التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

الکیان الاسرائیلي يخسر الشارع الأوروبي…و الهولوكوست لم تعد تجدي 

يزداد التوتر بين الكيان الإسرائيلي والإتحاد الأوروبي على خلفية الممارسات التي يقوم بها الكيان على أراضي فلسطين المحتلة واستمراره ببناء المستوطنات في مناطق من الضفة الغربية، وبعد التقرير الذي أعده المعهد الإسرائيلي (NRG) الذي قدمه لحكومة رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” في عام 2015، إعتبر الوزير في حكومة نتنياهو “نفتالي بنت” بأن التحدي الرئيسي الذي يواجه الکیان الاسرائیلي هو نظرة شعوب الإتحاد الأوروبي لإسرائيل، ومن الواضح بأن هذا التحدي ازداد بشكل كبير في عام 2016 وأصبح يهدد مصالح الكيان في أوروبا، وبحسب التقرير الذي أعده (NRG) فإن 40% من المواطنون الأوروبيون لديهم نظرة معادية لإسرائيل.

أيضاً قامت الصحيفة الإسرائيلية “جرزاليم بست” بإجراء إستطلاع للرأي في أوروبا حيث يشير هذا الإستطلاع بأن الأوروبيون لديهم نظرة سيئة عن إسرائيل ويصنف السويد وفرنسا بأقل الداعمين للكيان الإسرائيلي في حين أن 54% من الألمان كانت لديهم نظرة إيجابية بالنسبة لإسرائيل مما يضع ألمانيا في صدارة الدول الأوربية الداعمة للكيان الإسرائيلي وهذا مايفسر عدم مقاطعة ألمانيا لمنتجات المستوطنات الإسرائيلية، وأظهر هذا الإستطلاع أيضاً بأن بريطانيا تدعم الكيان الإسرائيلي بنسبة 10% وبولندا بنسبة 6%, مما يدل على أن الكيان العبري ليس لديه أي داعم جدي في أوروبا ماعدا ألمانيا.

ما هي إذاً الأسباب التي أوجدت هذا التوتر بين الكيان الإسرائيلي وأوروبا؟

1- إعتبار حدود 1967 والمستوطنات التي بنيت بعد هذا التاريخ غير شرعية من قبل الإتحاد الأوروبي.

الإتحاد الأوروبي يعترف بحدود 1948 للكيان الإسرائيلي وهنالك جدلٌ حتى الأن على حدود 1967 عندما قام الكيان بحرب وإحتل فيها الجولان السوري وقسم من الضفة الغربية وجزء من قطاع غزة، حيث يعتبر الأوربيون كل المستوطنات التي يبنيها الكيان خارج حدود 1948 غير شرعية، وقام 16 بلد أوروبي من أصل 28 في تشرين الثاني “نوفمبر” 2015 بخطوة مثيرة للجدل ألا وهي مقاطعة البضائع التي تنتجها المستوطنات التي تقع في حدود 1967 والجولان. وفي سياق متصل قال وزير العدل الإسرائيلي رداً على القانون الأوروبي بأن، “الإتحاد الأوروبي يخطو نحو معاداة السامية بإجراءاته، حيث تذكرنا هذه الإجراءات بالأيام السوداء”.

وتعتبر مقاطعة الإتحاد الأوروبي للمنتجات الإسرائيلية ثمرة عمل عدة سنين لمجموعة (BDS) “حركة المقاطعة والعقوبات ضد الكيان الإسرائيلي” التي تدافع عن فلسطين وتدعو لمقاطعة إسرائيل.

وأيضاً يختلف الأوروبيون مع الكيان الإسرائيلي في بنائه المستوطنات في القدس الشرقية وسياسة تهويد القدس التي يتبعها الكيان العبري في تلك المنظقة.

