تباعد العلاقات بين موسكو والرياض؛ فما هي الأسباب؟
دراسة التاريخ والاتجاهات التي تحكم العلاقات بين روسيا والسعودية، تبيِّن أن العلاقات بين موسكو والرياض قد سارت نحو التباعد بين الجانبين أكثر من التقارب بينهما بكثير.
والسجل السلبي للعلاقات بين روسيا والسعودية في السنوات الأخيرة، والأضرار التي لحقت بموسكو من قبل السعودية، يشير إلى أن العلاقات الحالية بين البلدين هي علاقة سطحية عابرة، أو تقتصر على مستوى علاقاتٍ سياسية بين بلدين مع تعاملات اقتصادية بسيطة.
وتجدر الإشارة إلى أن السعودية قد أوجدت دائماً وعلى مر التاريخ تحديات بالنسبة لموسكو. فالمساعدات التي قدَّمتها السعودية لأمريكا بغية انهيار الاتحاد السوفياتي في العقود الماضية، خفض أسعار النفط من قبل السعودية وهزّ أسس الاقتصاد الروسي في السنوات الأخيرة، المساعدات التسليحية إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة والإرهابية في روسيا والمناطق المحيطة بها، تعزيز الانفصاليين الشيشان والقوقاز أيديولوجياً، إلحاق الأضرار بروسيا وحلفائها، هي من جملة العوامل التي خلقت الرياض من خلالها مشاكل لموسكو، ما جعلت الأخيرة تواجه بعض التحديات.
وفي السنوات الأخيرة، كانت المصالح بين روسيا والسعودية في الشرق الأوسط تتعارض مع بعضها البعض باستمرار. بحيث شاركت الرياض بشكل غير مباشر في العديد من التطورات التي انتهت على حساب مصالح موسكو، ومنعت إقامة وتطوير علاقات موسكو مع الدول العربية في المنطقة، لاعبةً دوراً تخريبياً في هذا المجال.
كما لعبت السعودية دوراً مهماً في إبعاد روسيا عن التطورات في الشرق الأوسط، وسارت على عكس موسكو تماماً في أزمات مثل سوريا. وفقاً لذلك، ففي حين أن روسيا هي واحدة من الداعمين الرئيسيين لحكومة بشار الأسد، ودافعت مراراً عن استمرار حكم الأسد في سوريا، تُعتبر السعودية واحدة من المعارضين الرئيسيين لحكم الرئيس بشار الأسد، وقدَّمت مساعدات مالية كبيرة للجماعات المسلحة والميليشيات والمتطرفين الذين يقاتلون ضد الرئيس السوري.
فالدور السعودي في التطورات الإقليمية والعالمية ذات الصلة بروسيا، كان بحيث يعتقد بعض الروس أن الرياض قد بذلت جهوداً تآمريةً لتجعل روسيا في وضع أكثر خطورةً في أوكرانيا، أملاً في إضعاف الثقل السياسي لموسكو علي الساحة العالمية، الأمر الذي سيخلق لروسيا تحديات سياسية جديدة، تُفقدها فرص دعم الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا.
كما تجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين روسيا والسعودية أكثر من كونها ذات أبعاد ثنائية، تتأثر بمتغيرات النظام الدولي. بحيث سواء أثناء الحرب الباردة أو في السنوات التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي، عملت الولايات المتحدة دائماً كعامل مؤثِّر في هذا المجال ومنعت توسيع التعاون بين موسكو والرياض. وفي الواقع، فإن الولايات المتحدة باعتبارها لاعباً مهيمناً علي السعودية، كانت تؤثِّر علي العلاقات بين الرياض وموسكو، ومنعت التقارب بين هذين البلدين.
بعد دراسة الجوانب المختلفة للعلاقات بين روسيا والسعودية في منطقة الشرق الأوسط، تشير التقديرات إلى أن كلا البلدين لديهما تعارضات واسعة، ومن غير المرجح في المستقبل، أن تتوافق مصالحهما الأمنية والقومية وتسير في اتجاه واحد.
مؤسسة انديشه سازان للدراسات الاستراتيجية
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق