نتنياهو الى موسكو مجددا : قلق ومخاوف إسرائيلية
الغيت الزيارة التي كانت مقررة إلى استراليا من الجانب الاسرائيلي في 17 اذار، فبعد مسعى اسرائيلي لترتيب زيارة إلى موسكو وموافقة الطرف الروسي على الزيارة التي طرحت في نفس الموعد الاسترالي، قرّر الجانب الاسرائيلي تغليب الزيارة لروسيا على الإستراليّة، فالكيان الاسرائيلي يرى الأولوية الان في ترتيب وضعه الأمني في المنطقة والتي لروسيا فيه الدور المؤثّر، الزيارة لموسكو والتي سيقوم بها “نتنياهو” مرفقاً بحاشية صغيرة ستضم بعض المستشارين الأمنيين ووزير الإستيعاب الاسرائيلي “زئيف الكين”. زيارة “نتنياهو” والتي سبقها بأشهر زيارة مماثلة تأتي اليوم في ظروف تعكس تخوّفاً اسرائيلياً وهو ما سنحاول تناوله باقتضاب في هذا المقال.
أولاً: التحرك الروسي في سوريا غيّر قوانين اللعبة وقلب موازين المعادلة، ولهذا يرى الكيان الاسرائيلي الضرورة بالنسبة له لإجراء نقاشات مستمرة مع الجانب الروسي ومحاولة التنسيق معه. كما أن موسكو وفي سياق تحركها على الأراضي السورية قامت بإرسال قوات نوعيّة مؤخراً لتفعيل الدبابات و رادارات وكذلك الصواريخ المضادة للطائرات، كما ونشرت قوات روسيّة في قاعدة سلاح الجو السوري في مطار اللاذقيّة، وبالتالي فإن الأيام القادمة ستشهد استقبال المزيد من الطائرات الحربيّة الروسية. كما وأن التوجه الروسي الأخير لتزويد الجانب السوري بصواريخ أرض-جو ستقلب موازين القوى الجويّة بلا شك، والكيان الاسرائيلي الذي لديه مطامع على الساحة السوريّة ويقوم بانتهاك الأجواء السوريّة بين الحين والآخر بات قلقاً من التغيرات الأخيرة الحاصلة. وفي هذا السياق فقد نشرت بعض وسائل الإعلام الغربية مؤخراً صوراً لقيام الجيش الروسي بإقامة قاعدة عسكريّة أمامية في مدينة اللاذقيّة ونشرت فيها دبابات متطورة من طراز “تي 90” مصفحات وسفن و وحدات النخبة الروسية ومنظومات قتال الكترونية، ورصد جوي ورادارات.
ثانياً: يرى الكيان الاسرائيلي أن رد الفعل الامريكي حيال التحرك الروسي اخذ طابع الدرامتيكية وعبر الجانب الأمريكي مراراً ومن خلال خارجيته عن رغبة في التنسيق مع الجانب الروسي وعدم الذهاب معه في مواجهة بإعتبار أن ليس في جعبتها من أدوات للضغط سوى الطلب من بعض أعضاء حلف الناتو إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية المتجهة إلى سوريا، رد الفعل الامريكي هذا وجه الكيان الاسرائيلي لإجراء مثل هكذا زيارات للجانب الروسي، فهي تجد نفسها قد حاصرت نفسها بنفسها والأخطار التي ولّدتها في المنطقة قد بدأت آثارها ترتد عليها شيئاً فشيئا.
ثالثاً: يخشى الكيان الاسرائيلي صواريخ اس 300 الروسيّة المتطورة، وبعد الإتفاق الروسي الإيراني على تسليم الأخيرة لهذه الصواريخ تتجه روسيا اليوم لتجهيز الأراضي السوريّة بهذا النوع لمواجهة المخاطر المحدقة بها، وفيما كان “نتنياهو” في وقت سابق خلال زيارة له منذ أشهر قد فشل في اقناع الجانب الروسي بعدم ارسال هذا النوع من الصواريخ إلى الأراضي السوريّة تتجدد هذه المحاولات اليوم مرّة أخرى. كما أن الكيان الإسرائيلي يحاول من خلال تواصله والجانب الروسي باللعب على وتر التحذير من ايران واستلامها لمنظومة الصواريخ اس 300. الجدير ذكره أيضاً أن الكيان الإسرائيلي يرى الحاجة لديه بتمتين علاقته مع الأنظمة المتواجدة على الساحة في ظل فورة شعبية عارمة رافضة للكيان، وهو يرى نفسه ملزماً بإختيار اما التنسيق مع الجانب الروسي أو الذهاب مع تركيا لأنهاء الأزمة بينهما والإستفادة من مسألة تصدير الغاز الطبيعي من على أراضيها بالإضافة إلى الحاجة لفك الحصار الشعبي عنها من خلال تطبيع العلاقات مع النظام في تركيا، فالجمع في العلاقات بين الأثنين متعذّر بسبب الإقدامات الاخيرة التي قام بها الجانب التركي والتي كان آخرها اسقاط الطائرة الروسية من قبل الجانب التركي على الحدود مع سوريا. لكن على ما يبدو فإن الوقائع على الساحة السوريّة ستحتّل الجانب الأهم في خيارات الكيان الاسرائيلي، لإن اهمال هذا الجانب من غير المعلوم إلى أين سيقود الأمور، خاصة وأن التصميم الروسي بحماية مصالحه في المنطقة والتي جاءت متوافقة وتطلعات الشعب السوري وحكومته هو تصميم لا رجعة عنه ومستمر في خطواته.
المصدر / الوقت