بعد حزب الله .. هل جاء دور حماس ؟
لم تمض سوى أيام قليلة على خطوة مجلس التعاون ذو العبائة السعودية بإعلان حزب الله منظمة إرهابية حتى كشف وزير الداخلية المصري اللواء مجدي عبد الغفار، في مؤتمرً صحفي “مخططًا إرهابيًا، تم إعداده في الخارج، على أن يقوم عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي بالاشتراك مع حركة حماس بتنفيذه في الداخل”.
تأتي الخطوة المصرية الجديدة والتي تختلف في الشكل مع نظيرتها السعودية وتتماهى معها في المضمون، تأتي في خضام حملة شعواء تستهدف محور المقاومة بكافة أضلاعه، ولكن من بوابة الإرهاب العربية هذه المرّة، بعد سنوات من الفشل الذريع للوائح الإرهاب الغربية التي جاءت تتويجاً لجملة من الحروب التي لم تزد هذا المحور إلى قوةً ومناعةً ونفوذ.
لم يكن الهجوم المصري على الحركة الفلسطينية هو الأول من نوعه، بل يفتح الباب مرّة آخرى على إعتبار حماس حركة محظورة في مصر، بعد حكم قضائي سابق، اعتبرها إرهابية، وتم إلغاءه فيما بعد. كذلك، لا يخدم هذا الهجوم على الضلع الحمساوي من المحور المقاوم عبر بوابة النائب العام السابق هشام بركات سوى الكيان الإسرائيلي، رغم أن السلطات المصرية برئاسة السيسي تسعى للتوظيف السياسي في الداخل المصري ضد جماعة الإخوان المسلمين، المنافس السياسي الأبرز للقيادة المصرية الحالية.
ربّما حاولت مصر الإستفادة من الظروف الإقليمية التي تحيط بها لتوظيفها في تصفية الحسابات الداخلية، إلا أن الواقع يشي بجملة من الأمور، أبرزها:
أولاً: إن إتباع مصر لسياسات الرياض سيعطي نتائج عكسية لما تبتغيه الرئاسة المصرية. فالسعودية فشلت في الحصول على “إجماع عربي” فيما يخص إتهام حزب الله بالإرهاب فقد بدأت هذه الدول تتنصل الواحدة تلو الآخرى.
ثانياً: أثبتت الشعوب العربية وقوفها إلى جانب المقاومة ضد الكيان الإسرائيلي، وبالتالي إن هذه الخطوة التي تعد هدية على طبق من ذهب لحكومة نتنياهو ستُفقد الرئاسة المصرية تأييد شريحة كبيرة من الداخل المصري الذي لا زال دم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يجري في عروقه، بصرف النظر عن موقفه السياسي من حركة حماس.
ثالثاً: يمتلك القضاء المصري حصّة كبيرة من التوظيف السياسي، وتنظلق العديد من أحكامه نحو هذا الطرف أو ذاك من مصلحة ومواقف الحكومة المصرية، ولعل هذا ما دفع بوزير الداخلية المصري للإكتفاء بالقول أن “حركة حماس تلعب دور كبير جدا في الجريمة” دون تقديم أي أدلة ثابتة يمكن الإستناد عليا من وجهة نظر القانون الدولي.
رابعاً: تأتي هذه الخطوة بعد أيام قليلة على حادثة النائب المثير للجدل توفيق عكاشة الذي أُسقطت عضويته من قبل مجلس الشرف المصري، المجلس النيابي إثر إستقباله للسفير الإسرائيلي في القاهرة، ما يؤكد إستراتيجية العداء للكيان الإسرائيلي بين المصريين. فهل تريد الحكومة أن تضع نفسها في مواجهة مع قسم يعتد به من الشارع المصري بسبب بعض المصالح السياسية الداخلية التي جاءت ردّاً على جملة من التصرفات، منها القبيح ومنه الحسن، لجماعة الإخوان المسلمين وحليفهم إبان حكمهم حركة حماس؟ ألا تعد هذه الخطوة خدمةً كبيرة للكيان الإسرائيلي الطامح للدخول إلى العالم العربي عبر عصا الإرهاب؟
خامساً: لا يمكن للسعودية أو مصر أن تستند إلى هذه الخطوات بغية تبرير لقاءاتها مع الكيان الإسرائيلي ضد محور المقاومة أو غيره، بل تشير الخطوة المصرية الأخيرة وصول السيسي إلى مرحلة متقدّمة من الإفلاس السياسي الأمر الذي دفعه للجوء إلى “ورقة سوداء” ستجعله عُرضةً للمحاسبة والمسائلة من قبل الشعوب العربية عموماً والمصري على وجه الخصوص. فرغم إختلاف جزء كبير من الشعوب العربية مع بعض السياسات العربية لحركة حماس، إلا أن هناك إجماع شبه عام على أحقيّة وصوابية موقفها من الكيان الإسرائيلي.
تأتي الإتهامات الأخيرة لضلعي محور المقاومة اللبناني ممثلاً في حزب الله، والفلسطيني ممثلاً بحركة حماس في ظل واقع ميداني يشي بالقضاء على الجماعات الإرهابية في المنطقة، بدءاً من جبهة النصرة وليس إنتهاءاً بتنظيم داعش الإرهابي، ما يعني عودة الإذهان العربية إلى قبلتها الأولى الأقصى، وبالتالي عودة الخطاب المقاوم إلى الساحة العربية من جديد. بعبارة آخرى، تسعى الجهات التي تقف خلف هذه المؤامرات لإشغال أذهان السعوب العربية هذه الفترة بكذبة “الإرهاب المقاوم” حيث أن مشروع التقسيم الذي يأتي في الإطار نفسه، خدمة الكيان الإسرائيلي، لا زال غير مكتمل.
لا شكّ في أن الإتهام المباشر لحركة حماس من قبل الداخلية المصرية بالإرهاب سيكون له تكلفة على جدّاً على الحركة التي يتوجب عليها الحفاظ على شعرة معاوية من الحكومة المصرية الحالية خدمةً لقضيتها الكبرى.
المصدر / الوقت