التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

خفايا التوقيت الذي اختاره الرئيس الأسد ليحدد موعد الانتخابات البرلمانية 

يجري الحديث في سورية عن وقف إطلاق النار مطلع الإسبوع القادم على أن تستثنى منه الجماعات الإرهابية مثل “تنظيم داعش” و”جبهة النصرة”، وقبل أن يتم الإعلان النهائي عن تفاصيل التوافق لوقف إطلاق النار كان الرئيس “بشار الأسد” قد حدد موعد انتخابات مجلس الشعب في سورية، تزامن هذين الحدثين يعيد إلى الأذهان الخطاب الذي ألقاه الرئيس السوري منذ ما يقارب الثلاث السنوات والذي أعلن فيه أن “الإصلاح دون أمان كالأمان دون إصلاح، لا ينجح أحدهما دون الآخر…الإصلاح والسياسة بيد والقضاء على الإرهاب باليد الأخرى”.

لم يكن التوقيت الذي اختاره الرئيس “بشارالأسد” ليعلن موعد الانتخابات النيابية عفويًا، فالتوقيت هذا بمثابة تأكيد بأن الإصلاح قائم ولا زال في ذاكرة الحكومة السورية، إلا أن المجال لن يكون مفتوحًا أمام إصلاحات وتطويرات جوهرية في ظل الإرهاب الذي يعصف بالبنية التحتية والفكرية في سورية، فالإصلاح يُبنى على الديمقراطية التي تشمل نوعين أساسيين، ديمقراطية سياسية تتعلق بمصدر السيادة والسلطة وحقوق المواطن السياسية ومساهمته في الانتخابات وتشكيل الأحزاب وإبداء الرأي ونشره، وديمقراطية اجتماعية وهي الأهم بالنسبة للمواطنين إذ تقوم على تحسين أوضاع المواطن المادية، ونشر مبدأ العدالة الاجتماعية من خلال توزيع الخيرات على كل المواطنين في البلاد.

من الطبيعي أن يتعارض الإرهاب مع الإصلاح، فكيف سيكون هناك ديمقراطية سياسية وهناك من يذبح مخالفيه بالفكر، وكيف سيكون هناك ديمقراطية اجتماعية والإرهاب دمر البلاد ونهب خيراتها وسيطر على مناطق عديدة فيها طاردًا البشر ومدمرًا للحجر!، ولهذا اختار الرئيس السوري الوقت الراهن ليحدد موعد الانتخابات، ليلمح إلى أن الدولة السورية تعمل على نشر الديمقراطية والقيام بالإصلاح بشكل متزامن مع وقف إطلاق النار وعودة الأمن والأمان إلى أرض الوطن.

إن هذه الانتخابات التي ستجريها الدولة السورية في ظل التحديات الأمنية و السياسية الكبيرة التي تواجهها تشير إلى ديمقراطية الحكومة السورية، فانتخابات مجلس الشعب ليست الانتخابات الوحيدة في سورية وهناك انتخابات كثيرة يقوم عليها نظام الحكم في سورية وعلى رأسها الانتخابات الجمهورية، واللافت أن مجلس الشعب متاح لجميع المواطنين السوريين على اختلاف طوائفهم وقومياتهم، ولكل الطوائف مقاعد ثابتة في مجلس الشعب يتناسب عددها مع حجم الطائفة والنسبة التي تشكلها من الشعب السوري، كما أن المرأة تستطيع الترشح إلى الانتخابات مثلها مثل الرجل، وهذه ظاهرة تشير إلى أن الديمقراطية في سورية تقوم على الوحدة الوطنية التي لا تنفك عن إشراك الجميع في صنع القرار وإدارة البلاد وتطويرها.

تحديد يوم محدد لإقامة الانتخابات وقبل فترة زمنية تزيد عن الشهر والنصف يشير إلى مدى ثقة الجيش السوري بقدرته على حفظ الأمن ومنع الجماعات الإرهابية من الإخلال بسير العملية الانتخابية، وفي هذا تحدٍ كبير للدول التي تدعم هذه الجماعات والتي تحاول النيل من استقرار وأمن وسيادة الدولة السورية.

الانتخابات التي ستجري في الأربعاء الواقع في 13 نيسان من العام الجاري تمثل اختبارًا كبيرًا للمجتمع الدولي الذي يجب عليه دعم العملية الانتخابية وتسهيل جريانها، بالإضافة إلى الضغط على المعارضة السورية لتشارك في الانتخابات بشكل حر ونزيه، وإلا فإن أي اعتراض على هذه الانتخابات أو عرقلة لها من المعارضة أو الدول الداعمة لها سيكون بمثابة عدم جدية الغرب في نشر الديمقراطية في سورية، وعدم رغبته بإنهاء حمام الدماء الذي أعدته هذه الدول.

إن سورية بنظامها الحالي تمثل دولة ديمقراطية بحتة، وهي ليست بحاجة إلى دروسٍ في الديمقراطيات والحريات، والشعب السوري بكافة طوائفه يثق بجيشه في إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد، كما يثق بحكومته وقياداته في نقل سورية إلى بر الأمان ووضعها على سكة الإصلاحات و التحديثات بما لا يتنافى مع وحدة أراضيها واستقلال قرارها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق