مقتل الضابط الإسرائيلي “أمير ميموني”: حرب أدمغة أم ماذا؟
ألقى مقتل الضابط الإسرائيلي التابع لجهاز الأمن العام الداخلي على الحدود الشرقية لقطاع غزّة الضوء من جديد على هذا الجهاز الأمني المعروف باسم “الشاباك” المناطة إليه عمليات جمع المعلومات في الأراضي الفلسطينية، والقيام بعمليات خاصة كالتجسس وتجنيد العملاء.
سلطات الاحتلال فرضت تعتيما إعلاميا على تفاصيل ما جرى، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في احتمال أن يكون ضابط المخابرات أمير ميموني قد قتل برصاص جنود إسرائيليين بسبب خطأ في التشخيص بعد الاشتباه بأنه فلسطيني ينوي التسلل إلى داخل إسرائيل.
الرقابة العسكرية الإسرائيلية سمحت بالنشر، أنه قتل على حدود القطاع مساء أمس الثلاثاء دون إعطاء المزيد من التفاصيل مما يفتح المجال للكثير من التكهنات أن يكون مقتله له علاقة بعملية أمنية معقدة على الحدود.
القناة “العاشرة” في التلفاز الإسرائيلي، قالت أن الضابط قتل في “التفافي غزة”، مشيرة إلى أنه “غير واضح إن كان برصاصة خرجت بالخطأ أم عبر تبادل إطلاق نار بالخطأ أيضا”. واعتبر المراسل العسكري للقناة “أوري هلر” “الحادثة خطيرة في تاريخ جهاز الـ “شاباك” الاسرائيلي.
أما صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فنشرت -في عددها الصادر الأربعاء- خبرا يفيد “بمقتل أحد العاملين في جهاز الأمن العام الداخلي (شاباك)، حيث يعتقد أن مقتله جاء على خلفية إطلاق نار من غزة”.
وأشارت الصحيفة إلى أن ضابط الشاباك كان يقوم بعمل أمني على الحدود مع قطاع غزة، في ظل التهديدات الأمنية في هذه المنطقة، وفق تعبيرها.
في السياق، تحدّثت مصادر فلسطينية عن تعرض أحد الشبان الفلسطينيين الذي حاول التسلل من قطاع غزة عبر السياج الفاصل لإطلاق نار بالقرب من موقع “أبو مطيبق” العسكري شرق مخيم المغازي وسط قطاع غزة دون معرفة مصيره أو إن كان هناك علاقة بين هذا الحادث وحادث مقتل الضابط الإسرائيلي.
وقال سكان محليون إن حركة غير طبيعية لجيبات إسرائيلية مدنية تابعة لجهاز المخابرات الإسرائيلي وصلت الى المكان وان عمليات بحث مكثفة أجريت في المكان.
تطوّر خطير
أجمعت التقارير الإعلامية على خطورة الحادث في تاريخ الجهاز الأمني الإسرائيلي، فقد سبق أن جرت تصفية ضباط لـ”الشاباك” من قبل عملاء من خلال تنسيق مع المقاومة الفلسطينية. والمعروف أن الحدود الفاصلة بين الكيان الإسرائيلي وقطاع غزة من جهة المناطق الشرقية والشمالية للقطاع تخضع لحراسة أمنية إسرائيلية مشددة، حيث تقيم قوات الاحتلال سياجا أمنيا، إضافة إلى منطقة أمنية عازلة تمتد لـ 300 متر بعمق أراضي القطاع، تمنع بموجبها وصول الفلسطينيين اليها.
الخبير في الشأن الإسرائيلي، محمود مرداوي، أكد أن الإعلام الإسرائيلي اهتم بشكل كبير في حادثة مقتل الضابط على حدود غزة، وذلك بعد سماح الرقابة الإسرائيلية بنشر المعلومات عنها.
وأشار مرداوي إلى أن الحادث يبدو أنه وقع أثناء عملية ميدانية أو جمع معلومات، قائلا: “لو كان خلل أمني في الميدان أو خطا أثناء التدريب لأفصح الاحتلال عنها، ولكن هناك أمر ما يخفيه الاحتلال”.
وقال: “ما يجبر ضابط استخبارات المخاطرة والوصول إلى حدود غزة هو التواصل المباشر مع عملاءه في قطاع غزة في ظل تمكن الأجهزة الأمنية في غزة من احكام سيطرتها على ذلك من خلال تقنيات حديثة تمتلكها”.
وأضاف مرداوي: “مخابرات الاحتلال لديها انطباع أن الأجهزة الأمنية في غزة لديها قدرة تنقية على التقاط المكالمات مع عملائها لذلك تحاول تجنب ذلك مما قد يوقعها في مخاطر كبيرة قد تضرب كل المنظومة الإستخباراتية”.
واعتبر أن هذا الأمر يؤشر إلى حرب أدمغة كبيرة تدور بين أجهزة الأمن الفلسطينية والإسرائيلية على حدود القطاع.
وقال: “أحيانا الأجهزة الأمنية الفلسطينية تخفف الإجراءات على الحدود كي يتمكن عدد من المتخابرين من التسلل لهدف معين ليكون ذلك جزء من رؤية كاملة متكاملة لدى تلك الاجهزة تتناغم مع حرب أدمغة كبيرة تدور بين الطرفين”.
من جانبه، قال الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، هشام المغاري: إن ضباط المخابرات يتحركون حيث وجدت المصلحة، مشيرًا إلى إن هناك غموض حول الحادثة التي وقعت.
وقال المغاري: “ربما يكون الضابط يقوم بجمع معلومات بشكل مباشر أو غير مباشر أو الاطمئنان على العمل الأمني على الحدود، أو ربما هناك لقاء مع متخابر، فنحن لا يمكن تحديد السبب في ظل الغموض الذي تفرضه قوات الاحتلال حول الحادث”.
وأضاف: “على قاعدة التحليل الأمني لا استبعد أن يكون هناك شخص متخابر أو عميل مزدوج استطاع الوصول إلى الضابط وقتله”.
وأشار المغاري إلى أن تاريخ أجهزة أمن المقاومة مليئة بحالات شبيهة وقعت في القدس وغزة عندما استدرج بعض ضباط الأمن إلى كمين على حدود القطاع قبل حوالي 15 عاما.
المصدر / الوقت