التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

اقتراحات ليست فائضة الوقاية خير من العلاج ! 

لم يحدث التطور في الأنظمة البشرية، بصورة آلية، أو بعيدا ً عن محاولات بالغة التعقيد، تخص الوظائف العليا، كالتفكير، والمجال الرمزي للأنظمة الاجتماعية، وغاياتها البعيدة. فلو لم تكن ثمة اختلافات، ومتضادات، وتنويعات، لكانت الحياة فوق الأرض، شبيهة بجنة عدن، كما تخيلها أسلافنا في بلاد ما بين النهرين، في الأزمنة الحضارية المبكرة..!
إنما حلم الأفراد، وأحلام المجموعات، في جانب من جوانبه، لم يتخل عن مفهوم البناء، والعمل الدؤوب، والتجربة، والاستقصاء، والاستجابة لكل ما يؤدي إلى تحسين الوضع البشري، ووضع حد لإضاعة الوقت في المنازعات، والصراعات الجانبية، أو الهامشية، أو الثانوية، في عملية التطور، والتقدم.
لكن الحياة ليست محض بستان للنزهة! وليست طريقا ً معبدا ً بلا عثرات، ومفاجآت، وصدمات! وليست نهايات القصص جميعها سارة! الأمر الذي يسمح لديمومة الصراع، بتوازن مع الآمال، والآفاق، والابتكارات المناسبة التي تساعد على عبور المحن، وتساعد على ردم الفجوات بين الأجيال، وبين الأمم، في المنظور الأبعد للوجود البشري فوق هذا الكوكب الصغير !
فهل ثمة جدوى أكيدة، على سبيل المثال، للجهد الكبير المبذول في اكتشاف عقارات مضادة للأمراض المستحدثة، أو المستوطنة، أو حتى التقليدية، بدل استبدال هذا الجهد، في دراسة العوامل الأساسية ـ والثانوية، بل وغير المرئية، لهذه الأمراض…؟ سؤال يؤكد أهمية الشعار الذي يطالعنا في واجهات المستشفيات: الوقاية خير من العلاج !
وفي المجال الأكثر انتشارا ً في عالمنا المعاصر، والأكثر إثارة للقلق، والاضطراب، ألا وهو اتساع خارطة أعمال العنف، الفردي ـ والجمعي: العنف ضد المرأة، وضد الطفولة، وضد البيئة، والعنف ضد الأقليات، والشعوب المستضعفة، فضلا ً عن العنف ما بين الأمم…
انه مثال دفع بعدد كبير من المؤسسات الرسمية لاتخاذ إجراءات للحد من هذه المظاهر، والحالات، إنما ليس في معالجة أسبابها، بل في معالجة ما آلت إليه من نتائج وخيمة !
فعلى سبيل المثال، ثمة جهد كبير مبذول في بناء شبكات المراقبة…، وأخرى للتنصت، ومؤسسات مهمتها جمع المعلومات، وتحليلها، إضافة إلى بناء معسكرات، وجدران حجرية، أو حديدية، ومراكز للحجر، ومناطق عازلة …الخ وهو جهد لا يتوازن بإضاعة زمن الحياة وما ينفق من ثروات هائلة فحسب، بل في منح (الصراع) نسقا ً لا يتجانس مع مفاهيم الحضارة، والعدالة، وحقوق الإنسان في الأخير !

د . ماجد اسد
07822700044- 07703444510
[email protected]

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق