مفاوضات السلام في افغانستان و دور الهند و روسيا و ايران
يعتقد الكثير من الخبراء ان استمرار التواجد العسكري الامريكي في افغانستان واخفاقات القوات الافغانية في مواجهة الارهابيين وضعف المجلس الاعلى للسلام في عقد مفاوضات السلام هي آلام لافغانستان لايمكن معالجتها الا بدخول ايران والهند و روسيا في مفاوضات السلام.
و من المقرر ان يجتمع وفد الحكومة الافغانية مع وفود الجماعات المسلحة في الاسبوع الاول من شهر مارس الحالي في اسلام آباد لبدء مفاوضات مباشرة لكن الاضطرابات قد اندلعت من جديد وقامت طالبان بتنفيذ عمليات انتحارية وتفجيرات في كابول وعدة ولايات اخرى لتقول انها تريد لفصل الربيع ان يبدأ برائحة البارود والدماء.
ان استمرار التواجد العسكري الامريكي في افغانستان يعطي الذريعة لطالبان لشن هجماتها الارهابية وقد اجتذبت طالبان مؤخرا العديد من العناصر الجديدة في مختلف الولايات الشرقية والجنوبية وحتى الشمالية وشنت هجوما على قندوز لكن لم يرى الافغان تحركا امريكيا ايجابيا ازاء ذلك بل على العكس يعتبر الافغانيون الوجود الامريكي سببا لكل هذه المآسي.
واذا كنا نعتقد بأن امريكا غير قادرة على الحاق الهزيمة بطالبان فإننا مخطئون لأن الجيش الامريكي استطاع اسقاط حكومة طالبان في ايام فكيف يعجز عن قمع هذه الجماعة في بعض المناطق المعينة؟ وهنا نستذكر اقوال وتصريحات مسؤولين افغان كانوا قد ابلغوا الحكومة مرارا بأن امريكا تدعم طالبان وتمدها بالعتاد عبر الجو والبر.
ان تصريحات المسؤولين الامريكيين الذين قالوا انهم يخططون للبقاء في افغانستان لخمسين سنة هي تصريحات خطط لها بشكل دقيق و ان الدعم الامريكي المباشر وغير المباشر لطالبان يدخل في هذا الاطار.
ان القوات الحكومية الافغانية قادرة على تحطيم الاعداء لكن لماذا لم تنجح هذه القوات حتى الان في اجتثاث الارهابيين؟ وللاجابة يمكن القول ان عدم وفاء الامريكيين بتعهداتهم لتجهيز القوات الافغانية هو اهم الاسباب، ومن ثم يجب ان نشير الى دعم الدول الغربية وباكستان لطالبان وسعي بعض الجهات لايجاد التفرقة بين القوات الافغانية والشعب الافغاني بالاضافة الى عدم وجود تخطيط صحيح لالحاق الهزيمة بالمسلحين.
ان المجلس الاعلى للسلام الافغاني الذي يتولى مسؤولية التفاوض مع طالبان من اجل الوصول الى السلام يعاني من تدخلات الاطراف الخارجية وذلك الى جانب الدعم الذي تقدمه هذه الاطراف الخارجية مثل امريكا وباكستان لطالبان.
لكن احدى سبل انهاء الحرب بين الحكومة الافغانية وطالبان هي ما طرحه الرئيس الافغاني السابق “حامد كرزاي” الذي قال في تصريحات صحفية ان مفاوضات السلام يجب ان تجري بمشاركة ايران والهند و روسيا ايضا.
وتعارض هذه الدول التي سماها “كرزاي” البرامج والاهداف الامريكية الطويلة الامد في المنطقة لكن دخول هذه الدول في مفاوضات السلام الافغانية سيزيد امكانية نجاح المفاوضات.
ان ايران والهند و روسيا يعلمون جيدا انه وقبل بدء مفاوضات السلام بين الحكومة الافغانية وطالبان يجب عليهم ان يدخلوا في مفاوضات مع امريكا وباكستان ويطلبوا من الامريكيين الوفاء بتعهداتهم لتسليح القوات الافغانية واعلان موعد خروج العسكريين الامريكيين من افغانستان.
هذه الدول يمكنها ان تمارس ضغطا كما انها قادرة على تحديد الاستراتيجية الامريكية في افغانستان وعدم السماح ببقاء قضية السلام والامن في افغانستان في كنف الغموض.
واذا تم اعلان موعد انسحاب العسكريين الامريكيين من افغانستان فعندئذ تفقد طالبان ذرائعها لمواجهة الحكومة الافغانية وهناك احتمال كبير ان تقبل طالبان بالدخول في مفاوضات السلام وتختار المصالحة، ولذلك من الضروري ان تدخل الحكومة الافغانية في مفاوضات السلام بجدية اكبر وتطلب من طهران ونيودلهي وموسكو ان تدخل في مضمار المفاوضات الرباعية لقطع الطريق امام المزيد من اراقة الدماء وجلب الاستقرار لافغانستان.
المصدر / الوقت