الأزمة المالية : فرصة ثمينة لعودة العلاقات بين اربيل وبغداد الى مجاريها
شهدت الاعوام الماضية وجود خلافات كبيرة بين حكومة اقليم كردستان العراق والحكومة المركزية في بغداد الى درجة قال بعض المحللين ان هناك حربا داخلية ستقع بين الجانبين بعد انتهاء وجود تنظيم داعش.
ان قيام اقليم كردستان ببيع النفط بشكل مستقل وقطع الميزانية الشهرية للاقليم على يد الحكومة المركزية والتلاسن بين مسؤولي حكومة اقليم كردستان والمسؤولين العراقيين و ازمة داعش وعجز الحكومة المركزية عن وقف امتداد الحرب والاهم من ذلك كله دخول قوات البشمركة الكردية الى المناطق المتنازع عليها (المناطق التي تشير اليها المادة 140 من الدستور) هي قضايا تزيد التوتر واحتمال حدوث حرب داخلية.
اما في المقابل هناك قضية ساهمت في خفض التوتر بين اربيل وبغداد خلال الشهور الماضية وهي الازمة المالية والاقتصادية الشاملة في العراق نتيجة هبوط اسعار النفط والتي وضعت العراق على حافة الافلاس نظرا للتكلفة العالية للحرب ضد داعش.
ان حكومة اقليم كردستان تعيش ازمة مالية اكبر من الحكومة المركزية العراقية وهي قد فشلت في الشهور الاخيرة في دفع رواتب الموظفين وشهد اقليم كردستان احتجاجات شعبية وحالات اضراب عن العمل في مختلف القطاعات.
وقد دفعت هذه الاوضاع الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان نحو الاقتراض الخارجي من البنك الدولي وصندوق المال الدولي والقوى الدولية مثل امريكا والاتحاد الاوروبي، والى جانب ذلك ادركت اربيل وبغداد ضرورة وقف البيروقراطية الحكومية ولذلك نجد ان “حيدر العبادي” و”نجيرفان بارزاني” قد اعلنا عن برامج للاصلاحات السياسية والادارية الشاملة.
ان الازمة المالية وفرت الارضية لعودة التعاون بين بغداد واربيل وازالة التوتر الموجود بينهما فالاكراد قد ادركوا اليوم انهم ومن اجل مواجهة هذه الازمة يحتاجون الى دعم الحكومة المركزية والتعاون معها لكي يتجنبوا الفشل في ادارة كردستان ولذلك يمكن القول ان التعاون مع الحكومة المركزية في البرامج الاقتصادية وحتى في مسألة بيع النفط يعتبر قرارا منطقيا.
وفي المقابل تشعر الحكومة المركزية التي تريد تحرير الموصل والحفاظ على وحدة التراب العراقي انها مستعدة لمنح امتيازات لاقليم كردستان، وقد عقد “حيدر العبادي” اجتماعا خاصا مع نواب الكتلة الكردية في البرلمان العراقي يوم الاثنين 7 مارس ومن الواضح ان العبادي بات مقتنعا بالتعاون مع الاكراد في برامجه الحكومية، كما يدل هذا اللقاء ان “العبادي” يعترف بالاكراد كجزء من الحكم في العراق وهكذا يمكن القول ان اللقاء يمكن ان يشكل بوابة للتعاون بين الجانبين من جديد.
وقد ابلغ “العبادي” في هذا الاجتماع الاكراد انه عازم على اجراء اصلاحات ادارية وسياسية شاملة في العراق وكانت قضية تشكيل حكومة تكنوقراط اهم القضايا التي طرحها العبادي مع الاكراد، وفي المقابل ابدى الاكراد حسن نواياهم تجاه البرامج التي يريد العبادي تنفيذها واكدوا على حصة الـ 20 بالمئة للاكراد في الحكومة العراقية المقبلة.
وفي هذا اللقاء اكد “العبادي” ان قيام الاكراد ببيع النفط بشكل مستقل كان خطأ استراتيجيا وكان ينبغي ان لا يحصل مطالبا النواب الاكراد بذل جهودهم لتحسين علاقات اربيل مع الحكومة المركزية.
وقد جاءت تصريحات “العبادي” في يوم الاثنين متزامنا مع تصريحات لمسؤولين اكراد كبار والذين اعلنوا نيتهم لازالة التوتر مع الحكومة المركزية بشكل جدي، فقد اكد “نجيرفان بارزاني” ومساعده “قباد طالباني” يوم الاثنين في لقاء مع سفراء وممثلي الدول الصناعية الكبرى في اقليم كردستان وممثل الاتحاد الاوروبي في العراق ان حكومة الاقليم مستعدة لتطبيع العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد.
واعلن الموقع الرسمي لحكومة اقليم كردستان ان “نجيرفان بارزاني” واضافة الى طلب تطبيع العلاقات مع بغداد قد تمنى على ممثلي الدول الصناعية الكبرى ان يهتموا باوضاع اقليم كردستان في المؤتمر القادم لقادة هذه الدول والذي سينعقد في طوكيو.
ومن الممكن ان تشكل هذه الاحداث التي جرت في 7 مارس والمواقف التي تم التأكيد عليها في هذا اليوم في العراق منعطفا تاريخيا في مجال ازالة التوترات بشكل محدود أو التوصل الى اتفاق شامل بين اربيل وبغداد في المستقبل.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق