لوموند” تكشف كيف سمحت أميركا بصعود “داعش” بسوريا
وكالات ـ امن ـ الرأي ـ
كشرت صحيفة لوموند الفرنسية تحقيقا تضمن شهادات أحد عناصر المعارضة ووثائق، تؤكد أن الاستخبارات الأمیركية كانت على علم بتحركات تنظيم “داعش” الارهابي في سوريا، وكانت قادرة على استهدافه في عدة مناسبات، ولكنها امتنعت عن ذلك بشكل غير مبرر. ويطرح التحقيق تساؤلات حول “العلاقة الخفية” بينها وبين هذا التنظيم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها بحسب “عربي21”: إن المعلومات الجديدة التي تم كشفها مؤخرا، هي إن معارضين سوريين أكدوا أن الاستخبارات الأميركية كانت تتلقى معلومات دقيقة حول تحركات تنظيم “داعش”، إلا أنها كانت في كل مرة تقوم بتجاهلها.
وذكرت الصحيفة، أن التحقيقات التي قامت بها لعدة أسابيع في تركيا، وخاصة في غازي عنتاب التي تمثل معقل المعارضة السورية في الخارج، مكنتها من جمع عدة وثائق وشهادات في هذا السياق، وهي تكشف أمرين مهمين، أولهما أنه منذ منتصف سنة 2013 كانت الأجهزة الاستخبارات الأمبركية تجلس متفرجة على صعود تنظيم “داعش” شيئا فشيئا، حيث كانت تحصل على المعلومات من داخل المعارضة السورية. والأمر الثاني هو أن واشنطن لم تستعمل هذه المعلومات للتحرك بشكل إيجابي حتى بعد انطلاق حربها ضد تنظيم “داعش” في سوريا في أيلول/ سبتمبر 2014، وهو ما مثّل خيبة أمل لقوى المعارضة التي كانت تأمل أن تستفيد من التدخل الدولي ضد الإرهاب.
ونقلت الصحيفة شهادة أحد المعارضين الذي أكد أنه في عدة مناسبات، وعلى امتداد سنتين، أرسل تقارير مفصلة إلى وكالة الاستخبارات الأميركية “سي آي إيه”، جمعها عن طريق شبكة من المخبرين في الميدان، وقد تضمنت هذه التقارير منجما من المعلومات والخرائط والصور وإحداثيات “جي بي أس” وأرقام الهواتف.
ونقلت الصحيفة عن هذا الرجل، الذي أشارت إليه بحرف “م”، قوله: “منذ أن كان تنظيم “داعش” يضم 20 شخصا إلى أن أصبح يضم 20 ألفا، كنا في كل مرة نحذر الأميركيين، ولكنهم لم يحركوا ساكنا، وعندما كنا نسألهم عما يفعلونه بهذه المعلومات، كانوا يقدمون لنا إجابات غامضة، ويقولون إن تلك المعلومات كان يتم إيصالها إلى “صناع القرار”.
وأكدت لوموند، أنها اطلعت على بعض هذه الوثائق، وتضمنت إحداها خريطة بمواقع مكاتب تنظيم “داعش” في الرقة، ونقاط التفتيش التي أقامها ومركز عملياته. كما تضمنت هذه الوثائق خطة سرية تم تجهيزها في صيف سنة 2014 بالتشاور مع واشنطن، كانت ستمكن من دحر تنظيم “داعش” من مواقعه في محافظة حلب، إلا أن الأميركيين قاموا بتأجيل هذه العملية مرارا وتكرارا ثم تمّ إلغاؤها نهائيا، وتركوا الجيش الحر يواجه مصيره في هذه المحافظة.
كما نقلت الصحيفة عن الشاهد “م” قوله إن مخبري الجيش الحر نجحوا في تجهيز ملف كامل حول معسكر لتدريب مسلحي داعش الأجانب في شمال محافظة اللاذقية، تضمن إحداثيات “جي بي أس” وصورا، بالإضافة إلى أرقام هواتف قياديين في التنظيم والأرقام التسلسلية لأجهزة الاتصال بالأقمار الصناعية وعناوين الإنترنت التي كانوا يستعملونها، إلا أنه لم يتم قصف هذا الموقع.
وذكرت الصحيفة أنها التقت شخصا آخر عمل أيضا كهمزة وصل بين الجيش الحر وأجهزة المخابرات الغربية، في مدينة غازي عنتاب، تحدث عن كيفية سقوط تدمر في يد تنظيم “داعش” في تموز/ يوليو 2015.
ويقول هذا الشاهد: “كنت في ذلك الوقت في ميناء إسكندرون، وقد اتصل بي بعض معارفي الموجودين في منطقة السخنة في شرق تدمر، ليقولوا لي إن رتلا من سيارات الجيب التابعة لتنظيم “داعش” كان يتجه نحو تدمر، وقد أخبرت وكالة الاستخبارات الأميركية والبنتاغون، وقالوا لي إنهم هم أيضا كانوا بصدد مشاهدة هذا الرتل، إلا أنهم برروا عدم قصفهم بالقول إن قائد الطائرة القريبة منهم أشار لوجود بعض الأطفال على متن إحدى الشاحنات، وهو ما أثار استغراب هذا الشاهد الذي قال لهم: وماذا عن بقية السيارات؟”.
وتساءل هذا الشاهد حول الأسباب التي دفعت باميركا للامتناع عن قصف رتل سيارات تنظيم “داعش” الارهابي لمنعه من السيطرة على تدمر، رغم أن الجميع كان يعلم مكان هذا الرتل ووجهته، وكان من السهل قصفه في تلك المنطقة الصحراوية المكشوفة. وقد أثارت هذه الحوادث المتكررة شكوك المعارضة السورية، حول النوايا الحقيقية للولايات المتحدة في سوريا.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق