التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

البرنامج النووي السعودي (2) – ميزانيات ضخمة ونتائج غير ملموسة 

تطرقنا في المقال السابق بشكل مختصر إلى أبرز المحطات التي مرّ بها البرنامج النووي السعودي، وأشرنا إلى أهم الإتفاقيات التي أبرمتها الرياض في هذا المجال.

في هذا المقال نتطرق وبشيء من التفصيل إلى المراحل التي قطعتها السعودية لبناء مفاعلات نووية والتي بدأت منذ سبعينات القرن الماضي.

التعاون السعودي – الباكستاني

ذكر الكثير من المؤرخين السياسيين بأن الإهتمام السعودي في مجال التكنولوجيا النووية بدأ في سبعينات القرن الماضي، وتحديداً بعد عقد رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق “ذو الفقار علي بوتو” إجتماعاً مع الفيزيائيين الباكستانيين قبل ذهابهم إلى “جامعة الملك فهد للبترول والمعادن”، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن السعودية كانت تُعتبر منذ ذلك الوقت الممول الرئيسي لمشروع القنبلة الذرية الباكستانية الذي أسسه بوتو عام 1974.

وفي عام 1980 زار الجنرال الباكستاني ضياء الحق السعودية حيث قال بشكل غير رسمي للملك فهد بن عبد العزيز إن: “إنجازاتنا هي لك”. وفي عام 1993 أبلغ رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف السعودية بشكل سرّي قبل البدء في إختبار الأسلحة النووية في إقليم بلوشستان الباكستاني. وفي يونيو 1998 قام نواز شريف بزيارة الرياض وشكر ​حكومتها علناً لدعم بلاده في الإختبارات النووية. وتقدر الإستخبارات الغربية أن السعودية قدّمت 7 مليارات دولار لبرنامج باكستان النووي على أقل تقدير.

بعد فترة وجيزة ذهب وزير الدفاع السعودي السابق سلطان بن عبد العزيز مع نواز شريف في جولة لمختبرات الأبحاث النووية في “كاهوتا” خارج إسلام أباد حيث إجتمعا مع البروفسور الباكستاني النووي الشهير “عبد القدير خان” وتناقشوا حول الفيزياء النووية والمشاكل الحساسة في الصواريخ النووية. وفي نوفمبر 1999 قام عبدالقدير خان الملقب بـ”أبو القنبلة النووية” بزيارة إلى السعودية.

ومنذ عام 1998 إعتقد الدبلوماسيون الغربيون ووكالات الإستخبارات أن باكستان ستبيع السعودية الرؤوس الحربية النووية والتكنولوجيا النووية رغم نفي كلا البلدين وجود مثل هذا الإتفاق.

وفي عام 2003 ذكر موقع الأمن العالمي أن باكستان قد دخلت في إتفاق سرّي مع السعودية بشأن التعاون النووي حيث تُقدم إسلام آباد الأسلحة النووية للرياض في مقابل الحصول على النفط الرخيص.

وفي مارس 2006 ذكرت مجلة ألمانية أن السعودية تلقت صواريخ نووية ورؤوساً حربية من باكستان، حيث عرضت المجلة صوراً للأقمار الصناعية تكشف عن مستودعات تحت الأرض في مدينة السليل جنوبي الرياض تحتوي على صواريخ نووية.

التعاون السعودي العراقي

في عام 1994 طلب الدبلوماسي السعودي محمد الخليوي من أمريكا اللجوء السياسي وأحضر معه مستندات تشير إلى دعم السعودية لبرنامج العراق النووي في ثمانينات القرن الماضي، ثم نقل بعض الأسلحة النووية إلى السعودية، لكن لم يتم تأكيد هذه المعلومات من أي مصدر آخر.

التعاون السعودي الصيني

في عام 1980 سلّمت الصين صواريخ من طراز “CSS-2” إلى السعودية في صفقة قدرت قيمتها بـ (3.5) مليار دولار، وعلى الرغم من أن الزمن قد عفا تقريباً على هذه الصواريخ في الوقت الحالي، إلا أنها كانت تشكل في السابق العنصر الرئيسي لقوة الصين النووية. وقد إستندت أجهزة باكستان النووية الأولى على تصميم صيني.

في عام 1990 إشترت السعودية من الصين 60 صاروخاً بالستياً متوسط المدى قادراً على حمل رؤوس نووية. وتشير تقارير صحفية إلى أن بكين قدّمت أيضاً للرياض عرضاً لشراء منظومة صواريخ حديثة.

وفي يناير 2012 وقّع الرئيس الصيني “ون جيا باو” إتفاق التعاون المشترك في مجال الطاقة النووية مع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بهدف تعزيز التعاون بين البلدين في مجال تطوير وإستخدام الطاقة الذرية مع التركيز على صيانة وتطوير محطات الطاقة النووية ومفاعلات الأبحاث وكذلك مكونات الوقود النووي.

في عام 2009، صدر مرسوم ملكي سعودي جاء فيه إن “تطوير الطاقة الذرية يُعد أمراً أساسياً للحصول على الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلّاة وتقليل الإعتماد على إستهلاك الموارد الهيدروكربونية”. وفي عام 2011، أعلنت الرياض عن خطط لإنشاء 16 مفاعلاً للطاقة النووية على مدى عشرين عاماً بكلفة تبلغ أكثر من 80 مليار دولار.

ومنذ عام 2003 سعت السعودية لتبني إستراتيجية نووية عسكرية مبطنة. وأشارت بعض التقارير إلى أنها تدرس إمّا الحصول على سلاح نووي خاص بها، أو تشكيل تحالف مع قوة نووية من الممكن أن توفر الحماية لها، أو التوصل إلى إتفاق إقليمي لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية.

وكانت السعودية قد صادقت على” معاهدة حظر الإنتشار النووي” في عام 1988 وأبرمت “إتفاقية الضمانات الشاملة” مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية” في عام 2009، لكنها لم توافق على البروتوكول المعدل الذي إعتمده مجلس محافظي الوكالة في عام 2005. كما لم توقع على “معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية”، على الرغم من أنها تدعو باستمرار إلى إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.

وفي عام 2007، حدّثت السعودية ترسانتها من الصواريخ الصينية من طراز “CSS- 2” التي تعمل بالوقود السائل، وإستبدلتها بصواريخ “CSS- 5” أكثر تقدماً، تعمل بالوقود الصلب. وتم تصميم كلا النوعين لحمل رؤوس نووية، ولكن بسبب إصرار أمريكا كما أفادت التقارير، تم تكييف الصواريخ الأحدث طرازاً لكي تحمل رؤوساً حربية غير نووية فقط.

***سنتابع الحديث في المقال القادم عن أبعاد أخرى للبرنامج النووي السعودي، وفق المعلومات والمعطيات المتوفرة حول هذا البرنامج.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق