التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

الحشد الشعبي بين الاقصاء الخارجي والتمكين الداخلي 

على وقع الضبابية التي تلف مستقبل الحشد الشعبي في ظل محاولات الإقصاء الخارجي التي تتزامن وحملة داخلية مستعرة تتماشى مع المحاولات الخارجية، مقابل سعي داخلي رسمي لتمكين هذه القوات العراقية، برزت مستجدات ميدانية في قضاء أبو غريب إثر مهاجمة تنظيم “داعش” الارهابي بعض مناطق القضاء غربي العاصمة بغداد عزّزت موقف الحشد بإعتباره خياراً عراقياً إستراتيجياً.

المستجدات الميدانية تمثّلت بوصول تعزيزات كبيرة من قوات الحشد الشعبي الى قضاء أبو غريب غربي العاصمة بغداد لمساندة القوات الأمنية، نجحت في تطهير مناطق ابو غريب بالكامل من دنس تنظيم “داعش” الارهابي الذي هاجم بـ 6 سيارات مفخخة بعض مناطق القضاء.

لم يكن هجوم “أبو غريب” الأخير إلا محطّة في قطار الجنون الداعشي الذي يسعى للوصول إلى العاصمة العراقية، إلا أن قادة الحشد الشعبي ومن جملتهم الامین العام لحرکة عصائب اهل الحق الشیخ “قیس الخزعلي”، يؤكدون أن عصابات داعش اضعف من ان تصل أسوار بغداد، وفي الحقيقة لولا وجود هذه القوات التي تأسست بناءً على قرار المرجعية الدينية إثر سيناريو الموصل الذي وصل إلى تخوم العاصمة، لكان التنظيم الإرهابي ينفّذ هجماته في النجف وكربلاء و ربّما البصرة.

لم تشفع كافّة الإنتصارات التي حقّقتها قوات الحشد الشعبي لدى العديد من القوى العابثة بأمن العراق، بل يمكننا القول أنها نزلت ناراً وشنّاراً على واشنطن التي تسعى لعزل الحشد عن معركة الموصل كما حصل في الرمادي، والسعودية التي هاجم سفيرها في العراق “ثامر السبهان” الحشد الشعبي ما أثار حفيظة المجتمع والدولة العراقيين، وكذلك الإمارات التي هاجم وزير خارجيتها “عبدالله بن زايد” فصائل الحشد الشعبي، مصنّفاً إياها ضمن المجاميع الارهابية.

العديد من القوى الداخلية تماشت، من حيث تدري أو لا تدري، مع محاولات الإقصاء الخارجي، كان آخرها تصويت مجلس محافظة نينوى على عدم مشاركة الحشد الشعبي في عملية تحرير الموصل ومحاولة منعه من تحرير المدينة شمالي البلاد تحت ذرائع مختلفة من قبيل “عدم إثارة الفتن الطائفية والتشنج بين نسيج المكونات”. في الواقع، تتناغم الذرائع الأخيرة، التي لاقت ترحيباً من بعض الأصوات السياسية العراقية، مع الأجندات الدولية المشبوهة التي تتبناها بعض الدول ضد الحشد الشعبي خاصّةً أن هذا الموقف “لا يعبر عن الارادة الحرة لاهالي محافظة نينوى، بل عن المشروع الامريكي التركي السعودي والخليجي القاضي بتقسيم العراق”، وفق ما صرّحت النائبة عن التحالف الوطني “فردوس العوادي”.

مقابل هذه الرؤية الخارجية التي تستفيد من بعض أدواتها الداخلية، رسّخت إنتصارات الحشد الشعبي بدءاً من جرف النصر(الصخر)، آمرلي، الضلوعية وبلد، مروراً بالدور، العلم، وتكريت، وصولاً إلى الأنبار وأبو غريب، أهمية هذه القوات التي تنضوي تحتها ألويتها كافّة الأعراق والمذاهب في نفوس الشعب العراقي. رغم تلقّي الحكومة العراقية ضغوطات خارجية لتحييد قوات الحشد الشعبي، إلا أن رئيس الحكومة “حيدر العبادي” اكّد في أكثر من موقف أهمية هذه القوات معتبراً إياها هيئة تابعة لرئاسة الوزراء وقيادة القائد العام للقوات المسلحة. كذلك، أعلن “العبادي”، وخلافاً لقرار مجلس نينوى، ان “الحشد الشعبي ، وقوات البيشمركة ، والعشائر ستشارك إلى جانب القوات المسلحة في معركة تحرير محافظة نينوى من إرهابيي داعش “.

بين هاتين الرؤيتين، إنطلقت فجر أمس عملية واسعة النطاق لتطهير جزيرة سامراء الغربية (110 كلم شمال بغداد) من تنظيم “داعش” الإرهابي بقوات مشتركة من الجيش والشرطة والحشد الشعبي وأبناء العشائر. الإنتصار في سامراء سيمهّد الطريق أمام هذه القوات للدخول في معركة نينوى والعمل على تحرير الموصل من براثن الجماعات التكفيرية، إلا أن السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه: لماذا تستعر الهجمة على الحشد الشعبي عند شعور الأطراف الإقليمية والدولية بقرب القضاء على داعش الإرهابي بصورة نهائية من العراق؟ لماذا تُرفض مشاركة الحشد الشعبي تحت قيادة الجيش العراقي رغم وجود العديد من القوات الدولية التي تقاتل كما تهوى ودون إطلاع الحكومة العراقية على تفاصيل عملياتها؟

أثبتت تجربة السنة والنصف الماضية من حياة التنظيم العسكري العراقي الأكثر فتوّة قدرته بمؤازرة بقيّة القوى العسكرية والأمنية على قيادة العراق من وسط التحديات والمخاطر إلى شطئان النصر والأمان، بإعتبار أن القدرات الهائلة للحشد الشعبي تشكل عوناً وسندا للعراق وشعبه على جميع الاصعدة ولا تختص بساحة الحرب فقط. لا نستغرب إرتفاع وتيرة الهجمة الإعلامية على هذه الثروة العظيمة للعراق مع إقتراب معركة نينوى، في محاولة لإقصائه من المشهد العراقي، إلا أن العديد من القيادات العراقي تؤكد أن سيناريو معركة الرمادي لن يتكرّر في معركة الموصل.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق