التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

استيراتيجية ” داعش ” الجديدة في نشر الاٍرهاب 

بعد الهزائم المتكررة التي مُني بها تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق وسوريا قرر هذا التنظيم نقل عملياته الإجرامية إلى عمق القارة الأوروبية، وبدا هذا الأمر واضحاً من خلال هجماته التي إستهدفت مؤخراً العاصمة البلجيكية “بروكسل” والتي أدت إلى مقتل وجرح العشرات من الأشخاص.

وقد هدد التنظيم بشن هجمات مماثلة في عدد من الدول الأوروبية، وتوعد بأن تكون أشد شراسة من هجمات “بروكسل”. وتأتي هذه التهديدات بعد وقت قصير من مقتل أحد أبرز قيادات التنظيم المدعو “أبو عمر الشيشاني” بعدما أصيب في غارة جوية إستهدفت مقراً للتنظيم في ريف الشدادي التابع لمحافظة الحسكة شمال شرق سوریا. وأشارت مصادر إلى أن الشيشاني الذي شكّل مقتله ضربة قوية لـ “داعش” كان يشغل منصب قائد القوات المسلحة في التنظيم الإرهابي.

ويعتقد الكثير من المراقبين أن الهجمات التي إستهدفت “بروكسل” يوم الثلاثاء الماضي والتي تبناها “داعش” كانت تهدف للتغطية على الهزائم المتكررة والخسائر الجسيمة التي تكبدها هذا التنظيم في العراق وسوريا ولفت الأنظار إلى أنه لا يزال يملك القدرة على شن هجمات مماثلة في مناطق مختلفة من العالم، فيما يرى آخرون بأن “داعش” كان يهدف من وراء هذه الهجمات إلى إستعراض قدراته أمام أبرز منافسيه من الجماعات الإرهابية لاسيّما تنظيم “القاعدة”.

من هنا يمكن القول إن تنظيم “داعش” بدأ يتبنى إستراتيجية جديدة تقوم على نقل الإرهاب إلى دول أخرى بعيدة عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لاسيّما الدول الأوروبية، تماماً مثلما فعل تنظيم “القاعدة” بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، عندما إنتقلت قيادته إلى اليمن، وبعد ذلك إلى سوريا عبر تشكيل ما يسمى “جبهة النصرة”.

ولغرض تنفيذ هذه الخطة عمد “داعش” إلى نقل جزء من قواته إلى دول أخرى بينها ليبيا التي تمثل أرضاً خصبة للقيام بعمليات إرهابية نظراً للأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة التي يشهدها هذا البلد منذ عدّة سنين.

ويمكن التكهن بأن “داعش” إختار ليبيا كمقر إحتياطي له ومنطلق لشن هجمات إرهابية في دول المغرب العربي بعد أن خسِر مواقع مهمة في العراق وسوريا. فهناك حوالي 30 مليون قطعة سلاح من مختلف الأنواع والأحجام، وآلاف الأطنان من الذخائر والعتاد الثقيل التي تمكنت العناصر الإرهابية الموالية لـ “داعش” من السيطرة عليها في مناطق متفرقة من ليبيا بينها درنة والجبل الأخضر في الشرق، وسرت في الغرب، والكفرة في جنوب شرق البلاد.

وتمكنت عناصر “داعش” من تنفيذ ثلاث هجمات إرهابية في تونس خلال العام الماضي إستهدف إثنان منها مناطق سياحية في هذا البلد ما أدى إلى مقتل الكثير من الأشخاص بينهم عدد من السيّاح الأجانب. كما إستهدفت هجمات أخرى لداعش مدناً في تركيا بينها إسطنبول أسفرت أيضاً عن مقتل وجرح العديد من الأشخاص. وهناك دول أخرى كمصر والسعودية يمكن أن تكون ساحات مناسبة لتحرك “داعش” بهدف تعزيز نفوذه في المنطقة وتحقيق التفوق على الجماعات الإرهابية الأخرى لاسيّما القاعدة.

وربّما يكون اليمن هو أحد الخيارات الإستراتيجية لـ “داعش”، خصوصاً بعد أن تمكن الجيش اليمني واللجان الثورية بقيادة حركة (أنصار الله) من تحقيق إنتصارات مهمة على قوات التحالف السعودي – الأمريكي في عدوانها المتواصل على هذا البلد منذ 26 مارس 2015.

ومنذ تفجيرات “بروكسل” تعيش معظم الدول الأوروبية حالة من القلق والتوتر الأمني، وهي تتحرك الآن في إطار خطط طوارىء قصوى لحماية المطارات ومحطات القطار والمترو والملاعب الرياضية والمرافق والمؤسسات الحيوية الأخرى. وهناك حالياً إنتشار واسع للأجهزة الأمنية في هذه الدول لاسيّما في المدن الكبيرة التي تضم مبانٍ ومقاراً حكومية أو دولية حسّاسة. ومن غير المستبعد أن يتم إستهداف عواصم أوروبية أخرى خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة القادمة من قبل “داعش” الذي يسعى لتحقيق الصدمة الإعلامية، خصوصاً بعد أن حظيت هجماته في باريس وبروكسل بتغطية إعلامية مكثفة.

وربما تكون الهجمات القادمة أكثر شراسة من سابقاتها لأن عناصر “داعش” المتعطشين لإراقة الدماء لا يهمهم بمن يقع ضحية في هذه الهجمات ولا يكترثون لهويته ولا يبدون أي مشاعر إنسانية تجاهه، حتى وإن كان هناك من يتعاطف معهم في مكان الهجوم. ولذلك أضحت الدول الأوروبية كلّها مستهدفة، ولا يمكن ضمان أمنها وإستقرارها، حتى لو تم تعزيز الإجراءات الأمنية التي باتت تهدد مستقبل الوحدة الأوروبية وتبدد حلم شعوبها بالعيش بأمان وتقيّد حريتها في التحرك والتنقل بين بلدانها كما كانت تنعم في السابق في إطار إتفاقية “شنغن” التي تضم 26 دولة أوروبية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق