التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

القمة الخليجية الامريكية المرتقبة.. عودة واشنطن لسياسة الابتزاز مم بوابة الامن 

في ظل الحديث عن تغيُّراتٍ في السياسة الدولية، لا سيما للدول الكبرى، وهو ما بدا واضحاً من خلال النظر للعديد من الملفات في المنطقة ومنها بالتحديد الملفين السوري واليمني، يترقب العالم القمة الخليجية الأمريكية المُنتظرة. فعلى الرغم من حجم التبدُّل الواضح في الإستراتيجية الأمريكية من فرض القرارات الى استراتيجية الإحتواء والمشاركة، فإن العديد من الأطراف خرجت من اللعبة الدولية بسبب رهاناتها الخاسرة. وهو الأمر الذي يمكن أن ينطبق على الأطراف الخليجية، والتي يبدو أنها لم تستطع حتى الآن حجز مكانٍ لها في صنع القرار الدولي المستقبلي، على الرغم من حجم الخلافات التي تعتري البيت الخليجي الواحد، والذي لم يتفق يوماً بل جمعته المصالح المُتشعبة. من هنا تأتي أهمية اللقاء المُرتقب بين الأطراف الخليجية والرئيس الأمريكي، والمُنتظرة في 21 نيسان المُقبل. فكيف يمكن قراءة ذلك؟ ولماذا تحاول واشنطن الحشد لإدخال قوات الأطلسي في مهماتٍ تهدف لحفظ أمن الخليج الفارسي؟

من المُقرر أن يلتقي وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري”، وزراء الدول الخليجية الخميس، في ظل وجود خلافات بين أمريكا ودول الخليج الفارسي، حول العديد من الملفات. فيما سيجري ذلك تمهيداً لعقد الرئيس الأمريكي “باراك أوباما”، القمة المرتقبة في السعودية، في 21 نيسان الجاري، مع قادة دول مجلس التعاون. وهنا تخرج الى العلن حالة الشرخ بين اللاعب الأمريكي والأطراف الخليجية، والتي أيضاً تختلف فيما بينها، وهو ما بات أكبر من ذي قبل نتيجة اختلاف المصالح والقراءات المختلفة للأطراف.

لكن الأمر البارز والذي يجب الوقوف عنده، هو محاولة واشنطن العودة مجدداً للعب على وتر التهديدات الأمنية، وذلك من خلال السعي لزيادة مهمات قوات حلف الأطلسي في الدول الخليجية، تحت حجة تفعيل دور هذه الدول في مكافحة الإرهاب، ورفع المستوى الأمني لها، في مواجهة التهديدات المرتقبة.

وهنا فإن العديد من الأسئلة تُطرح في هذا المجال، خصوصاً فيما يتعلق بالسياسة التي تعتمدها واشنطن، والتي ليست بجديدة، والتي تهدف من جهة لزيادة حجم تدخلاتها في المنطقة، الى جانب تأجيج الصراعات في الإقليم واللعب على الوتر القومي والطائفي، خصوصاً لجهة العمل على تقوية الشرخ بين الدول الخليجية وإيران، عبر إظهار الأخيرة بأنها الطرف الذي يُشكِّل خطراً على أمن هذه الدول. وهو ما يجب الإشارة له بالتالي:

يواجه وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” مهمةً صعبة في محاولته حشد تأييد دول مجلس التعاون الست، لتسوية النزاعات الرئيسية في المنطقة. خصوصاً أن هذه الدول تشعر بخيبة أمل مما تعتبره استمراراً لتدهور العلاقات مع واشنطن، والتي تتعاطى مع مصالحها ولو على حساب حلفائها. وهو الأمر الذي برز على خلفية رضوخ أمريكا للدور الإيراني في المنطقة. في وقتٍ تسعى فيه واشنطن لكسب مشاركةٍ أكبر من قبل الدول الخليجية ضد تنظيم داعش الإرهابي، والذي جعلته الإدارة الأمريكية الشغل الشاغل في المنطقة، لأهدافٍ تتخطى السياسة وتصل للمكاسب الإقتصادية لا سيما من خلال تجارة السلاح.
وبالعودة الى الموضوع الرئيسي، فإنه لمن المُستغرب عودة واشنطن للحديث عن أهمية تفعيل أمن دول مجلس التعاون ضد التهديدات القومية. وهو ما تجده أمريكا سبباً وجيهاً لزيادة قواتها أو قوات حلف الأطلسي. مما يعني العودة مجدداً للحضور تحت ذرائع مُختلفة. في حين أظهرت التجربة أن حضور هذه القوات لم يكن ليحُلَّ المشكلة، بل كان سبباً في زيادتها، حيث يبدو واضحاً حجم الخراب الذي حلَّ بكلٍ من العراق وليبيا وأفغانستان. وهو ما يضحد حجم الإدعاءات الأمريكية.
لكن المراقبين يجدون في المساعي الأمريكية، محاولةً لإسترضاء الدول الخليجية، عبر استغلال ملفات الإرهاب، واللعب على وتر التهديدات. وهو ما يزيد على السياسة الأمريكية التي تتصف بالبراغماتية، صفة الإبتزاز. الأمر الذي تعوَّدت عليه أدوات واشنطن، لا سيما الدول الخليجية. فالتجربة الأخيرة، كفيلة بإثبات حجم التناقض الأمريكي، لا سيما تجاه دول الخليج الفارسي. كما أن تصريحات “أوباما” الأخيرة والتي هاجم فيها السعودية، ما تزال في أذهان المسؤولين الخليجيين.
كما أن الأطراف الخليجية والتي تختلف فيما بينها في قراءة الملفات المُتعلقة بالمنطقة، ما تزال تحمل في داخلها، مشاعر الغضب تجاه الغزل الأمريكي لطهران. فمن خلال متابعة تحليلات المسؤوليين الخليجيين، نجد أن الأطراف الخليجية تنتقد سياسة واشنطن والتي تعتبرها متساهلة وراضخة تجاه تزايد النفوذ الإيراني. وهو ما بدا واضحاً قبيل توقيع الإتفاق النووي وبعده. في حين تُشير مصادر الخليجيين، بأنه وعلى الرغم من ذلك، تمضي إيران قدماً في مشاريعها وسياساتها، متجاهلةً الطرف الأمريكي. وهو ما يقف عنده الخليجيين، ويتساءلون عن جدوى وعود واشنطن، والتي لم تعد قادرة على عزل إيران. بل أضحت مُضطرةً للتناغم مع سياساتها الإقليمية والدولية.
إذن ومن خلال ما تقدم، يمكن استنتاج التالي:

تعيش الدول الخليجية حالة من خيبة الأمل، تجاه الحليف الأمريكي. فهي لا تمتلك قدرة الخروج عن طوعه، لكنها تعتبر معركتها الحالية معركة وجود. وبالتالي فإنها لم تعد تستطيع التفاعل كما في الماضي، مع المصلحة الأمريكية، والتي لم تُعر أي إهتمامٍ لمصالح الحلفاء يوماً ما.
من جهته، يتعاطى الطرف الأمريكي، كعادته بحسب مصالحه. وهو اليوم يعود ليُرسِّخ مقولة أن الدول الخليجية لم تكن يوماً بمستوى الحليف. بل هي ليست إلا ممراً لتسهيل مصالح واشنطن. بل إن أمريكا تعتبر هذه الدول أوراقاً، تسعى اليوم من خلالها لفرض معادلاتٍ جديدة، تهدف لزيادة حجم تدخلها عبر قواتٍ على الأرض، كما حصل في أفغانستان والعراق وليبيا. لكن ذلك لن ینجح في المستقبل كما أنه لم ينجح في الماضي.
لم تعد العلاقات الخليجية الأمريكية كما كانت في الماضي. كما أن الإستراتيجية الأمريكية والتي وضعها أوباما، أصبحت مهزوزة بعد أن أفقدت واشنطن قدرتها على الإلتزام بتعهداتها، خصوصاً بعد أن أصبحت مُبررات الإرهاب والأمن سياسة أمريكا الوحيدة. فيما يمكن القول أن الخلافات الخليجية الداخلية، ستجعل من الصعب الوصول لرؤية واحدة. فيما يبدو واضحاً أن واشنطن، عادت لسياسة الإبتزاز، عبر التهويل بالحاجة للأمن.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق