الزواج عبر الفيس بوك .. جانب مشرق في العالم الافتراضي لكنه لايخلو من الانتقادات
لايختلف اثنان على أهمية التطور التكنلوجي وتغيراته الواقعية على شعوب العالم بما يخص زيادة المعلومات والتواصل بين الاخرين ، وان لوسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهما في قطع المسافات وتذليل العقبات امام حركة نقل البيانات والتعارف الشخصي ، بل واصبحت اليوم تتحكم في تغيير الحكومات العربية كما حدث في دولة مصر الشقيقة وغيرها ، فـ”الفيس بوك” الذي اصبح اكثر استعمالاً في العراق لم يكتفي مستخدميه بالتواصل لغرض الاعمال والمعرفة بل تجاوز ذلك الى حد “الزواج” بين عدداً من الشباب ومنهم المراهقين ، حيث اتسمت حالاته تارة بالايجابية وتارة اخرى بالسلبية ، ومنها ماكتب له النجاح وأخر مالقي بالفشل وحسب ماروي لنا عدداً من الذين خاضوا هذه التجربة.
مابين المطرقة والسندان وضجيج أعمال الحدادة والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي وركود السوق بسبب الوضع المالي العام يقضي الحداد ” سيف البابلي ” وقتاً طويلاً كل يوم ليتأمل مستقبله من خلال البحث عن شريكة حياة تكون راضية بالعيش معه في ظل هذه المتناقضات .
سيف ذو الـ 33 عاماً استهوته فكرة نشر صورة لأحد أعمال الحدادة التي أنجزها بإتقان ، فنشرها عبر موقعه في صفحات التواصل الاجتماعي فتوالت بصمات الإعجاب والتعليقات التي تركها بعض المتابعين للعمل المنشور الأمر الذي دفعه ليقتطع القليل من وقته يومياً لمتابعة صفحته التي ( نورتها ) بعض التعليقات وكلمات الثناء على لسان فتيات لا يعرفهن .
واسترسل سيف في حديثه ، لنا ” من هنا بدأ التحول في حياتي وأحسست أن لا مفر من الزواج حينما أحسست بنوع من الود أو المشاكسة أو التقارب من قبل إحدى الفتيات التي أكثرت من التعليقات والإعجاب على المنشورات اللاحقة”
وعدا سيف طريقة التعرف بالحبيبة او شريكة الحياة المستقبلية كان صعبا جداً ولذلك لعدم تجاوب زوجتي من طريقة التحدث معي بواسطة الدردشة، لكونها رافضة الحديث مع الغرباء داخل الفيس، الا اني حاولت ان اصل اليها عن طريق احدى صديقاتها المقربات ، بل واصبحت متابعاً جيداً لنشاطاتها واهتماماتها طوال فترة 4 اشهر دون علمها”.
وبين سيف ، ان” المشاعر التي كنت اخفيها اتجاهها كانت مشابهة لمشاعرها اتجاهي ، مما ادى الى عدم أخفائها اكثر من ذلك ، الامر الذي دعانا الى ان نتعرف بيننا عن قرب وتكوين علاقة حميمة فكانت نهايتها الزواج الشرعي والحياة الكريمة”.
أما الشابة زينب (25) عاماً من سكنة واسط قد وصفة طريقة الزواج بواسطة (الفيس بوك) بالايجابية ، وعدتها بالحالة التي تعكس نوع من التفاهم بين الطرفين كونها تخلق معرفة بين كلا الجنسين لطبيعة اسلوبهم وتعاملهم واخلاقهم من خلال هذه النافذة الصامته . مضيفة اني” تعرفت على زوجي الحالي عن طريق الفيس في احدى الكروبات الاجتماعية والتي من خلالها اصبحت ذات اهتمام لدى زوجي بما انشره من صور ومقالات قد جعلته ينال الاعجاب بي على الرغم من انه لم يعرفني شخصياً ولم يراني مسبقا. وتشير زينب الى انها ، حاليا تعيش اجمل حياة عمرها ، كونها حضيت بالشخص الذي لطالما حلمت ان يكون من نصيبها واثنت على نافذة ( الفيس بوك) التي عرفتها بشريك حياتها.
والناشطة زمن العتابي كان لها راي مغاير لما طرحه سيف البابلي حيث, تحدثت عن الموضوع بأستغراب قائلة ” اني وللأسف الشديد اقولها لاحظت في الفترة الاخيرة ، ان نافذة التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) قد استغلها البعض بشكل اخر لبناء العلاقات الغير الاجتماعية و التي اعتمدت السلوك الغير الاخلاقي في التعامل والذي نعبر عنه بـ”الشاذ” احيانا . واضافت ان “ماتسمى بـ”خطوبة ” و “زواج الفيس بوك” اعتبرها من السلوكيات البعيدة عن تقاليدنا الاجتماعية والعرفية والعشائرية التي يفترض ان تتماشا مع قيم المجتمع الاسلامي والعراقي الذي يوصف بالمحافظ.
وكان لكرار حسين من سكنة الكوت رأي مطابق لرأي الناشطة زمن في مسالة رفض هذا الزواج وتداعياته السلبية كونه قد عاش تجربة فاشلة، حيث قال ” اني احد ضحايا زواج (الفيس بوك) الذي لم يدم طويلاً بيننا لكونه نشئ على الكذب والتصوير الخيالي ، فضلاً عن عدم وجود التطابق الفكري والسلوكي بين الطرفين .
أذ ولد هذا الزواج ميتاً منذ الولادة ، الامر الذي جعلتي انفصل عنها بعد شهر من الخطوبة.
وانصح الشباب بالابتعاد عن هذا التصرف الغير ناضج حيث سيصبحون ضحية لهكذا “زيجات” خالية من التعقل والتحكم والمعرفة الحقيقية بالمقابل.
اما (ن،ع) والتي رفضت الكشف عن اسمها فقد عاشت تجربة حب (الفيس بوك) بنهاية مريرة بعد ان استغلها المقابل لاغراض شخصية، (ن ، ع) والبالغة من العمر 15 عاما طالبة في احدى مدارس محافظة واسط اهملت دراستها العلمية عندما تعرفت على احد ابناء جيرانها من خلال صفحته الشخصية في (الفيس بوك) فقضت معه قصة حب جميلة دامت سبعة اشهر تخللتها تبادل الصور والمكالمات الليلة الطويلة والسفرات الكثيرة بين فترة واخرى دون علم الاهل .
فتقول (ن ، ع ) انه وبأحد الايام بادر هذا الشاب الى طلب اشياء مني وصفتها بغير الاخلاقية فرفضت ذلك ، مما دفع الشاب الى تهديدي بنشر صوري على صفحات التواصل الاجتماعي في حال امتناعي وتلبية رغبته. وبعد اصراره على نشر صوري مما اضطرني الى ابلاغ اسرتي بتفاصيل هذا الموضوع ، اذ انتهى الامر بحصول مشكلة عشائرية بين كلا الطرفين لاجل الحد من جماحه وردعه للكف من تصرفاته والابتعاد عني.
من جهته الصحفي الشاب حسن الشمري اعتبر زواج الفيس بوك بـ”الفاشل” عازيا سببً ذلك الى ان التواصل الاجتماعي وجدت للمتعة والترفيه ليس للزواج . وبين الشمري ان ” سلبياته تكاد تكون اكثر من ايجابياته وبالخصوص في مجتمعنا العراقي المتشدد بقيمه الاسلامية العريقة وخصوصاً ان مجتمعنا يشهد حالة من الفوضى في الجوانب الامنية والاقتصادية والاجتماعية مما ينعكس على علاقات المجتمع وتجانسه مايجعله يرفض اي ممارسات خارجة عن العرف والتقاليد المتبعة بين مكوناته.
بين هذا الراي وذاك ، اصبح اليوم الجميع متفق على ان الفيس بوك الوسيلة الاولى التي يستخدمها العراقيون ، كونهم تعودوا عليه في معرفة مايدور من تفاصيل واخبار تشهدها الساحة على مختلف الجوانب . فأختلفت طبيعة الاستخدام بين شخص وأخر من خلال هذه النافذة التواصلية، فمنهم من استخدمها بصورة ايجابية والقسم الاخر بصورة سلبية ، اذا يحتم علينا جميعا ان نعمل على نشر الوعي الاجتماعي والثقافي للحيولة دون تكرار هذه الافعال السيئة والوقوع في مشاكل مجتمعية بين ابناء العراقي الغيور، فالزواج عبر الفيس بوك .. جانب مشرق في العالم الافتراضي لكنه لايخلو من عدة انتقادات.
فيشار الى ان العراق احتل عام 2015 المرتبة الثالثة عربيا في استخدام (الفيس بوك) بعد مصر والسعودية بحسب دراسة عربية اكدت بان العراق جاءبهذه المرتبة لمؤشر عدد المستخدمين البالغ نحو 8.4 مليون مستخدم وبنسبة تصل الى 10 % من اجمالي عدد مستخدميه من العرب.
سيف البدري