الجيش المصري و”داعش” والمعادلة المجهولة في شبه جزيرة سيناء
تصاعدت وتيرة النزاع المسلح بين الجيش المصري والجماعات التكفيرية الموالية لتنظيم “داعش” الإرهابي في شبه جزيرة سيناء في الآونة الأخيرة، فيما تباينت الآراء بشأن أسباب هذه النزاعات وما ستؤول إليه تطورات الأوضاع في هذه المنطقة.
ويبدو أن الأطفال والنساء في سيناء قد تعودوا على أصوات الإنفجارات وتبادل إطلاق النار، وتحليق الطائرات الحربية، لكن مع هذا تؤكد جميع القرائن والشواهد أن حالة من القلق تسود هذه المنطقة بسبب تزايد الهجمات الإرهابية التي تشنها الجماعات التكفيرية الموالية لـ “داعش” ضد قوات الأمن والجيش المصري التي كثّفت في مقابل ذلك من عملياتها العسكرية ضد هذه الجماعات خلال الربع الأول من العام الجاري.
وتفاوتت آراء المراقبين بشأن قدرة الجيش المصري على إحكام سيطرته على شبه جزيرة سيناء، في وقت تسعى فيه الجماعات التکفیرية إلى تعزيز قوتها في هذه المنطقة التي شهدت إشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل وجرح الكثير من الإرهابيين وعدد من العسكريين المصريين.
وأشار العديد من الناشطين المصريين إلى تفاقم الوضع الأمني وزيادة العنف في سيناء، معربين عن إعتقادهم بأن القوات الحكومية بدأت تفقد السيطرة على هذه المنطقة، داعين في الوقت نفسه إلى إعتماد إستراتيجية أمنية جديدة للتصدي للهجمات الإرهابية وإعادة الإستقرار إلى هذه المنطقة.
واعتبرت الناشطة إيمان سالم أن ما يحدث في سيناء من تصاعد لأعمال العنف شبه اليومية تقف وراءه مخططات وأطماع خارجية، مشددة في الوقت ذاته على أن هذه المنطقة ستبقى مصرية مهما حصل.
من جانبه حذر النائب السابق في البرلمان المصري يحيى عقيل من وجود سيناريوهات خطرة تهدف إلى إستنزاف قدرات الجيش المصري في سيناء وإجبار ساكنيها على مغادرتها تمهيداً لإحتلالها، داعياً الحكومة المصرية إلى إعادة النظر في إستراتيجيتها العسكرية في هذه المنطقة.
ووفقاً لبيانات منظمة حقوق الإنسان في سيناء شهدت هذه المنطقة 64 هجوماً إرهابياً مسلحاً خلال الربع الأول من العام الجاري، ما أدى إلى خلق حالة من الرعب والقلق في أوساط ساكنيها.
في هذه الأثناء قال اللواء زكي عز الدين المدير السابق لمركز الدراسات الإستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية المصرية إنه لا وجود لتنظيم “داعش” في سيناء، ولكن هناك جماعات إرهابية تتمدّد في هذه المنطقة وتدّعي أنها ترتبط بـهذا التنظيم، مشيراً إلى أن العمليات الإرهابية التي تنفذها هذه الجماعات تهدف في الحقيقة إلى إثبات وجودها فقط، واصفاً هذه العمليات بأنها أشبه بمحاولات الرمق الأخير، خصوصاً بعد العمليات العسكرية والأمنية الواسعة النطاق التي قامت بها القوات المصرية المسلحة في هذه المنطقة.
وأشار عز الدين إلى أن الإرهاب ليس موجوداً في سيناء فقط، داعياً إلى مواصلة مواجهته بالسلاح والتنمية والفكر، لافتاً كذلك إلى أن القوات المسلحة المصرية قامت بعمليات نوعية كبيرة ضد المسلحين، فيما تسعى الحكومة المصرية لتنمية جميع القطاعات في سيناء، وهذا كلّه سيمهد الأرضية لإستقرار الأوضاع في هذه المنطقة في المستقبل القريب.
وكانت القوات المسلحة المصرية قد أعلنت في سبتمبر/أيلول 2015 عن إنتهاء المرحلة الأولى من عملياتها التي أطلقت عليها إسم “حق الشهيد” للقضاء على البؤر الإرهابية في شمال سيناء. كما أعلنت في نفس الوقت عن تدشين المرحلة الثانية من هذه العمليات بهدف تهيئة الظروف لبدء أعمال التنمية في مناطق سيناء خصوصاً التي ينشط فيها تنظيم ما يسمى “أنصار بيت المقدس”، الذي أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 البيعة لأمير “داعش” الإرهابي أبو بكر البغدادي، وفي وقت لاحق غيّر إسمه إلى “ولاية سيناء”.
في ظل هذه الأوضاع تشهد مناطق شمال وشرق سيناء هدوءاً حذراً في الوقت الحاضر، حيث تنتشر الكمائن الأمنية في عدد كبير من هذه المناطق وتتركز الإشتباكات والعمليات الإرهابية في مناطق العريش والشيخ زويد ورفح، في حين تشهد مناطق غرب سيناء هدوءاً تاماً وسيطرة كاملة من قبل القوات المصرية، وكذلك منطقة وسط سيناء بمركزيها “نخل” و”الحسنة”.
كما تتركز الإضطرابات والإشتباكات في مناطق جنوب وغرب مدينة العريش ومناطق شرق سيناء التي تبدأ من منطقة “الريسة” وحتى المنطقة الحدودية في رفح وعلى طول الطريق الساحلي، وتمتد إلى جنوب منطقة الشيخ زويد وقرية الطويل مروراً بمناطق كرم القواديس واللفيتات والشدايدة وإنتهاءاً بالقاعدة العسكرية في منطقة الجورة.
المصدر / الوقت