التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

الاتفاق الاخير بين الناتو والكويت … الأهداف والتداعيات 

أبرم حلف شمال الأطلسی “الناتو” مؤخراً إتفاقاً مع دولة الكويت يسمح بعبور قوات الحلف ومعداته العسكرية عبر أراضيها و وقع الإتفاق “ينس ستولتنبرغ” الأمين العام للحلف الذي إلتقى أمير الكويت “صباح الأحمد الجابر الصباح” ورئيس مجلس الوزراء “جابر المبارك الحمد الصباح”.

وجاء في بيان للناتو إن الإتفاق يساعد على توفير الدعم اللوجستي لقوات الحلف في أفغانستان وعلى تعزيز الأمن الدولي. وأشار إلى أن الكويت تبني مركزاً إقليمياً للتعاون بإدارة مشتركة بين الحلف والكويت وتركيا، ويعمل المركز على تعزيز التعاون بين شركاء الحلف ودول مجلس التعاون في عدّة مجالات بينها التحليل الإستراتيجي، والتخطيط لحالات الطوارئ، والتعاون العسكري والدبلوماسي.

ويأتي هذا الإجراء في إطار مبادرة إسطنبول للتعاون (ICI) التي أطلقت عام 2004 خلال قمة إسطنبول لحلف الناتو، بهدف التوصل إلى إستراتيجية أمنية شاملة ترمي إلى تعزيز الإستقرار في المناطق المحيطة بمنظمة حلف شمال الأطلسي.

ومن الأهداف الاساسية التي تضمنتها مبادرة إسطنبول، السعي لضمان أمن دول مجلس التعاون باعتباره يرتبط بالأمن الأوروبي والأطلسي، وهو ما أكده الأمين العام للناتو خلال زيارته للكويت.

ويستند هذا الإرتباط في الواقع على تفسير مفهوم الأمن الذي إعتمده الحلف الأطلسي بعد إنتهاء الحرب الباردة وإنهيار الاتحاد السوفيتي لضمان تحقيق أهدافه الإستراتيجية في المنطقة. ووضع هذا التفسير على أساس مفهوم أوسع للأمن أخذ تسميات متعددة كالأمن المتكامل (cooperative security) بحيث يتضمن كل أشكال التهديد، ويتم من خلاله إشراك الدول غير الغربية لتقاسم الأعباء الأمنية وإحتواء التهديدات. وبناءً على ذلك تم إنشاء مجلس الشراكة الأوروبي – الأطلسي بالتنسيق مع دول مجلس التعاون التي تمتلك أحد أهم مصادر الطاقة في العالم.

ومع إبتداء الألفية الثالثة أصبحت مهمة الحلف الأطلسي الأساسية ذات طبيعة أمنية بحتة، وحدث ما يشبه بالتحول الجذري، سواء من ناحية طبيعة دور الناتو، أو من حيث نطاقه الجغرافي. وتسمح الإستراتيجية الجديدة للحلف بالتدخل في دول أوروبية من خارج الحلف، بالإضافة للتدخل في مناطق من خارج أوروبا. ويتماشى هذا الموضوع مع تعريف الناتو للأمن الذي ورد في وثيقة المفهوم الإستراتيجي الجديد (New Strategic Concept) التي صدرت لأول مرة عام 1991.

ويبدو أن مواجهة الجريمة المنظمة والإرهاب ومنع إنتشار أسلحة الدمار الشامل وضمان أمن الشركاء الإقليميين، وتأمين مصادر الطاقة، وتأسيس نظام أمني إقليمي دون مشاركة إيران والعراق، هي من الأهداف التي يسعى الناتو لتحقيقها من خلال تنسيقه مع مجلس التعاون.

ويعتقد المراقبون إن الإطار الجديد لهذا التنسيق بني في الأساس لتحقيق ثلاثة أهداف:

الأول: ينبغي أن يضمن هذا الإطار أمن وإستقرار دول مجلس التعاون، والثاني: يجب أن تكون آلية هذا الإطار بعيدة عن التعقيد لتسهيل تحقيقها. والثالث: ينبغي أن تكون هذه الآلية مرنة ومتماسكة بما يكفي لضمان صمودها أمام التغيرات الداخلية والخارجية.

والإطار الأمني الذي وضعته مبادرة إسطنبول عام 2004 لا يمكنه تحقيق الأهداف الثلاث الآنفة الذكر لسببين؛ الأول: لأنه لم يشمل كافة دول المنطقة التي يجب أن تشعر جميعها بالأمن والإستقرار بما في ذلك العراق وإيران. والثاني إن تلك المبادرة تطرقت في حينها إلى ما أسمته التهديد النووي الإيراني والذي لم يعد هناك أي مبرر للتذرع به بعد إبرام الإتفاق النووي بين طهران ومجموعة (5+1) ومواصلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية الإشراف على المنشآت النووية الإيرانية في إطار معاهدة حظر الإنتشار النووي الـ (NPT).

ويبدو أن التطورات السابقة والراهنة في الشرق الأوسط لم تبلور حتى الآن مفاهيم أمنية شاملة وعابرة للخلافات الأيديولوجية، وقاردة على ضمان إستقرار جميع دول المنطقة بعيداً عن أي تدخل أجنبي.

بناءً على ما سبق يمكن إستشفاف صعوبة المقاربة للأمن بالمنظور الإستراتيجي التقليدي، فهناك غموض يكتنف طبيعة الفاعلين المعنيين بالأمن، وينسحب الأمر كذلك على مدى ملاءمة البنى التقليدية للعلاقات بين الدول للقضايا الأمنية المستجدة في النظام الدولي، إذ لم يعد بالإمكان الإعتماد على المأزق الأمني الناجم عن سباق التسلح لتفسير التحديات الراهنة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق