دعوة الأزهر للتقريب بين الشيعة والسنة … البحرين والسعودية خارج السرب
الوقت- ليست المرة الأولى التي يوجه فيها عالم دينٍ سواء كان سنياً أو شيعاً دعوةً للتقريب بين طرفي الإسلام وجناحيه ونبذ الخلافات والتأكيد على أن الخلاف بين المذهبين ليس كبيراً إلى حد الخصومة والصراع وإنما جوهر الخلاف هو على فروع الدين وليس على أصوله التي يجمع علماء المذاهب جميها عليها باعتبارها جوهر الدين الإسلامي وروحه.
ترددت أصداء دعوة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في اندونيسيا للتقريب بين مذهبي الشيعة والسنة في قوله “الشيعة والسنة جناحا الإسلام، ومن الضروري التقريب بينهما” حيث جدد شيخ الأزهر دعوته للشيعة بالالتقاء مع الأزهر لتحريم قتل أي مسلم سني أو شيعي، معتبراً “الخلافات بين السنة والشيعة فرعية فقط ولا تمس الأسس والثوابت التي يقوم عليها الدين”.
خطوة هامة جداً وأساسية قام بها شيخ الأزهر لتخفيف حدة التوتر القائمة بين أتباع المذهبين الشيعي والسني، لتتلاقى مع الدعوات التي تطلق سنوياً من طهران خلال أسبوع الوحدة الإسلامية التي دعا إليها مفجر الثورة الإسلامية في إيران روح الله الخميني لجعل الخلاف مورد توافق ولتبدأ وحدة المسلمين من اختلافهم على تاريخ مولد نبيهم، حيث كانت الجمهورية الإسلامية هي أولى السباقين إلى الدعوة للحوار بين المذاهب والأديان انطلاقاً من أسبوع الوحدة الإسلامية، وقد حققت خطواتٍ هامة جداً في هذا المجال حيث يجتمع علماء دينٍ من أكثر من 53 دولة إسلامية في طهران للمشاركة بفعاليات أسبوع الوحدة الإسلامية الذي يقام سنوياً من 12 إلى 17 من شهر ربيع الأول.
لم تتوانى إيران عن مد يدها لإخوانها أهل السنة في كل مناسبة أو جلسة دينية، إذ يَعتبر القادة في إيران أن الدين الإسلامي يكتمل ويقوى بإتحاد العالم الإسلامي السني والشيعي ونبذ الفرقة والخلاف والتوجه إلى تحصين البلدان الإسلامية من التدخلات الخارجية التي تسعى لها الأيادي الأمريكية التي تحركها السواعد الإسرائيلية، وعلى الرغم من أن الدعوة التي وجهها شيخ الأزهر للتقريب بين الشيعة والسنة جاءت متأخرة قليلاً إلا أنها تستطيع أن تصنع معجزة إذا التقت مع دعوات طهران والحوزة العلمية في قم والنجف الأشرف.
يجمع العالم الإسلامي على رفض الخلاف بين الشيعة والسنة والدعوة إلي الحوار والتقارب والتوحد في وجه المخططات التي تستهدف الوجود الإسلامي الشيعي منه والسني في المنطقة، ومايحدث في العراق وسوريا واليمن والبحرين ماهو إلا دليلٌ على الخلاف الديني القائم، وليتلافى العالم الإسلامي هذه الخلافات والتعصب والتطرف الذي تشهده البلاد الإسلامية لابد من التوحد حول كلمة واحدة تجمع المسلمين السنة حول مرجعية واحدة تتبع قائداً واحداً يوحد الصف السني الذي يعاني وللأسف الشديد من تعدد المرجعيات، فالسعودية تعد قطباً للمسلمين السنة والأزهر الشريف يعد القطب الآخر والإختلاف بين هاتين المرجعيتين يمكن أن تكون آثاره مدمرة.
فالأزهر يدعو إلى المسامحة والإعتدال ونبذ الخلافات بينما تقوم السعودية والدول الخليجية وخصوصاً البحرين بعكس ما يدعو له الأزهر، فالبحرين والسعودية لا يعتبران بأن للشيعة حقوق وحرمة وأموالهم ودمائهم محرمة، إذ تحاصر البحرين علماء الشيعة هناك وتعمل على ملاحقتهم في كل المجالات وحتى تهدد قادة الشيعة بسحب الجنسية البحرينية منهم، وهددتهم بمنعهم من إقامة المراسم الدينية ومراسم العزاء.
في حين قامت السعودية قبل وقت بإعدام رجل الدين الشيعي الشيخ النمر في إطار السياسة التي يتخذها آل سعود ضمن تقييد حرية أتباع المذهب الشيعي ورفض إعتبارهم مواطنون سعوديون من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى الفكر السلفي التكفيري المتشدد الذي تصدره السعودية والذي انتشر في البلاد الإسلامية كما السرطان الذي ينتشر في الجسم فعاث في العراق وسوريا واليمن ولبنانَ فساداً وأثخن الجراح في جسد الأمة الإسلامية، لم يمتنع عن هتك الحرمات ولا عن إرتكاب المحرمات وفعل المحظورات، لم يسلم منه الحجر ولا البشر، دماء الأطفال والشيوخ والنساء لم تعد تروي حتى جشعه وحقد صانعيه ومموليه ومعلميه.
ولابد لنا من أن نستذكر الكثير من دعاة الدين الذين لاعلاقة لهم بالدين، بإعتبار الدين بالنسبة لهم وسيلة لتحقيق أهدافهم الشخصية والشيطانية. ومن هؤلاء الأشخاص الشيخ القرضاوي عندما دعا المسلحين في سوريا إلى قتل كل مؤيد للرئيس السوري بشار الأسد سواء كان مدنياً أو شيخاً أو عسكريا جاهلاً كان أم عالماً، حيث دعا أيضاً إلى استهداف وقتل علماء الدين الذين لم يعلنوا تأييدهم للمسلحين ومن ضمن علماء الدين كان رئيس إتحاد علماء بلاد الشام الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الذي أغتيل بعد خطاب القرضاوي بوقت قصير داخل مسجد الإيمان بدمشق خلال تفجيرٍ إرهابي إستهدفه مع المصلين هناك.
الوحدة الإسلامية التي يدعو لها كل من علماء الشيعة في الجمهورية الإسلامية والعراق ولبنان وعلماء السنة في الأزهر الشريف هي الضامن الوحيد الذي يحصن العالم الإسلامي من الدمار ويمنع سفك دماء المسلمين في البلاد الإسلامية، التقريب بين الشيعة والسنة والحوار بين علماء المذهبين يمكن أن يعري الأطراف الأخرى التي تتستر برداء الدين الإسلامي لتقوم بأفظع الجرائم وأقبح الممارسات التي يمكن أن تخطر على بال بشر.
الوهابية والسلفية والإسلام المتشدد التابع للمشروع الأمريكي الصهيوني الهادف لتفتيت الدول الإسلامية، يعرف تماماً ماذا يمكن أن يحل به إذا تم التقريب بين المذهب الشيعي والمذهب السني، لذلك تجدهم يفعلون ماأمكنهم لنشر التفرقة وزيادة التوتر الطائفي ونشر الفوضى سعياً منهم لعدم إيجاد تفاهم وكلمة موحدة بين المسلمين بكافة أطيافهم الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى إفشال المخططات التي يعملون عليها.
دعوة الأزهر مهمة جداً ولكن الأهم منها أن نجد لها ثماراً تتحقق على أرض الواقع تحفظ للمسلم حقوقه وحرمته وتؤمن له كرامته التي التي تناوب الكثيرون على سلبها منه جهلاً بحقيقة الدين الإسلامي الشريف أو عنوةً وزوراً خوفاً من الإسلام المحمدي الأصيل الذي يدعو للتسامح والرحمة والمغفرة والعفو عند المقدرة ومسامحة الأخر وعدم سفك الدم وعدم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق