أزمات الانقسام والتفكك ماذا اعددنا لسلامة عراقنا …؟
تشترك الشعوب الأكثر تطورا ً، وحداثة، في سلم التقدم، مع الشعوب الأشد بدائية، والنامية، في استخدام المواجهة، بأقسى الوسائل، بدل الركون العقل، والجلوس إلى مائدة الحوار، واستخدام النطق !
وهذه ليست مشكلة جديدة، أو وليدة عصرنا، ولكنها ليست مشكلة أبدية، أو قدرية. ذلك لأن العديد من الحضارات، ومنها التي لا اثر لوجودها، لم تمح تواصل الأمم، والشعوب، بمختلف أعراقها، وثقافاتها، ومعتقداتها، كي تصل (الحضارة) إلى عالمنا اليوم .
فالمشترك، لا بين البدائية وبين ما بعد الحداثة، هو استخدام المقدمات التي تفضي إلى نهاياتها المنطقية، بل بين الجنس البشري برمته، وهو: الانتقال من صناعة أسلحة الدفاع، إلى الأسلحة الأكثر قدرة على الفتك، والتدمير، والإبادة !
وكي لا ندفن رؤوسنا تحت الرمال، كما تفعل النعامة بحثا ً عن الماء، وليس ان تتستر عن العدو، علينا ان نحصي، خلال القرن الماضي، ضحايا الحروب التي نشبت في كوكبنا، وما أدت إليه من خسائر، ومن نهايات متوترة، ومشحونة بالقلق، والترقب، والانتقام !
فهل القضية حتمية ان تقترن الحضارات، بما تنتجه من أسلحة للدمار ، والفتك ـ ام عليها، بحكمة، ومن غير إحساس او شعور بالهزيمة، ان تقلب المعادلة وتعيد قراءة مصائر الحضارات، إن كانت حديثة العهد، أو قديمة، أو قائمة على تصوّرات مختلفة، بدل ان نتركها تواجه قدرها، كما حدث للحضارات المندرسة..؟
إن الرأي العام، لدى الشعوب المتقدمة جدا ً، أو لدى التي عاشت ما قبل عصر الكتابة، يجد نفسه ضحية حروب كبرى، خاطفة، أو طويلة الأمد، أو متقطعة…، فالثمن، في النهاية، يحصد الملايين من الأرواح، ولا يترك في اللاوعي ـ والوعي ـ إلا تجديد نزعة الثأر، والانتقام، والتدمير.
وإذا عاشت بعض الحضارات القديمة، تفصلها المسافات الشاسعة، برا ً أو بحرا ً، فان حضارة ما بعد أسلحة الدمار الشامل، وبتراكم ما لا يحصى منها، تعيش في قرية واحدة، خالية من الحدود، والجدران. كما ان الأسلحة التي تتحكم بها العقول الآلية ـ كما كادت الحرب النووية تشتعل إبان أزمة جزيرة الخنازير بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي انذاك ـ قد تتخذ قرارا ًيلبي رغبة ملغزة بالقضاء على كل ما أنجزته البشرية، منذ وجدت، حتى يومنا هذا…، وليس القضاء على قارة، او امة، أو دولة، أو أي شعب من الشعوب….!
والأمر لا يختلف كثيرا ً في ما حدث في بلدنا، فبعد الحرب، نشبت الفتنة الداخلية، وحصدت ما حصدت من الأرواح…، ومازال الشركاء، لم يتقدموا خطوة، إلا وثمة إنذارات بالتراجع إلى المربع الأول…!
فالأطياف، والكتل، والمجموعات، بتنوعها العرقي، والديني، والثقافي، بدل ان ترغم نزعاتها، ورغباتها، وأهدافها، ومشروعاتها، المعلنة، أو غير المعلنة، إلى مائدة الحوار، فان نذر الانقسام لن تغادر حروب الطوائف، يوم تدور رحى الحرب بين الأقاليم، والمدن، لا على الماء، أو الثروات، أو التراب، أو الفضاء فحسب، بل على أي شيء عدا المصير المشترك !
آنذاك لا وقت للأسف، أو الندم، أو الرجوع إلى المقدمات…! ما لم تتم معالجة قضايا المصير بالحكمة، والنبل، والعدل، لأن القوة، مهما كانت قادرة على اجتثاث الآخر، أيا ً كان، لن تحل المشكلة، بل تلتقي مع مصائر تلك الحضارات التي لا اثر لها، بين الحضارات التي حافظت على وجودها حتى يومنا هذا…!
د . ماجد اسد
07822700044- 07703444510
[email protected]