التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, أكتوبر 7, 2024

لماذا تدعم امريكا الدكتاتوريات العربية ضد الانظمة الديمقراطية 

يتساءل الكثيرون عن سبب وضع امريكا لشعاراتها تحت اقدامها وقيامها بدعم الحكومات الديكتاتورية تماما كما تفعل واشنطن الان في اليمن حين تساند السعودية بشتى السبل العسكرية والامنية ضد الشعب اليمني وسط صمت مطبق في المعاهد ومراكز الدراسات والابحاث الامريكية تجاه هذا الامر، فلماذا تساير الحكومة الامريكية والغرف الفكرية التابعة لها هذه الافعال المغايرة مع الشعارات التي تتشدق بها امريكا؟
يمكن القول ان احد اسباب ذلك هو العلاقات الاقتصادية الواسعة بين امريكا والدول العربية في الخليج الفارسي لكن يجب ان ننسى ايضا تزويد الغرف الفكرية الامريكية باموال طائلة ايضا من قبل هذه الدول العربية الدكتاتورية.

وفي هذا السياق يمكن الاشارة الى الاموال الكبيرة التي تغدقها قطر على مثل هذه المؤسسات في امريكا وقد دفعت قطر مؤخرا 14 مليون دولار الى مؤسسة بروكينغز لتفتح فرعا في قطر وهي مؤسسة يمكن اعتبارها اكبر الغرف الفكرية في العالم.

وفي الحقيقة عندما عصف الربيع العربي بدول المنطقة سعت الدول العربية الى اعادة بناء خارطة المنطقة بشكل متفاوت وكما تريد لكن هناك خلافات في العقائد قد برزت بين الدول العربية فالسعودية التي رأت كيف تقوم قطر بصرف الاموال في واشنطن ادركت ان سبيل تحجيم قطر من جديد هو مواجهة النفوذ القطري ولذلك قامت كل من السعودية والامارات والكويت والبحرين باغداق الاموال على الغرف الفكرية والمؤسسات في واشنطن وعلى اللوبيات الخاصة بها هناك.

ان المؤسسات التي تسمى باللوبيات هي تجارة مربحة تكسب اكبر الارباح من زبائنها الذين ينظرون اليها كمتجر ويظنون ان الغرف الفكرية هي مركز جيد للاستثمار، وربما يكون مبلغ 200 الف دولار مبلغا كبيرا للغرف الفكرية لكن هذا المبلغ هو صغير جدا للدول النفطية العملاقة مثل السعودية التي تدفع الاموال الهائلة لكسب دعم اللوبيات.

ان هذه القضية قد بدأت مع الازمة المالية التي حدثت في الغرب وأثرت سلبا على الغرف الفكرية والجامعات في وقت تقلصت الميزانيات المالية لهذه المؤسسات لكن الاموال السعودية وحلفائها اغاثت هذه المؤسسات وخاصة في عام 2014 وقد افتتحت مؤسسة الدراسات الدولية والاستراتيجية مكتبا جديدا وكبيرا لها بمساعدة اماراتية بقيمة مليون دولار.

واجرت صحيفة نيويورك تايمز دراسة حول المساعدات المالية الاجنبية للغرف الفكرية في عام 2014 واظهرت الدراسة ان المساعدات قد ازدات وهناك ملايين الدولارات التي اغدقت على هذه المؤسسات صاحبة النفوذ في واشنطن وهي مؤسسات تنتج التحليلات السياسية وتستضيف الاجتماعات وتعد المواجز للمسؤولين الرسميين الامريكيين الذين هم على اتصال مع الحكومات الاجنبية، وقد اثبتت الدراسة التي اجرتها نيويورك تايمز ان الغرف الفكرية التي تلقت هذه الاموال كان لها نفوذ مباشر في الكثير من الاحداث.

ان هذه المؤسسات تمارس ضغطا هائلا على بعض دول الشرق الاوسط لكنها لا تتطرق لافعال الحلفاء المشينة مثل معارضة السعودية للديمقراطية وقمع الحركات الشعبية وانتهاك حقوق الانسان وفي كثير من الاحيان يتم تجاهل هذه الامور.

ان احد آثار هذا الدعم المالي المستمر يتجلى في الرقابة الذاتية التي تفرضها الغرف الفكرية على نفسها لأن هذه الغرف لاتريد لتحليلاتها السياسية ان تبعد الاموال وتوجهها نحو جهة أخرى، وربما يمكن القول ان احد افضل الامثلة هو الدبلوماسي ميشال دان الذي يمتلك خبرة العمل الحكومي لعشرين سنة وقد وظفته الغرف الفكرية للمجلس الاطلنطي ليفتتح قسما جديدا تحت اسم رفيق الحريري لكنه اضطر الى ترك هذه المؤسسة نظرا الى نهجه المستقل وانضم الى معهد كارنيغي الذي يدار بدون هذه الاموال الضخمة، وفي الحقيقة فإن الكثير من من هذه المؤسسات تتنافس من اجل كسب الدولارات العربية ولاتريد ان تخسر حصتها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق