منذ متى أصبحت أفغانستان أكبر منتج للمخدرات في العالم؟
كانت أفغانستان خالية تقريباً من إنتاج المخدرات في زمن حكومة حركة “طالبان”، ولكنها تحوّلت وبسرعة إلى أن تكون المنتج الأول لهذه المواد في العالم بعد الغزو الأمريكي عام 2001.
وقبل فترة ذكرت إحدى وسائل الإعلام نقلاً عن موقع (NationofChange ) أن الجنرال الأفغاني “عبد السماء” أُتهم في الآونة الأخيرة بتهريب 40 باوند من الهيروئين.
ولا ينبغي التعجب كثيراً عند سماع مثل هذه الأخبار بأن أحد الجنرالات في الجيش الأفغاني تم إعتقاله بتهمة تهريب والإتجار بالمواد المخدرة، ولكن ما يثير الإستغراب في الواقع هو أن يكون معظم كبار المسؤولين في أفغانستان متهمون بإستغلال مواقعهم لجني الأرباح من خلال الإتجار بالمخدرات وأن يحصل ذلك أمام أنظار القوات الأمريكية في هذا البلد الذي تحوّل وبسرعة إلى أكبر منتج للأفيون في العالم بعد غزوه من قبل القوات الأمريكية عام 2001، وبات يزود أكثر من 90% من الطلب العالمي في هذا المجال، في حين كانت حكومة “طالبان” تمنع إنتاج المخدرات قبل ذلك التاريخ بشكل تام تقريباً.
وليس هناك أدنى شك بأن المافيات الدولية تجني أرباحاً طائلة تقدر بمليارات الدولارات سنوياً من وراء تجارة المخدرات غير المشروعة.
وقليل من المواطنين الأمريكيين لديهم إطلاع على تاريخ تجارة المخدرات غير المشروعة في بلادهم، وتحديداً على يد وكالة الإستخبارات المركزية، كما أن قليلاً منهم يعرف أن الغزو الأمريكي لأفغانستان تسبب في زيادة إنتاج الهيروئين في هذا البلد بدرجة كبيرة جداً.
وفي هذا الصدد يقول “ميشيل لافين” المسؤول السابق في دائرة مكافحة المخدرات في أمريكا إن تهريب الهيروئين إلى بلاده كان يتم عبر أجساد الجنود الأمريكيين المقتولين في حرب فيتنام، وعندما أبلغ وكالة المخابرات الأمريكية بهذا الأمر نقلوه إلى مكان آخر، وقالوا له إن هذه العمليات تتم بإشرافهم وعليه أن يغلق فمه وأن لايتحدث في هذه المسألة مطلقاً.
وأضاف “لافين” أنه كان يُطلع المخابرات الأمريكية على قضية تهريب الكوكايين على نطاق واسع في جنوب أمريكا لكنه كان يتعرض للتهديد ويطلب منه أيضاً عدم التحدث في هذا الأمر، لأنه يتم بعلم وإشراف الـ “سي آي إيه”، مشيراً إلى أنه إكتشف فيما بعد بأن تجارة المخدرات تتم على مستوى العالم من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، مؤكداً في الوقت نفسه أن الأشخاص والمنظمات المسؤولة عن هذا الأمر يتلقون الدعم الكامل من هذه الوكالة التي كانت تمنعه من تشكيل ملفات للمتاجرين بالمخدرات.
وعلى الرغم من مزاعم أمريكا بأنها تمنع إنتاج المخدرات في أفغانستان، وصلت كمية إنتاج هذه المواد إلى مستوى عالٍ جداً في هذا البلد، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم بصورة عشوائية، خصوصاً إذا ما علمنا بأن أمريكا تعد الآن أكبر سوقٍ لتجارة المخدرات غير المشروعة في العالم، خلافاً لما ترفعه من شعار “الحرب على المخدرات”.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة في تقرير لها صدر في كانون الأول/ديسمبر الماضي بأن مساحة الأراضي المخصصة لزراعة الأفيون في أفغانستان وصلت إلى حدود 209 آلاف هكتار في عام 2013، أي بزيادة نسبتها 60% قياساً إلى عام 2001 الذي تم فيه غزو هذا البلد من قبل أمريكا. ويشكل إنتاج الهيروئين والمورفين في أفغانستان والذي تقدر قيمته بثلاثة مليارات دولار حوالي 15% من الناتج الإجمالي المحلي لهذا البلد.
في هذه الأثناء أعلن المفتش الأمريكي الخاص بشؤون إعادة إعمار أفغانستان أن تجارة الأفيون ستزداد بشكل كبير في هذا البلد نتيجة إستغلال الأموال المخصصة للإعمار في هذا المجال من قبل الأشخاص المتنفذين، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المشاريع المخصصة لبناء قنوات الري وتعبيد الطرق والنهوض بالقطاع الزراعي في أفغانستان ساهمت هي الأخرى بتوسيع رقعة الأراضي المكرسة لزراعة الأفيون في هذا البلد.
ويعتقد المراقبون أن المافيات الدولية التي تتاجر بتهريب المواد المخدرة على مستوى العالم تجني أموالاً طائلة تقدر بمليارات الدولارات، ولهذا لا يمكن أن نتوقع أن تثمر جهود مكافحة المخدرات، كما هو الحال في مجال محاربة الإرهاب الذي تستفيد منه الكثير من الدول وفي مقدمتها أمريكا لتحقيق أغراضها تحت هذه الذريعة.
المصدر / الوقت