2- حقوق الإنسان ومحادثات السلام

يؤكد الإتحاد الأوروبي دائماً في سياسته الخارجية على حقوق الإنسان ودعم حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، واليوم نجد بأن حملات حقوق الإنسان والإعلام الذي يدعم القضايا الإنسانية أدت إلى الضغط على الإتحاد الأوروبي لإتخاذه موقفاً من الحروب التي تشنها إسرائيل على غزة واستطاعت أيضاً أن تلفت نظر المجتمعات الأوروبية نحو القضية الفلسطينية بشكل كبير.

يقول مؤسس حركة المطبوعات والعلاقات العامة للكيان الإسرائيلي في أوروبا “مناخيم مارغوليم” “نحن نسعي بشكل جدي في هذه الحركة إلى أن نعرض واقع معيشة الشعب الإسرائيلي والاشتباكات اليومية التي تجري مع الفلسطينيين إلى شعوب الإتحاد الأوروبي وإلى أن نوصل لهم الواقع الذي يعاني منه الشعب الإسرائيلي، ولكن نتائج الإستطلاع تظهر بأنه علينا أن نسعى بشكل أكبر في هذا المجال.

حملة الإعتراض على ممارسات الكيان الاسرائیلي بدأت من السويد، عندما قدمت الصحيفة السويدية “أفتن بلادت” تقريراً مروعاً يوضح فيه عملية تجارة أعضاء الفلسطينيين التي يقوم بها الكيان الاسرائیلي. التوتر بين الكيان الاسرائیلي والسويد وصل إلى ذروته عندما طلب رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” إعتذاراً من السويد على خلفية التقرير ورفض الأخيرة الإعتذار بالإضافة إلى انتقاد الإجراءات الأمنية التي تقوم بها حكومة الكيان ضد الإنتفاضة الفلسطينية.

النظرة العامة في دول الإتحاد الأوروبي لم تعد كالسابق فعندما تقوم برلمانات بعض الدول الأوروبية بالتنديد بممارسات الكيان الإسرائيلي فهذا يدل على عمق الخلاف الذي يعصف بالعلاقة مع إسرائيل وما مقاطعة دول الإتحاد الأوروبي لبضائع المستوطنات الإسرائيلية إلا خير دليلٍ على بداية نشوء أزمة ثقة بين الطرفين.

3- خيار حل الدولتين (دولتين لشعبين)

يصر الإتحاد الأوروبي على خيار حل الدولتين وتشكيل دولة إسرائيلية يهودية إلى جانب الدولة الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالتفاوض والعودة إلى عملية السلام، وباعتقاد الأوربيون بأن الحل الأمثل للمشكلة الفلسطينية هو التفاوض والقبول بخيار حل الدولتين، حيث شكل اعتراف الإتحاد الأوروبي بالحكومة الفلسطينية وبدولة فلسطين خطوة مهمة تأتي في سياق دعمها لخيار حل الدولتين، حيث اعتبر الإسرائيليون بأن إعتراف دول الإتحاد الأوروبي بفلسطين يشكل تدخل في الشؤون الداخلية للكيان الاسرائیلي، أراد منه الأوروبيون الضغط على حكومة الكيان مما دعا بعض الإسرائيليين من اليمين المتطرف إلى التأكيد على حل الدولة اليهودية الواحدة والتي لايوجد فيها أي فلسطيني.

في المقابل انتقد الرئيس السابق للكيان الاسرائیلي “شمعون بيريز” عدم التوافق على خيار حل الدولتين وقال: “من الأفضل لنا بأن يكون لدينا بلدٌ على غالبية أرض فلسطين أفضل من أن تكون كل أرض فلسطين في أيدينا دون أن يكون لدينا بلد، على إسرائيل المضي خلف خيار حل الدولتين لأنه في صالحها، لماذا؟؟ لأننا اليوم متساون في العدد تقريباً وإذا حدث وفقدنا الأكثرية لن نستطيع بأن نكون بلد يهودي أو بلد ديموقراطي يحفظ الحقوق اليهودية، هذا جداً مهم ولكن للأسف في تل أبيب هنالك أناسٌ يقومون بعكس ذلك”.

