العراقي علامة حياة ورحمة وليس رمزا للفتن والفساد
عندما كان العراقي يجرجر من بيته او عمله او من الطريق كي يرسل الى الحرب وعندما كان لايجد هذا العراقي شروط البقاء على قيد الحياة الا بتلبية الاوامر التي تفرض عليه ويقبلها مضطراً، وعندما كان يتحتم عليه التنازل عن العادات او الصفات او الممارسات التي اكتسبها كي يستبدلها بأخرى وعندما كان يجد هذا العراقي نفسه مع افراد عائلته تتطلب ممارسات لم يألفها وعندما كان هذا العراقي يتعرض بيته للهدم او المداهمة او المحو.. الخ
هذا العراقي على امتداد جغرافية الوطن العراق وبعمق التاريخ المدون ورغم الخسائر التي تكبدها في الارواح وفي الممتلكات وفي حياته ومصيره واحلامه ورغم المعوقات وما اصبح بحكم الموروثات تنتقل من عهد الى عهد ومن جيل الى جيل حتى كادت تجد موقعها في جيناته ومشفراتها…
هذا العراقي هو نفسه لم يهزم ولم تهزم ارادته في بناء حضارات عبر هذا الطريق الشاق والموحش والطويل.
هذا العراقي وفي اقصى الازمنة فساداً وظلماً وفوضى استطاع ان يعيد بناء شخصيته واعاد اليها تماسكها عبر مجتمع عنيد وموحد وهو يسترجع ذات الارادة التي شيدها عبر ما لايحصى من العلامات الحضارية والثقافية والجمالية و دوّن عبرها اسفار بلاد الرافدين.
هذا العراقي حقاً يمتلك قدرات شبيهة بقدرات تلك البذور التي لاتنبت الا في اقصى الصخور صلابة وفي اقصى الصحاري جفافاً وفي اكثر الحقب غياباً للشمس… فهو ليس رمزاً للموت والفتن والفساد والتزوير والنهب والتنازل عن الكرامة بل هو علامة حياة وديمومة ورحمة ومدرات كبيرة على الغفران والمودة والايثار.
د. ماجد اسد