نادر فرجاني: السعودية تمرّ بأحلك أوقاتها وسمعتها العالمية وصلت إلى الحضيض
القاهرة ـ سياسة ـ الرأي ـ
قال المفكر د. نادر فرجاني أستاذ العلوم السياسية إن محاولة إنقاذ عرش آل سعود وحكم العسكر لمصر بإعلان مصر ولاية خاضعة للمملكة الوهابية ستفشل بكل تأكيد، مشيرا الى أن مملكة آل سعود تمر بأحلك اوقاتها منذ إنشائها في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي.
وأضاف فرجاني في مقال له بصفحته على “الفيسبوك” إن ولي العهد المسمى والحاكم الفعلي منذ الآن على خلاف الأصول المتبعة في العائلة الحاكمة، مغامر متهور وداعية عنف، مشيرا الى أن سمعة المملكة الدولية وصلت إلى الحضيض في المنطقة العربية والعالم بسبب ضلوعها في حربين ضروس في سورية واليمن، قاربت على تدمير البلد الأول بعد أن زرعت على ارضه كيانات إرهابية ما لبثت أن افرخت كيان “داعش” الهمجي، بل وأوشكت على تحويل حربها على ارض سورية العزيزة إلى بداية حرب عالمية، و ترتكب يوميا جرائم حرب بشعة في حربها الثانية العدوانية في اليمن ولا تتورع عن طلب وتلقي الدعم فيها من الولايات المتحدة و إسرائيل.
وتابع فرجاني: “والأخطر أن المملكة باتباع سياسات خرقاء في سوق النفط- ظنت أنها تدعمها سياساتها العدوانية في المنطقة للإضرار بإيران و الاتحاد الروسي، خدمة للمشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا، أوشكت ان تذبح الدجاجة التي كانت تبيض لها ذهبا باستمرار، فانخفض سعر برميل النفط إلى اقل من اربعين دولارا واستحالت المملكة من دولة فائض ضخم إلى معاناة عجز متعاظم في ميزانية الحكومة. وما فتئت المملكة الوهابية تنفخ نيران التقاتل الطائفي بين المسلمين من منطلق الدفاع عن أهل السنة في مواجهة الشيعة”.
وتابع فرجاني: “بين الافتقار وتردي المكانة الدولية كان طبيعيا أن تسعى المملكة إلى منفذ نجاة، وأين في المنطقة العربية من طاقة نجاة أهم من مصر.
واتفق أن الحكم العسكري الذي اصطنعته المملكة وأذنابها في الخليج (الفارسي) بأموالهم في منتصف 2013 مازال يحكم مصر بالقهر والبطش والإفقار. ولكنه أيضا بات يعاني من ترد شنيع في الأحوال الاقتصادية بسبب سياساته الخرقاء والمدمرة للنشاط الاقتصادي المنتج فتراكمت على المصريين بسبب سفه حكومتهم الديون في الداخل والخارج وانحطت قيمة العملة الوطنية واستشرى الغلاء وتفشت التعاسة القائمة على متلازمة البطالة-الفقر. وبالطبع مافتئت شهوة حكام مصر للإثراء الشخصي ولو بإفقار الشعب الطيب متمكنة منهم ” .
وأشار فرجاني إلى أن من تابع ما اعتبره الحكم العسكري انتصارات وإنجازات خلال زيارة ملك السعودية، يتضح له أن “العون” السعودي لا يأتي كهبة ضخمة مجملة لسلطات الحكم العسكري في مصر، كما حدث عندما استأجروهم للانقلاب على سلطة مدنية منتخبة بعد الثورة الشعبية العظيمة، على علاتها، ولم يعد الدعم المالي غير مشروط وإنما هو اقرب إلى اشتراك، إن لم يكن إشراف وتحكم، سعوديين على عديد مناح من النشاط الاقتصادي الخاص والحكومي والمجتمعي ومن دون إعلان تفاصيل ولو رئيسية ويدل على ذلك تعدد الاتفاقات والتفاهمات الموقعة بين طرفين حكوميين، واحد سعودي والثاني مصري، ينتظر بسطوة المال أن يكون للأول القدرة على التحكم.
ووصف فرجاني تنازل الحكم العسكري عن جزيرتين مصريتين، بأنه انتهاك جسيم للدستور ولجميع معاني الوطنية التي يتشدقون بأنهم عنوانها، لقاء فتات، و مغانم دنيئة، على الأرجح لن يصل منها للشعب شروى نقير بحسب فرجاني .
وتابع أستاذ العلوم السياسية :
“لا تستهينوا مثلا بالتفاهم بين الطرفين في مجال “الثقافة” وما يمكن أن يعنيه، تحت ضغط المال، من استشراء التوجهات “الثقافية” الرجعية في المملكة في مصر، وهو الأمر الذي أسس له الحكم العسكري من قبل بجدارة. و تمعنوا مثلا في واقعة تغطية تمثال ابراهيم باشا، هازم الوهابية العتيد، حتى لا يقع عليه بصر الملك السعودي. ويالتعاسة مثقفي مصر إذا تمكن هذا التوجه في عهد وزير ثقافة كان يشاع أنه “تقدمي”.
وأشار فرجاني الى أن الأخطر ربما كان هو انضواء دار الإفتاء المصرية، من خلال تفاهم وقع منفردا، تحت سطوة الإفتاء السعودي، سيئ الصيت بالتشدد والفظاظة والتعسير، تحت عنوان “ضبط الفتوى”.
وتابع فرجاني :”لا يفوتكم الأثر المجتمعي المدمر الذي ينتظر من تدفق أعداد غفيرة من السعوديين عبر الجسر البري المزمع إنشاؤه من أجل اللهو “البرئ” في مصر، وليكن لكم في المواخير السعودية في البحرين عبرة ” .
واختتم قائلا: “عندما يكتب تاريخ هذه المرحلة في تاريخ مصر الممتد والمنطقة العربية بأمانة سيسجل ضمن سوءات الحكم العسكري بواسطة ” جنرالات كامب ديفيد” غير المحاربين أبدا، لأرض الكنانة، اثنتين صارختين: الأولى عكس العقيدة القتالية للقوات المسلحة لشعب مصر من حرب الدولة العنصرية الباغية إسرائيل إلى الحرص عليها وحمايتها ـتحت التأثير المخرب للمعونة العسكرية من الولايات المتحدة. والثاني هو حسم الصراع التاريخي بين قطبي التقدم- الرجعية في المنطقة العربية، المملكة الوهابية ومصر،لمصلحة الأولي بإخضاع الثانية لها انتصارا للتخلف والرجعية في عموم المنطقة العربية.
وليست مصادفة أن تقترن السوءتان، في حقبة الحكم العسكري القائم حاليا مع انتقال الصلات السعودية الإسرائيلية من طي الكتمان إلى العلن الصريح”.