زيارة بان كي مون الى لبنان .. منح عقود بمئات ملايين الدولارات والهدف ؟
أتت زيارة أمين عام الأمم المتحدة “بان كي مون” إلى لبنان في ظل همس دولي وضغط باتجاه منع وصول اللاجئين السوريين إلى القارة الأوروبية، وقد تخلل الزيارة عدة أمور لافتة إن على الصعيد الشكلي البروتوكولي أو على صعيد ما تحدثت عنه بعض المصادر عن الطروحات والتقديمات السخية التي تهدف إلى تثبيت النزوح السوري وتحويله إلى لجوء دائم في لبنان.
أما بروتوكوليا فقد كان في استقبال الضيف الأرفع أمميا أمين عام وزارة الخارجية اللبنانية السفير “وفيق رحيمي” ومندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة “نواف سلام” إضافة إلى مسؤولة التشريفات في الخارجية “ميرا ضاهر” في ظل غياب للوزير “جبران باسيل” بحجة المشاركة في تشييع جنازة خاله، وهذه المسألة كانت موضع تساؤل بعض الجهات السياسية في لبنان التي اعتبرت الزائر يمثل وزير خارجية العالم أما مصادر وزارة الخارجية اللبنانية فردت بأن الأخير موظف رفيع المستوى في الأمم المتحدة ولا خطأ بروتوكولي فيما حصل.
هذا التفصيل البروتوكولي يحمل عدة إشارات من الجيد قراءتها، إشارات يصرح بها بعض السياسيين اللبنانيين في مجالسهم الخاصة. حيث أن وزارة الخارجية وعلى رأسها الوزير باسيل ومن يمثل يعترضون على عنوان الزيارة وهو المناقشة والاطلاع على وضع النازحين السوريين في لبنان، إضافة إلى الاطلاع على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين ووضع المخيمات الذي يوصف بالمزري. وما حصل يؤكد الخوف والرفض الأكيد لما يسعى إليه المجتمع الدولي بواجهة أممية لتثبيت وجود النازحين السوريين في الدول التي ينتقلون إليها ومنها لبنان خوفا من هجرتهم إلى أوروبا.
ومن هنا فإن زيارة كي مون ليست لبنانية بقدر ما يمكن وصفها بأنها خطوة ضمن الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة الهجرة إلى القارة الأوروبية والتي أثقلت كاهل الدول الأوروبية وباتوا يفتشون عن سبل لتثبيت اللاجئين في البلاد التي نزحوا إليها، وخير مثال على ذلك ما حصل من صفقة أوروبية تركية للحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا. وبالفعل وفي خطوة عملية لتنفيذ هذا المسعى فقد رافق كي مون خلال زيارته كل من رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ورئيس البنك الاسلامي للتنمية أحمد محمدعلي. وقد أعلن الأول عن منحة بقيمة 100 مليون دولار دعما للقطاع التربوي في لبنان بسبب مساهمته في تعليم النازحين السوريين. أما الثاني فقد وقع خمسة عقود مع مجلس الانماء والاعمار بقيمة 373 مليون دولار ومن المفترض توقيع عقد خامس يرفع المبلغ لـ400 مليون دولار. وهذه الأرقام السخية تأتي في وقت يعيش لبنان أصعب الأوضاع الاقتصادية وبحاجة إلى الدعم الدولي ليتمكن من الاستمرار في مكافحة الارهاب الذي يطاله بين الحينة والفينة. كما أن هذا الدعم والمصرح الهدف منه يؤكد مخاوف بعض الأطراف اللبنانية وخاصة المسيحيين الذين يعتبرون أن أي مشروع لتثبيت النازحين السوريين في لبنان إنما يشكل تهديدا كبيرا للوجود المسيحي فيه.
أما في المقلب الحكومي الآخر فقد لقي الزائر الأممي حفاوة رئاسية (إذا صح التعبير) في السرايا الحكومية، حيث كان في استقباله ومرافقيه رئيس الحكومة تمام سلام الذي أقام على شرفه حفل عشاء حضره مجموعة من الرؤساء السابقين والوزراء أبرزهم الحريري والجميل. وقد أكد سلام خلال كلمة ألقاها على حاجة لبنان للدعم الدولي وخاصة لتعزيز الجيش في مواجهة الارهاب والدعم المطلوب للاهتمام بالنازحين السوريين.
وكان بان كي مون قد التقى برئيس مجلس النواب “نبيه بري” وأنهى زيارته بزيارة إلى وزارة الدفاع حيث كان في استقباله على مدخل الوزارة وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش “جان قهوجي” إضافة إلى كبار الضباط. وجرى لقاء بين كي مون ووزير الدفاع إضافة إلى سفراء الدول المانحة ممثلين بـ ممثلة عن الاتحاد الاوروبي، أمريكا، روسيا، فرنسا، بريطانيا، وممثل عن جامعة الدول العربية. وقد أكد كي مون خلال اللقاء على دعم الجيش اللبناني القوي وضرورة استمرار الدعم له لما يمثله من قوة وطنية بحق.
ختاما يبقى الخوف من تثبيت النازحين السوريين في لبنان هو الخوف الأكبر الذي يقض مضجع الكثير من اللبنانيين. إذ من الممكن أن يُفهم مسعى المجتمع الدولي بالحؤول دون وصول النازحين إلى أوروبا ولكن لا يمكن أن نفهم ما السبب والداعي لتثبيت هذا الوجود في بلد كلبنان، وعدم العمل على إعادة النازحين إلى أرضهم وإنهاء الحرب الارهابية المستمرة منذ خمس سنوات. كلها أسئلة تبقى في رسم بان كي مون والأمم المتحدة والمجتمع الدولي أجمع.
المصدر / الوقت