مفكر وباحث مصري: تقارب العلاقات بين القاهرة وطهران سيكون له تدعيات مثمرة داخليا وخارجيا
القاهرة ـ سياسة ـ الرأي ـ
في الوقت الذي تتسق فيه المواقف المصرية الإيرانية حيال الوضع في سوريا ورفضها للتدخل البري لدول الخليج “الفارسي” في سوريا، رأى المفكر والباحث المصري الدكتور أحمد راسم النفيس أن تقارب القاهرة وطهران سيكون له تداعيات مثمرة على الصعيد الداخلي والخارجي وسيزيد من قوة مصر.
وقال راسم النفيس إن تقارب وجهات النظر بين البلدين يؤول إلى إستراتيجية عربية موحدة قد تنهي حالة الصراع المحتدم في سوريا وعلى البلدين سرعة عودة العلاقات وأنه لا مبرر للفجوة الموجودة بينهما خاصة وأن استمرار انقطاع العلاقات بين البلدين، أمراً ليس فقط يضر بالمصالح المشتركة للبلدين، بل ويضر أيضاً بالإقليم برمته بكافة دوله وشعوبه، ويرجع ذلك للمكانة الكبيرة والدور المهم والمؤثر لكل من إيران ومصر في المنطقة العربية مضيفا بأن إيران ومصر بما تتمتعان به من سابقة تاريخية وحضارية من الأضلاع المهمة التي تشكل الجغرافيا الاستراتيجية للمنطقة، ويستحيل على أي دولة -داخل المنطقة أو خارجها- ترتيب الأوضاع الإقليمية على الأصعدة السياسية، والأمنية، والإقتصادية والتجارية، دون الأخذ في الاعتبار دور ومكانة هذين البلدين وموقعيهما الإستراتيجي؛ حيث تشرف إيران بحدودها على الخليج “الفارسي” ومضيق هرمز، وتقع مصر في قلب منطقة الشرق الأوسط وتطل على البحر المتوسط وتوجد فيها قناة السويس.
وأضاف بأن النظرة الإستراتيجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه مصر تعتمد على المكانة التاريخية والحضارية والدينية التي تتمتع بها مصر في العالم العربي والإسلامي، مضيفا بأن إيران تتطلع لرؤية مصر مستقرة ومتحدة ومتقدمة، ولاعبة لدور -يليق بمكانتها الحقيقة والتاريخية- في المنطقة والعالم الإسلامي، وتابع حديثه بأن مصر تتمتع بمكانة عظيمة تجعل من الصعب على أي دولة أخرى أن تحل محلها. ولاشك أن المصريين يحملون نفس هذه النظرة للمكانة التي تتمتع بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وفيما يخص الأوضاع الأمنية قال الباحث بأن إيران تعتبر أمن واستقرار مصر وجميع دول المنطقة بمثابة أمنها الخاص، كما تعتبر اللجوء إلى التطرف والإرهاب خطاً أحمراً بالنسبة لها. وتابع قوله بأن بعضا من الدول وعلى رأسها دول الخليج “الفارسي” حاولت وتحاول خلق فجوة وبث الفرقة بين مصر وطهران من خلال ذرائع طائفية ومذهبية، من أجل أهداف سياسية مشئومة ، لكن روح السماحة والحياة السلمية بين اتباع الأديان والمذاهب المختلفة أصبحت عاملاً للوحدة والأخوة ونبذ العنف والفرقة، وذلك في الوقت الذي استهدفت فيه الأفكار المتطرفة لبعض الجماعات مثل “داعش” أمن الأمة والوطن الإسلامي وسلامة روحه وعرضه. وأشار المفكر خلال حديثه بأن ما يجمع إيران ومصر اليوم، هو لغة المصالح العميقة والإستراتيجية سواء على الصعيد الثنائي أو الإقليمي أو الدولي، وهو أمر يتعلق بمصير البلدين. خاصة وأن إيران ومصر في ظل الظروف الحالية يواجهان تحديات وتهديدات مشتركة تتعلق بوحدة ومصير البلدين، إلا أن آفاق المستقبل توحي بأن الأوضاع تسير باتجاه الاستقرار والأمن والتقدم والازدهار. وتابع قوله بأن تضافر القدرات السياسية التي يتمتع بها البلدان من أجل التغلب على هذه التحديات وخاصة في مسيرة مكافحة الإرهاب، والدفاع عن سيادة الأوطان وسلامة أراضيها، وكذلك التشاور المستمر بين السلطات والمسئولين الحكماء في كل من إيران ومصر إلى جانب الدول الإسلامية الأخرى في المنطقة، يمهد الطريق لتسوية بعض المشاكل والأزمات الإقليمية في سوريا، والعراق، وليبيا ولبنان، وكافة الدول الإسلامية، و يساعد على التمتع بالأمن، والاستقرار، مضيفا بأن العدو الرئيسي للدول الإسلامية والعربية –هو النظام الصهيوني- ولابد أن تتصدى له الدول العربية وتكون مواقفهم موحده في مجابهته واستشهد المفكر بالعديد من القضايا التي توحد الرؤى بين مصر وطهران كقضية فلسطين والقدس الشريفة، والتي من شأنها أن تساهم في التعاون والدعم المشترك لشعب فلسطين من قبل الدول الإسلامية، في تعزيز تماسكهم ومقاومتهم للمحتلين.
وتابع بأن كل من القوى العالمية تسعى لتحقيق مصالحها غير المشروعة والظالمة في منطقتنا، وأغلب هذه القوى تنتهج أساليب التدخل وفق مصالحها، لكن سياسة كل من إيران ومصر الرامية إلى خلق سياسات وعلاقات خارجية متوازنة مع الشرق والغرب، والتعاون والتآزر بينهما للاستمرار في هذا المسار وتعزيزه، سوف يقنع القوى العالمية بالاعتراف بحق الشعوب ودول المنطقة وسوف يلزمهم بإقرار علاقات قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون الغير.
وأضاف بأن إيران تضع المصالح العليا للدول الإسلامية، واستقرار وأمن المنطقة على قمة أولوياتها، وذلك في كافة معاملاتها ومفاوضاتها مع الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية .
وختم راسم النفيس حديثه قائلا بأن مواقف مصر وطهران إزاء ضرورة المواجهة الجذرية لظاهرة الإرهاب والتطرف في سوريا والعراق والمنطقة بأكملها، إلى جانب سعي البلدين لمتابعة وتحقيق فكرة شرق أوسط خالي من أسلحة الدمار الشامل، يفرض الإحتياج إلى التعاون والتقارب بينهما وذلك من أجل خلق نوع من التعاون الجماعي في المنطقة، لمواجهة ظواهر الإرهاب والتطرف بعيداً عن تدخلات الغرب . انتهى