امريكا نحو المزيد من التحديات الداخلية والخارجية
في خضم ارتفاع حدة المنافسة الانتخابية بين المرشحين الأمريكيين، وعدم وجود أي برنامج واضح من قبل هؤلاء المرشحين لمعالجة الأزمات الإقتصادية والسياسية التي تعاني منها أمريكا حالیا، في الداخل والخارج، بات الكثير من المحللين وعلماء السياسية الأمريكيين، يشككون بقدرات مرشحي الإنتخابات الرئاسية في أمريكا، من أن يتمكنوا أن يخرجوا البلاد من هذه الأزمات، وحسب إعتقاد هؤلاء الخبراء فان واشنطن باتت تتجه نحو مزيدا من التحديات الداخلية والخارجية.
وفي تحليل له نشره قبل عدة ايام، يعتقد “جورج فريدمان” استاذ العلوم السياسية الأمريكي أن واشنطن، من غير المحتمل أنها ستتمكن في المستقبل أن تنجوا من مشاكلها الإقتصادية الحالیة، أو أنها سوف تجد مخرجا لعلاج فشل سياستها الخارجية في سوريا ومناطق اخری من العالم، في ظل الذكاء الذي نراه من قبل العديد من زعماء الدول الذين يتبعون سياسة معادية لأمريکا وعلی رأسهم الرئيس الروسي “بوتين”.
وباعتقاد “فريدمان” ليست أمريكا لوحدها باتت الیوم تواجه العديد من الأزمات بل أن حلفائها الاوروبيين والذين يشكلون الاتحاد الاوروبي، ايضا يعانون من العديد من المشاكل. وحسب اعتقاد هذا المحلل الامريكي، فان تقدم ترامب باعتباره أحد مرشحي الحزب الجمهوري، في منافسات الانتخابات الامريكية، يدل علی عدم ثقة الشعب الأمريكي بالطبقة الحاكمة حالیا في أمريكا ولهذا يسعی “ترامب” الی الفوز بمنصب الرئيس من خلال إعطاء الشعب الأمريکي وعودا غير معهودة.
ويشير “فريدمان” الی سباق الانتخابات الأمريكية حيث يعتقد أن فوز أي من “دونالد ترامب” او ” بيرني ساندرز” باعتبارهما المنافسان الاعلی حظا من الحزب الجمهوري، سيكون بالامر العجيب في عالم السياسة وبالنسبة للامريکيين. ويعود السبب في ذلك باعتقاد تريدمان، الی أن البرنامج الذي أعلنه ترامب خلال دعايته الانتخابية، يعتبر برنامجا لم يكن الشعب الأمريكي سبق أن عرف مثله في الماضي. وبالنسبة الی “بيرني ساندرز” فباعتقاد “فريدمان”، أن هذا المرشح أيضا هو من الاشتراكيين الیهود، وهذا ايضا يعتبر أمرا غير معهود بالنسبة للناخب الأمريكي.
معظم الامريكيين يهدفون من وراء مشاركتهم في الإنتخابات الرئاسية، تحسين صورة الاوضاع الاقتصادية في البلاد، خاصة بعد الأزمة المالیة التي إجتاحت أمريكا والكثير من مناطق العالم عام 2008، لكن باعتقاد “فريدمان” فان الرئيس الامريكي ليس بيده الكثير من القدرات للتاثير علی مجريات الأحداث الاقتصادية في البلاد، والمكان الوحيد الذي يلعب فيه الرئيس دورا بارزا، يتمثل في مجال السياسة الخارجية الأمريكية.
ويتطرق “فريدمان” الی ضعف أمريكا الذي بدی واضحا في مواقف أمريكا خلال الاعوام الاخيرة، سواء في المجالات الاقتصادية، نظرا لظهور الصين ومكانته الإقتصادية في العالم، وكذلك في المجالات العسكرية فقد منيت واشنطن بهزائم عديدة، أبرزها هو الفشل العسكري الأمريكي في العراق وأفغانستان. وباعتقاد “فريدمان” فان “بوتين” استطاع أن يوحّد الروس بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينات من القرن الماضي، وهذا يعتبر أحد التحديات بالنسبة لامريكا التي رأت نفسها في بداية الأمر، القوة الوحيدة التي باتت تسيطر اقتصاديا وعسكريا علی العالم، خلال الفترة القصيرة التي عقبت إنهيار الاتحاد السوفيتي في ذلك الزمان. الیوم الروس اصبحوا بفضل قيادة قوية ثمثلت في بوتين، اصبحوا اقوياء جدا في الداخل والخارج ويفعلون ما يرونه يتماشی مع مصالحهم في العديد من نقاط العالم خاصة في سوريا وهذا عكس ما ترغب به أمريكا.
دائما ما كانت أمريكا تعتمد علی قدرات الاتحاد الاوروبي باعتباره الحليف المقرب من واشنطن، لكن علی مايبدو فان هذا الحليف ايضا بات الیوم يعاني من إنهيارات أمنية وإقتصادية، وأصبح غير قادر علی ترتيب أموره الداخلية ناهيك من أن يكون حليفا قويا يمكن أن تعتمد عليه واشنطن لمواجهة روسيا والصين ودول اخری لم تسير في الفلك الأمريكي. في الاسبوع الماضي تحدثت الكثير من الدول الاوروبية عن إحتمال إنهيار منظمة “شنغن” خلال أيام، إذا ما استمرت الاعداد الهائلة من المهاجرين بالتدفق نحو الدول الاوروبية. وقال المفوض الاوروبي المسؤول عن شؤون الهجرة “ديمتريس افراموبولوس” بعد إنتهاء اجتماع وزراء داخلية دول الاتحاد الاوروبي، أنه خلال الأيام العشرة المقبلة، لابد علی الدول الاوروبية أن تحقق نتائج واضحة وملموسة علی أرض الواقع، في ما يخص قضية اللاجئين، وإلا فان نظام “شنغن” للهجرة سيكون معرضا بالانهيار الكامل، في حال عدم توصل الدول الـ28 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي الی حل مشترك في هذا السياق.
إذن فان أمريكا نفسها أصبحت الیوم تعترف بان قدراتها الإقتصادية وهيمنتها السياسية باتت في أعلی مستويات الضعف خلال العقود الماضية، ولهذا فلايمكن لاي مرشح يفوز في الإنتخابات الرئاسية القادمة أن يواجه التحديات المقبلة، خاصة تلك التحديات التي تصدر عن روسيا والصين ودول أخری لا تتماشا سياساتها مع السياسات الأمريکية، کايران.
المصدر / الوقت