مواجهات قرة باغ والسعي التركي لأفتعال الأزمات بالمنطقة
منذ اندلاع المواجهة الاخيرة بين ارمينيا واذربيجان اتخذت تركيا مواقف لاتصب في خانة اطفاء الحريق بل عمدت انقرة الى اعلان دعمها المطلق لاذربيجان رغم القول انها تريد انتهاء هذه المواجهات بالطرق السلمية.
ويعتقد بعض المحللين ان اندلاع هذه المواجهات وانتهاك وقف اطلاق النار بين ارمينيا واذربيجان بعد 22 سنة كان خارجا عن نطاق ارادة القوات الاذرية والارمينية، ويقول هؤلاء المحللون ان هناك علاقة للازمة الموجودة بين روسيا وتركيا وبين المواجهات في قرة باغ، وفي حين يحمل قسم من هؤلاء المحللين المسؤولية للتحركات الروسية يقول قسم آخر ان التحركات التركية والزيارات المتبادلة بين المسؤولين الاتراك والاذربيجانيين قبيل وقوع الصدام هي السبب الاساسي لحدوث القتال في قرة باغ الان.
ويقول المحللون ان خلفيات الازمة بين روسيا وتركيا ترجع اضافة الى الازمة السورية الى ازمة شبه جزيرة القرم فروسيا وتركيا كانتا منهمكتين في نزاعات في شمال تركيا (شمال البحر الاسود) وجنوبها وان هذه النزاعات وصلت الى حد المواجهة العسكرية، ويضيف المحللون ان الحكومة التركية تشعر انها لم تستطع بلوغ اهدافها في الازمة السورية وانها تلوم في ذلك روسيا التي دعمت حكومة الرئيس السوري بشار الاسد وقصفت مواقع الجماعات الارهابية المسلحة ولذلك يمكن القول ان احد الاهداف المهمة لتركيا الان هو ادخال روسيا في مواجهة مع الغرب، وهنا يمكن القول ان استهداف الطائرة الحربية الروسية في سوريا كان محاولة لجر الناتو نحو النزاع مع روسيا.
ولحكومة اردوغان اليد الطولى في ايجاد مثل هذه الفتن فحزب اردوغان كان قد خسر الجولة الاولى من الانتخابات التركية في العام الماضي لكن اردوغان نفذ خطة مريبة وانهى وقف اطلاق النار مع حزب العمال الكردستاني وأجج الاوضاع الامنية الداخلية في تركيا ونجح من خلال هذا الاسلوب في كسب اصوات الناخبين الاتراك في الجولة الثانية من الانتخابات وهو الان يريد دفع روسيا نحو ابداء الدعم لارمينيا وتشويه صورة روسيا جراء ذلك وتشديد حالة المواجهة بين الناتو وروسيا لتصبح العلاقات الروسية مع الغرب متأزمة.
ويأتي كل هذا في وقت كان وزيري الخارجية الروسي والامريكي قد وضعا خلال الايام العشرة الماضية تعزيز التعاون بين بلديهما في مجال القضايا الاقليمية والدولية على جدول اعمالهما وتوصلا في بعض المجالات مثل الازمة السورية الى بعض التفاهمات التي تضاف الى تفاهمات مماثلة حصلت خلال مفاوضات السلام التي جرت في جنيف.
وتشعر الحكومة التركية ان نتيجة المفاوضات بين روسيا وامريكا ستكون ترك الاتراك وحيدين في بحر من الخصام مع سوريا مع وجود قوات داعش والجماعات الارهابية المختلفة وكذلك قوات حزب العمال الكردستاني الذي يدخل منذ شهرين حتى الان في مواجهات دامية مع السلطات التركية وصلت حتى الى انقرة واسطنبول، ولذلك يجب القول ان دوافع وحوافز تركيا لتشديد الازمة بين ارمينيا واذربيجان هي دوافع وحوافز قوية لأن أنقرة تسعى من خلال افتعال الازمات وجر الاطراف الموجودة في المنطقة نحو هذه الأزمات ان تحول دون حصول تفاهمات بين روسيا والغرب وان لاتكون هي الوحيدة الغارقة في الازمات.
لكن الحقيقة هي ان نتيجة سياسة افتعال الازمات لم تكن في صالح تركيا حتى الان لأن تركيا تحملت اضرارا كبيرة بسبب الازمة السورية كما ان هناك الان اشتباكات كبيرة بين الجيش التركي وبين عناصر حزب العمال الكردستاني ولذلك فإن تأزيم الاوضاع في القوقاز لن يكون في صالح دول المنطقة وتركيا على وجه الخصوص.
المصدر / الوقت