفساد في الامارات يديرها حكام هذا البلد.
والان وبعد كل ما ذكرناه وكذلك تقارير المؤسسات الدولية التي تؤكد تراجع مكانة الامارات الاقتصادية والسياسية والحقوقية ومعايير النمو والتطور في هذا البلد هناك سؤال يطرح نفسه بقوة وهو “كيف سيكون مستقبل المواطنين الاماراتيين وكيف يستطيع هؤلاء المواطنون ان يشعروا بالسعادة في هذا البلد؟”
المصدر / الوقت