معارك عنيفة بين القوات الأرمينية والأذربيجانية وموسكو تدعو للتهدئة
يبدو أن نيران الحرب بدأت تتمدد الى مناطق كانت قد همدت فيها الحرب منذ سنين طويلة، حيث أن “كاراباخ” وهو الاقليم الجبلي المتوتر تاريخيا بين الاذر والارمن كان هادئاً منذ 1995، حين توقفت الاحتكاكات بين الحكومة الاذربيجانية وبعض القوات الأرمنية بعد اتفاق الهدنة، ولكن اليوم نشهد توتراً مستجداً تحول لاشتباكات عنيفة على هذه الجبهة القديمة المتجددة.
الأزمة التاريخية متجددة
الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا يمكن وصفها بالتاريخية بالنظر إلى جذورها الحضارية والثقافية والدينية، أما شكل الصراع حديثاً، فيعيد الباحثون صورة الصراع في العصر الحديث إلى النزاع بين البلدين على إقليم “ناغورنو كاراباخ” في عشرينيات القرن الماضي عندما كان البلدان لا يزالان ضمن الاتحاد السوفياتي، حيث وفي عهد الرئيس جوزيف ستالين حصلت عدة مشاكل حدودية في مناطق الاتحاد، منها ما حصل عام 1923 بضم منطقة ناغورنو كاراباخ التي كانت تقطنها أغلبية أرمينية في ذلك الوقت إلى الجمهورية السوفياتية الجديدة أذربيجان ومنحها حكما ذاتيا، وفي المقابل أبقى إقليم ناختشيفان بأغلبيته الأذرية معزولا داخل أرمينيا، ما أوجد بؤرة خلاف حساسة بين الجمهوريتين وبما يضمن موقفا قويا لموسكو.
وعندما بدأت قبضة الاتحاد السوفياتي تتراخى على الدول التي تدور في فلكه، تفجر الخلاف بين أرمينيا وآذربيجان على الإقليم عام 1988، وبلغ النزاع ذروته مثقلا بكل أعباء التاريخ مع إعلان الدولتين استقلالهما عن الاتحاد السوفياتي عام 1991، إلى أن تم التوصل عام 1994 إلى هدنة ما زالت سارية حتى الآن.
تبادل الاتهامات بين الطرفين ببدء الهجوم
تبادل أطراف النزاع الاتهامات حول من بدأ بافتعال الاشتباكات وجدد النزاع العسكري في هذا الاقليم. حيث أعلنت وزارة الدفاع الأرمنية عن اندلاع معارك عنيفة على خط التماس بين القوات الأرمنية والأذربيجانية في إقليم ناجورنو كاراباخ المتنازع عليه بين البلدين.
وفي بيان لها اوضحت الوزارة ان القوات الأذربيجانية تقوم منذ ليل أمس وصباح اليوم بعمليات على طول خط التماس مستخدمة الدبابات والمدفعية والقوات الجوية للتوغل في إقليم ناجورنو والاستيلاء على مواقع في عمقه، مشيرة الى أن الجيش الأرمني يقوم بهجوم مضاد على عدة محاور في الإقليم.
من جهتها أعلنت وزارة دفاع أذربيجان أن القوات المسلحة الأرمنية خرقت خلال الـ24 ساعة الماضية نظام وقف إطلاق النار 127 مرة على مختلف محاور خط التماس، لافتة إلى أن قوات أرمينيا استخدمت راجمات القنابل والرشاشات الثقيلة.
خسائر بشرية وعسكرية للطرفين
أشارت مصادر إلى وقوع قتلى من الجانبين، اذ تحدثت عن تكبد الجانب الأذربيجاني خسائر جسيمة بالأرواح والعتاد وفقد طائرة مروحية، كما وقعت اصابات عديدة في الصف الارمني من خسائر بالارواح والعتاد والمواقع العسكرية، وشدة المعارك وعنفها واستمرارها صعّب المهمة لاحصاء العدد الدقيق للخسائر في الارواح في الطرفين.
موسكو تدعو للتهدئة
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا طرفي النزاع الأذري والارمني إلى ضبط النفس والوقف الفوري لإطلاق النار.
وأعلن المتحدث الصحفي باسم الرئاسة “دميتري بيسكوف” اليوم السبت “أن الرئيس الروسي شديد القلق بسبب استئناف القتال على خط التماس في قره باغ، وقال “بيسكوف” إن الرئيس الروسي يشعر بالأسف لأن الوضع يتجه من جديد نحو المواجهة المسلحة، مضيفا أن جهودا حثيثة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى تسوية النزاع بذلت في الآونة الأخيرة في إطار الجهود الثلاثية “روسيا وأرمينيا وأذربيجان” ودوليا في إطار مجموعة مينسك لمنظمة التعاون الأوروبي “روسيا وفرنسا والولايات المتحدة”.
ودعت وزارة الخارجية الروسية اليوم، طرفي النزاع إلى ضبط النفس ووقف إطلاق النار، وقالت المتحدثة باسم الوزارة “ماريا زاخاروفا”: ندعو الطرفين إلى ضبط النفس والتخلي الفوري عن العنف، لافتة الى أن روسيا شرعت بالتشاور مع الشركاء في مجموعة مينسك.
ويجدر بالذكر أن الخبراء كان يسودهم تشاؤم حول إمكانية تخفيض التوتر بين البلدين، فضلا عن فض الاشتباك التاريخي بينهما ما لم يوجد حل لهوية وانتماء إقليم ناغورنو كاراباخ، بحيث يكون مقبولا من الطرفين ويحظى بدعم المجتمع الدولي.
المصدر / الوقت