العراق.. عمليات تحرير الموصل، وفشل سيناريو إقصاء الحشد الشعبي
بعد تحرير مدينة الرمادي في محافظة الأنبار توجهت القوات العراقية نحو مدينة الموصل شمال البلاد من أجل تخليصها من عصابات “داعش” الإرهابية بعد أن أكملت سلسلة من العمليات العسكرية التي تمكنت خلالها من تطهير الكثير من المناطق، بينها منطقة “الجزيرة” بمحافظة صلاح الدين ومنطقة “الخالدية” في الأنبار، وتم خلال هذه العمليات قتل أعداد كبيرة من الإرهابيين وتدمير آلياتهم ومعداتهم.
ورافقت عمليات تحرير الأنبار صعوبات عدّة في مقدمتها إشتراط واشنطن على الحكومة العراقية عدم مشاركة الحشد الشعبي في هذه العمليات مقابل تقديم الدعم الجوي للقوات العراقية من قبل قوات ما يسمى “التحالف الدولي” لمحاربة الإرهاب الذي تقوده أمريكا.
وسعت واشنطن من خلال ذلك إلى الإيحاء بأن أهالي الأنبار يرفضون مشاركة الحشد الشعبي في تحرير مدنهم لتحقيق هدفين؛ الأول: بث الفرقة الطائفية بين أبناء الشعب العراقي باعتبار إن أكثر سكّان الأنبار هم من أهل السنّة ومعظم أفراد الحشد الشعبي هم من الشيعة، في حين يعلم الجميع أن الحشد يضم في صفوفه الكثير من السنّة من جميع أنحاء العراق، وتحديداً من المناطق الغربية ذات الغالبية السنيّة.
والهدف الثاني الذي سعت واشنطن لتحقيقه هو حرمان القوات العراقية من الحشد الشعبي الذي أثبت جدارته في تحرير الكثير من المناطق من بينها جرف الصخر (جرف النصر)، آمرلي، ومدينة بيجي و”مصفى بيجي” جنوب مدينة الموصل وغيرها من المناطق لاسيّما في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار.
ورغم إصرار واشنطن على عدم إشراك الحشد الشعبي في عمليات تحرير مدينة الموصل إلاّ إنّ رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية “حيدر العبادي” أكد أكثر من مرّة إن قوات الحشد وأبناء العشائر سيشاركون في هذه العمليات لاعتقاده بأن عدم مشاركة هذه القوات سيؤدي إلى تأخير أو إستحالة تحرير هذه المدينة من العصابات الإرهابية التي أذاقت أهلها الويلات من قتل وإرعاب يومي وتدمير لممتلكاتهم وكل ما يتعلق بحضارة هذه المدينة العريقة.
كما أكد “العبادي” يوم الخميس الماضي خلال كلمته في مؤتمر “التلاحم الوطني لتحرير المناطق الغربية ” بأن لا أحد يستطيع أن يمنع عراقياً من المشاركة في تحرير أرضه، وأنه لن يسمح بحصول هذا الأمر من أجل إرضاء هذا الطرف أو ذاك”.
وأوضح “العبادي” إن الحشد الشعبي مؤسسة عراقية تعمل تحت سلطة الدولة، رافضاً قرار مجلس محافظة نينوى عدم مشاركة هذه القوات في تحرير مدينة الموصل.
كما أكد المتحدث بإسم الحشد الشعبي “أحمد الأسدي” إن قوات الحشد ستشارك في عملية تحرير الموصل، واصفاً الأصوات المحرضة على الحشد من قبل بعض السياسيين التي تأتمر بأوامر خارجية وتنفذ أجنداتها بأنها أصوات مصابة بمرض الطائفية ومحاولة إثارة الفتن بين أبناء الشعب العراقي، لافتاً إلى إن هؤلاء الرافضين لمشاركة الحشد لن يغيّروا مواقفهم الطائفية حتى لو قدمت لهم الموصل من دون خسارة مقاتل واحد، وإنهم سيبقون محرضين على الحشد الشعبي.
في هذه الأثناء أكد العديد من القادة العسكريين العراقيين إن عمليات تحرير الموصل ستكون هي المعركة الحاسمة ضد تنظيم “داعش” الإرهابي وهي تحتاج إلى تكاتف جميع الجهود، مشيرين الى أن مشاركة الحشد الشعبي وغيرها من القوات هو قرار بيد القائد العام للقوات المسلحة حصراً.
وشدد هؤلاء المسؤولين على أن المدن التي تحررت خلال الفترة الماضية كانت بسواعد أبناء الحشد سواء في تكريت وآمرلي وجرف النصر، وآخرها في سامراء وغيرها.
والمثير للإنتباه إن أمريكا أعلنت خلال الأيام الماضية أن عمليات تحرير الموصل ستنطلق قريباً، في حين كانت تصرح قبل ذلك بأن تحقيق هذا الأمر غير ممكن خلال العام الجاري، وهذا يعني إن واشنطن مستمرة بالتخطيط لإرباك خطط القوات العراقية التي لازال قسم منها منشغل بتحرير مناطق أخرى خصوصاً في محافظة صلاح الدين. أي بمعنى آخر أن أمريكا أخذت تسعى من جديد إلى منع مشاركة الحشد الشعبي في هذه العمليات لأنها تعلم أن قوات الحشد تشكل ثقلاً كبيراً في تركيبة القوات المسلحة العراقية وتلعب دوراً مهماً ومصيرياً في تحرير أي منطقة تتوجه إليها من العصابات الإرهابية، وهذه الحقيقة لا تروق لواشنطن التي تحاول بشتى الوسائل الهيمنة على مقدرات العراق وقراراته، ومنعه من الإعتماد على قدرات أبنائه في أعادة الأمن والإستقرار إلى ربوع البلاد.
المصدر / الوقت