مغامرات الرئيس البشير ” السعودية ” : بين الداخل والخارج
يواصل الرئيس السوداني عمر البشير “مغامراته” السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي. الرئيس البشير المتهم بإرتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور المضطرب غربي البلاد، والمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، توجّه مساء السبت الى العاصمة الأندونيسية جاكرتا للمشاركة في الدورة الخامسة للقمة الإسلامية الطارئة، رغم إلغائه رحلة إلى نفس البلد في أبريل 2015 بسبب المحكمة الجنائية الدولية.
الرئيس السوداني غادر البلاد بالأمس على وقع إنتقادات دولية صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي نيكو سوزانا زوما الذين أبديا قلقهما من الأوضاع الإنسانية في جبل مرة بدارفور حيث تسبّبت المعارك بين الجيش السوداني وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور بتشريد أكثر من 90 ألف شخص. وتأتي المعارك الأخيرة، التي كانت بداياتها في يونيو 2011، بعد فشل الحوار بين الحكومة والحركة الشعبية التي تسعى لتحقيق الحكم الذاتي في منطقتي “جنوب كردفان والنيل الأزرق”، ليفتح البشير على نفسه جبهة إضافية إلى جبهة الأمم المتحدة والجبهة اليمنية التي ورّط بها الجيش اليمني خدمة لمشاريع الرياض.
رحلة البشير إلى جاكرتا، تزامنت أيضاً ورحيل العدو اللدود للرئيس السوداني، المعارض والمفكّر العربي والإسلامي، حسن الترابي، رئيس حزب المؤتمر الشعبي السوداني الذي دعا الرئيس عمر البشير إلى التنحي عن منصبه، على خلفية اتهام المحكمة الجنائية له بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور. كذلك، كان الراحل الترابي من دعاة لم شمل البلاد مردّداً مقولة “البلاد تشتتت ولابد أن نجمعها”، لترتسم مع عبارة الراحل الترابي جملة من الأسئلة حول مستقبل السودان في ظل المغامرات السياسية والعسكرية للرئيس البشير.
لم تغب هذه التطورات عن الإعلام الدولي فقد كشف تقرير صحفي نشرته وكالة “رويترز” تواطؤ المجتمع الدولي والدول العربية والأفريقية، مع الرئيس السوداني عمر البشير، منذ صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بالقبض عليه وتسليمه للعدالة.
وأكد التقرير أن البشير سافر (74) رحلة جوية خلال (6) سنوات زار خلالها (21) دولة، فيما تستمر أعمال العنف والقتل في السودان، وأن البشير يستخدم دعما سعودياً للحرب في سوريا واليمن، بتوظيف جزء منه في حروبه الداخلية.
وقالت “رويترز” إن البشير عبر آلاف الأميال خلال رحلاته برغم قرار المحكمة الجنائية باعتباره مجرم حرب في عام 2009 بارتكاب جرائم ابادة وجرائم ضد الإنسانية في دارفور. وأشارت الى أن القرار لم يوقف الدكتاتور ــ أحد أطول الدكتاتوريات في العالم ـــ من السفر، الى (21) دولة خلال (74) رحلة.
وجاءت أثيوبيا في مقدمة الدول التي زارها البشير في (19) رحلةً، تلتها السعودية التي زارها البشير في (10) رحلات .ونوه التقرير إلى أن (7) من بين الدول التي زارها البشير، من الدول الموقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية. وأوضح التقرير، “بينما يواصل البشير رحلاته يواصل في ذات الوقت حروبه باستخدام تكتيك جرائم الحرب ويدشن حملات القصف الجوي على المدنيين في النيل الأزرق وجنوب كردفان وفي دارفور، وأن جرائم الاغتصاب والقتل استمرت بما في ذلك قتل المتظاهرين سلميا”.
وألمح التقرير الى “تواطؤ الإتحاد الأوروبي بدعم السودان بحوالي (109) مليون دولار للمساعدة في وقف الهجرة غير الشرعية والارهاب، برغم تعبيره عن القلق من استمرار النزاع في المنطقتين ودارفور”.
وإعتبر التقرير أن الموقف الأوروبي، ساعد في تدفئة علاقات الخرطوم مع واشنطن، وتنعيم الموقف الأمريكي العام تجاه السودان في الآونة الأخيرة.
وكشف التقرير عن الدعم السعودي للجيش السوداني من أجل المساعدة في الحرب في اليمن وسوريا، وأن البشير يوظف بعضاً من تلك الأموال في مشاريع حروبه الداخلية.
في الواقع، يكشف التقرير الأخير بعض مغامرات البشير في الداخل والخارج بسبب التكتّم الإعلامي على مشاركة قواته في العدوان السعودي على الشعب اليمني من ناحية، وسعيه لتغطية جرائمه في الداخل من ناحية أخرى. إلا أن إستنزاف جيشه، المستنزف أساساً، سينكعس على علاقات بلاده مع العديد من الدول، فضلاً عن الأوضاع الداخلية التي ستزداد سوءاً بسبب فشل الحوار وسعي البشير للإستفادة من الأموال التي يجني على حساب دماء جيشه في اليمن، لتوظيفها مرّة أخرى في دماء معارضيه في الداخل السوداني.
المصدر / الوقت