4- إجراءات الكيان الإسرائيلي ضد الأوروبيون

يعاني الكيان الاسرائیلي منذ نشئته وحتى الأن من مشكلة إثبات الهوية والوجود وتشريع وجوده على أرض فلسطين المحتلة، لذلك كانت الديبلوماسية المطلقة إلى جانب الحزم والتباكي لجلب التعاطف الدولي أبرز السمات التي اتصف بها السياسيون في إسرائيل.

يعتقد الكثير من الصهاينة بأن الديبلوماسية الإسرائيلية والسياسات الإسرائيلية في المنطقة والعالم تتجلى بـ “هاسبارا” والتي تعني بالعربية “الشرح” والهدف من مشروع منظمة “هاسبارا” هو ” ربط المعلومات بالجهود الاستراتيجية التي تبذلها الدولة لتعزيز وحدة الجبهة الداخلية، وضمان الدعم من حلفائها، ولعرقلة الجهود الرامية إلى تشكيل تحالفات معادية، وتحديد الطريقة التي يتم بها تناول القضايا من خلال وسائل الإعلام، والمثقفين، وشبكات التواصل الاجتماعي، ووضع المعايير اللازمة للخطاب السياسي الذي يناسبها، وكذلك نزع الشرعية عن المعارضين والمنتقدين والحجج التي يسوقونها”.

تعمل “هاسبارا” على تحسين صورة الکیان الاسرائیلي وإظهارها على أنها الضحية وتحسين صورتها في أذهان شعوب المنطقة والعالم، وأيضاً إذا لزم الأمر يقوم الإسرائيليون باستخدام أساليبهم المعروفة في إقناع الأطراف الدولية وهذا مابرز مؤخراً في سياسة الكيان الإسرائيلي بعد حرب غزة الـ22 يوم عام 2008 من أجل التعامل مع التحديات المستجدة والمشكلات التي برزت مع الإتحاد الأوروبي.

إذ يسعى الكيان الاسرائیلي دائماً إلى الإستفادة من عباراته الشهيرة والرنانة التي دائماً ما يكررها في المحافل الدولية لجلب التأييد الدولي وأحياناً للضغط والتهديد فيكثر من كلمة “معاداة السامية” ويذكّر دائماً بالمحرقة اليهودية “الهولوكوست”، وإتهام الكيان الصهيوني كل من ينكر حادثة “الهولوكوست” بأنه معادي للسامية ولليهود أدي إلى نتائج عكسية عادت على الكيان بتجييش الرأي العام والإعلام الأوروبي ضده وضد كيانه.

وفي هذا السياق حذر البروفيسور “استيفان كرانسر” الرئيس السابق للتخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية وذلك ضمن قمة “هرتسيليا” بأن “إسرائيل باتت تفقد قدرتها الإستدلالية ودعم الكثير من الأطراف في هذا المجال”، وأكد :جلعاد” رئيس القسم السياسي العسكري في وزارة حرب الكيان الصهيوني “الخطر الوحيد الذي يحدق بإسرائيل هو فعالية ونشاط الفلسطينيين في الساحة الدولية، إذ يسعى الفلسطينيون إلى تقويض شرعية إسرائيل”.

إذاً الخلافات بين الكيان العبري والإتحاد الأوروبي عميقة وإن لم تظهر بشكل كبير إلى العلن فهي في الأصل موجودة، وأهم العوامل التي أدت إلى تعميق الخلاف هي عدم الإعتراف بحدود 1967 “المستوطنات في الضفة الغربية والجولان”، وحقوق الإنسان وعملية السلام، وخيار حل الدولتين. في المقابل تسعى إسرائيل من خلال الإستفادة المتكررة من كلمتا “معاداة السامية” و”الهولوكوست” لترميم صورتها لدي الرأي العام الأوروبي وحفظ ما تبقى من ماء الوجه الذي أراقته ممارسات الكيان الهمجية.
المصدر – الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق