التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

قراءة في المشهد الليبي والتدخل الغربي المرتقب 

تستمر التحضيرات في اطار انشاء غرفة عمليات مشتركة بين امريكا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا في شرق بنغازى، فمؤخراً وصلت قوات فرنسيّة إلى قاعدة “بنينا” الجويّة على ان يتبعها ارسال قوات وطائرات تابعة للدول المشاركة في التدخّل البرّي بليبيا، هذه التحضيرات يرافقها سلسلة من الغارات الجوية التي ينفذها الطيران الحربي الأمريكي على مدن ليبيّة آخرها في مدينة صبراته غرب طرابلس، فيما كثرت التصريحات الغربية على لسان المسؤولين بقرب العمليّة البرية خلال الأسابيع القليلة الماضية. ما سنحاول سرده حول الأهداف من التدخّل الغربي البرّي في ليبيا من جهة وتضوية على واقع الصراع فيها وما يتعلق بالتدخل وآوانه.

المشهد الليبي ما قبل التدخل

هناك مسعى غربي لدعم قوات “حفتر” على حساب باقي القوى الليبية الأخرى، و يعتقد ليبيّاً أن الغرب وخلال الفترة السابقة اتخذ من قوات “حفتر” وجماعة داعش وقوى اخرى منطلقاً و ركيزة لإنهاك ليبيا و تفتيتها، واليوم ومع وجود رغبة امريكيّة بالتدخّل العسكري في ليبيا بأي شكل من الأشكال فيما الطرف الأوروبي وبالتحديد فرنسا وبريطانيا ترى ضرورة اضفاء طابع قانوني ولو شكلي عليه، ومع عدم توفر امكانية تحصيله من الأمم المتحدة لأنه يتطلب موافقة روسيّة، فإن الليبيّين ينظرون إلى حكومة “السراج” على ان الهدف منها شرعنة التدخّل العسكري الغربي ومنح التفويض لها مع تعذره من الأمم المتحدة، وأن الدور الموجود لها توفير ضمان المحاصصة للشركات الأجنبية في المستقبل.

المسعى الغربي لتغليب قوى ليبيّة على أخرى ستعزّز الإختلاف أكثر، واليوم يُنظر على أنه هناك تزامن بين تصعيد حفتر العسكري ووصول قوات غربية داعمة له والغارات الأمريكيّة الفرنسيّة وبين جلسات البرلمان في طبرق لمنح الثقة لحكومة “السراج”، فهناك آلية عمل يراد ايصالها أن “حفتر” وقواته لا يمكن تجاوزها، فهي رقم صعب لأي معادلة جديدة، فيما الإتهامات لوجود عناصر دخيلة على ليبيا بين قوات حفتر من تشاد والسودان ومصر وغيرها.

على ما يبدو وأمام الواقع السوري الجديد وما قد يكون الطرف الامريكي والروسي قد توصلوا اليه ومع وجود اختلافات بين اطرفين حول الملف الليبي أيضاً، فإن الدول الغربية تتبادل التصريحات التي قد تكون متناقضة ظاهرياً في بعضها حول التدخّل وآليته والخطوات المقبلة بهدف انتظار ما سيتبلور خلال الأيام القادمة، وعلى الرغم من ذلك فامريكا بدأت بشن غارات على مدن ليبية وقوات وطائرات فرنسية وصلت، وايطاليا فتحت اراضيها امام الطائرات من دون طيار للتحليق فوق ليبيا من على اراضيها.

ماذا وراء التدخل الغربي؟

أولاً: هناك مخطط غربي أمريكي فرنسي لإشعال منطقة بلدان شمال إفريقيا، هذا المخطط على ما يبدو سيبدأ بالإنطلاق من ليبيا، والإنطلاق منه فيما بعد نحو تونس ومصر، ليتحول المخطط ويطال فيما بعد كافة دول المغرب العربي، ما سيساعد على ذلك المخططات التي سبقتها من خلال تعددية جماعات الفكر التدميري التخريبي في منطقة شمال أفريقيا من داعش إلى القاعدة وغيرها. وما لم يعد خافياً على أحد أن هذه الجماعات لها ارتباطات بأجندات خارجية غربية، والهدف من إشعال منطقة أفريقيا هو إعادة رسم خارطة جديدة لها بناءً على إعادة ترتيب أولويات مصالحها الإستراتيجية من جهة وتوزيع المصالح فيها بين هذه القوى من جديد متناسبة مع التغييرات التي طرأت في منطقة الشرق الأوسط من جهة وحجم كل من الدول الغربية من جهة أخرى.

ثانياً: هناك رغبة فرنسية متزايدة للتدخل الخارجي، ففرنسا تشعر بأن منافسة أمريكية لها في منطقة غرب وشمال أفريقيا قد بدأت تتحرك بقوة، هذه المنافسة ولدت تخوفاً فرنسياً ورغبة لإعادة ترسيم حدود مناطق نفوذها في مستعمراتها السابقة. والإهتمام الفرنسي الزائد في ليبيا يأتي على كونها البوابة الرئيسية لدول غرب أفريقيا خاصة النيجر، رابع منتج عالمي لليورانيوم، حيث تملك فرنسا مناجم كثيرة فيها وتهتم بحمايتها، ويمكن وفق خبراء، أن يكون هذا الأمر الرئيسي الذي يدفع فرنسا إلى الوجود بقوة عسكرياً في محيط حدود النيجر، إضافة إلى استفادة فرنسا بأفضلية تجارية واسعة في ليبيا، فهناك اتفاقات ما زالت قيد التفاوض مع الحكومات الليبية المتعاقبة في مجالات النفط والملاحة الجوية، بالإضافة إلى توريد طائرات إيرباص “ايه 320” للجيش الليبي.

ثالثاً: تخوف فرنسي وغربي من أن تتمدد جماعات الفكر التدميري التي أوجدتها إلى آبار النفط الليبية بعد احكامها على مدينة سرت الساحلية، ومدينة بن جواد التي تعد أهم مدينة في منطقة الهلال النفطي الشرقية حيث توجد كبرى المنشآت النفطية الليبية، إلى استهدف “داعش” المنشآت النفطية في السدرة غرب راس لانوف، و راس لانوف شمالي ليبيا، على حاجز لحرس المنشآت النفطية، أسفرت عن سقوط ستة قتلى. كما وشنّه هجوماً انتحارياً في زليتن غرباً إلى سيطرة الجماعات التدميرية على شريط ساحلي يقدر ب 300 كيلومتر.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق