التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

أوربا تعيش الاٍرهاب ، وأمريكا هي السبب 

تُشكِّل ظاهرة الإرهاب في أوروبا، مشكلةً تعاني منها الدول الأوروبية، لان، سيما بعد أن حوَّلت بلاد الأمن والإستقرار الى بلادٍ تعيش حالة الإضطراب الأمني وتنعدم فيها حالة الإستقرار، الأمر الذي أفقدها ميزتها الدولية. لكن معالجة الأسباب، قد تأخذنا للحديث عن الحقائق التي قد يدعمها التحليل، والتي توصلنا لنتيجةٍ مفادها، بأن أمريكا هي رأس الإرهاب في العالم، كما أن أوروبا تدفع ثمن سياساتها التي تتماشى فيها مع واشنطن. فكيف يمكن إثبات ذلك؟

لا شك بأن صناعة الإرهاب، كانت وما تزال الشغل الشاغل لأجهزة الإستخبارات العالمية، وفي مقدمتها الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية. لكن تعارض المصالح وتشعُّب الواقع الإقليمي والدولي، جعل أجهزة الإستخبارات العالمية تتحارب فيما بينها. وهو الأمر الذي جعل من نفس الإرهاب أداةً للتقاتل بين الأجهزة الإستخبارية ودولها من جهة، وبين الأجهزة الإستخبارية نفسها من جهةٍ أخرى.

وهنا فإن الكلام عن صناعة الإرهاب قد تأخذ وقتاً طويلاً، فيما يجب أن ننتقل لمسألة صناعة الإرهاب التكفيري، والذي يجعلنا نعود مجدداً للمشكلة التي يعاني منها العالم اليوم ومنه أوروبا. لذلك لا يمكن البدء بالحديث عن التكفيريين، دون العودة لحقائق التاريخ السياسي المعاصر، والتي يمكن سردها، وإضافة التحليل لها، لنصل الى التالي:

تعتبر أمريكا بالإضافة الى العديد من الدول الأوروبية، وتحديداً بريطانيا، السبب في تأسيس المجموعات التي أُرسلت الى أفغانستان، بهدف تطويق قدرة الإتحاد السوفيتي سابقاً، والعمل على جعله يقع في محيطٍ يشوبه المخاطر. وهنا فإن واشنطن التي أدارت العملية حينها، استعانت بالوهابية السعودية، لخلق مجموعاتٍ تمتلك الى جانب الأدوات، الأيديولوجيا، والتي تدفعها للجهاد تحت عناوين إسلامية، لكنها في الحقيقة بعيدة عن الإسلام. الأمر الذي أثمر حركات مثل القاعدة سابقاً، وداعش والنصرة اليوم.
من هنا نجد أن التأسيس لهذه المجموعات، كان هدفاً امريكياً مُبرمجاً، لم يكن فقط مرحلياً، بل كان يخدم عدداً من المصالح الأخرى لواشنطن. وهنا فإن الهدف الثاني لتأسيس هذه المجموعات والتي تنتمي للفكر الوهابي، هو بناء أرضيةٍ يمكن الإستناد عليها في أي حملةٍ لتشويه صورة الإسلام. الأمر الذي خدم مصالح واشنطن لسنوات، حيث أصبح الإرهاب عنواناً للتدخل، كانت السياسة الأمريكية سببه. مما جعلها تستخدمه كورقةٍ لتأمين مصالحها وتحقيق أهدافها.
وهنا فإن مجرد العودة لهذه الحقبة من التاريخ، ودون الخوض في التفاصيل، تكفي للإشارة الى أن أمريكا هي أم الإرهاب في العالم. وهي الدولة التي أسسته ودعمته، وأوصلته الى أن يُصبح واقعاً مفروضاً على الجميع.
لكن، ما هي علاقة ذلك، بما يجري اليوم في أوروبا؟

إن الحديث عن الحاضر وربطه بالماضي، يجعلنا نفهم الصورة بشكلٍ أوضح. وهنا فإن الواقع الحالي لأوروبا اليوم يمكن وصفه بالتالي:

حالةٌ من انعدام الإستقرار تعيشها القارة الأوروبية، في وقتٍ أصبح فيه الإرهاب واقعاً يُشكل جزءاً منها، وليس صحيحاً، ربط ذلك بملف النازحين، أو الترويج لفكرة أن الإرهاب يأتيها من الشرق.
يُضاف الى ذلك، فإن أوروبا لم تعد ملجأ الإستثمارات المالية، أو التجارية، وهو الأمر الذي تحوَّل بحسب التقارير الأخيرة الى وجهةٍ أخرى. نجدها في حال بحثنا عنها، بأنها القارة الأمريكية.
وهنا فكيف يمكن ربط الواقع الحالي لأوروبا، بموضوعنا؟

تعيش أوروبا اليوم حالة من التناقض الذاتي. من جهة، يسعى المسؤولون الأوروبيون لإيجاد حلولٍ جذرية لمسألة الإرهاب. لكنَّهم يواجهون حقائق تقول أنهم ما يزالون يدعمون الجهات التي تمارس فعل الإرهاب، لا سيما في سوريا ومناطق أخرى. وهنا لا بد من ذكر التالي:

تعيش أوروبا حالةً من التبعية العمياء لواشنطن. وهو الأمر الذي يمكن إثباته من خلال الرجوع الى الدور الأوروبي في فرض عقوباتٍ على كلٍ من إيران في الماضي وروسيا في المستقبل القريب. وهو الأمر الذي يدلُّ وبوضوح، عن أن المسؤوليين الأوروبيين يعيشون مشكلة الخروج من التبعية الأمريكية. فالخبراء الإقتصاديون طالما حذروا من خطورة العقوبات على روسيا وتأثيرها على أوروبا لكن من دون جدوى.
من جهةٍ أخرى، فإن الإنصياع السياسي لواشنطن، كان وما يزال صفة القرار السياسي الأوروبي. وهو ما جعل الدول الأوروبية تعيش حالة التعارض بين مصالح المسؤوليين ومصالح الشعوب. الأمر الذي أفضى اليوم، لخروج الشارع الأوروبي عن صمته، خصوصاً وعلى سبيل المثال، مطالبة الفرنسيين مسؤوليهم بوقف الدعم العسكري والعلاقة مع السعودية، الى جانب خروج العديد من المظاهرات والتي تطالب بإحترام القوانيين الإجتماعية وعدم جعلها ضحية السياسة.
من هنا وبناءاً لما تقدم، نستنتج:

إن الدعم المالي والعسكري الذي قدمته أميركا للجماعات الإرهابية في السابق وحالياً، كان وما يزال السبب الأساسي في مكافحة ظاهرة الإرهاب، كما أن هنالك العديد من الوثائق والأدلة تؤكد التورط الأميركي في دعم تنظيم داعش الإرهابي. وكان آخر هذه الوثائق ما ذكرته صحيفة “يني شفق” التركية، أمس الثلاثاء عن معلومات تُفيد بأن واشنطن أجرت اتصالات سرية مع تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق. حيث نقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها، أن سبعةً من المستشارين العسكريين الأمريكيين الذين يتولون في العراق تنسيق أعمال الجيش العراقي وقوات البيشمركة والحشد الشعبي، التقوا قائداً بارزاً في تنظيم “داعش” يدعى أبو أحمد العلواني، مرتين على الأقل، وذلك بوساطة قبائل.
بالإضافة الى ذلك، فإن الجانب الإعلامي والثقافي الهادف لتشويه الإسلام، والذي خططت له واشنطن، والذي يتولى الإعلام الغربي ترويجه، هو أهم الأسباب التي تقف وراء المشكلات التي تعيشها أوروبا اليوم. حيث أجبرت هذه السياسات البعض في أوروبا، للذهاب نحو الخيارات المُتطرفة، نتيجة السياسة القمعية التي يعيشونها.
كما أن هذه الماكينة الإعلامية، لا سيما في أوروبا، تقوم بخدمة مصالح أصحاب السلطة والنفوذ التابعين للقرار الأمريكي. وهو ما بدا واضحاً أنه يتعارض مع مصالح الشعوب الأوروبية. مما ساهم في صنع موجة من الأعداء ضد الإسلام بحجة تورط بعض المحسوبين على المسلمين بأعمال إرهابية الأمر الذي يعيق أيضاً، من مكافحة هذه الظاهرة.
إذن، لم يعد صعباً التصديق بأن أمريكا تقف وراء الإرهاب في العالم. في حين تعيش أوروبا المأزق، وتدفع شعوبها الثمن. لنصل الى نتيجةٍ مفادها، أن أوروبا تعيش الإرهاب، وأمريكا هي السبب.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق