الساعدي : يطالب باعتماد “المبادرة الاصلاحية للمرجعية” اسوة بـ”المبادرة الإصلاحية العلوية” للإمام علي
بغداد – محلي – الرأي –
بغداد – قال خطيب وامام جمعة بغداد الشيخ عادل الساعدي في خطبة الجمعة، بانه في ظل الجهل والرضى بالموجود وانتهازية القوى السياسية والدينية والطبقية، فتحتاج عملية الإصلاح إلى وجود مبادرة حقيقية من قيادة دينية أو سياسية لإصلاح الوضع القائم، مؤكداً على تعميق ثقافة التغيير والإصلاح لدى الجماهير مع تفاعل الأمة مع المبادرات الإصلاحية الحقيقية وأن يكون مشاركاً حقيقياً فيها، داعياً إلى تطبيق المبادرة الإصلاحية للمرجعية الرشيدة في النجف كونها حل سياسي للأزمة، مطالباً باعتمادها لانها تتوافق مع (المبادرة الإصلاحية العلوية) للإمام علي وهي عزل المسؤولين المفسدين وغير الكفوئين واسترداد أموال بيت المال من أيدي الحائزين عليها بطرق غير مشروعة وتفعيل الجهات الرقابية على الولاة والعمال وتطبيق العدالة والمساواة بين الناس في العطاء.
وقال الشيخ عادل الساعدي من على منبر جامع الرحمن في المنصور ببغداد والتابع للمرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، اننا “اليوم نحتفي بذكرى عزيزة على الإنسانية جمعاء وبالذات العالم الإسلامي وهو ولادة أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) ويقف لها العالم إجلالاً، تقديراً لعطاءاتها التي سددت الإنسانية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية ودولة الانسان، التي حفظت فيها الكرامة والحرية والحقوق وأرست دعائم الإصلاح في الأمة، فإدراك قيمتها من إدراك عطائها ، وعطاؤها كان مهماً لمجتمعه لما كان يعانيه المجتمع من حاجة للإصلاح”.
واضاف “يمكن ان نفهم قيمة الإصلاح لما تعانيه الأمة من وجود عناصر ثلاث: الأول: أن المجتمعات تخطأ كونها مجتمعات غير معصومة وتفكر في مصالحها لذا تكون عرضة للخطأ والثاني: انحراف بوصلة قيادتها السياسية المسؤولة عن إدارة شؤونها، والدينية المسؤولة عن تصحح مسار البوصلة السياسية، وهذا الانحراف يأتي لحفظ المصالح الذاتية دينية كانت أم سياسية والثالث: الحتمية والصيرورة الاجتماعية في التغيير وفق متطلبات الحياة الجديدة ، إذ كل المجتمعات تحتاج إلى تجديد وتغيير بسبب تغير الأحوال والحياة والمدنية، وما كان نافعاً في زمن معين قد يصبح عائقاً في غيره”.
وتابع الساعدي “في ظل الجمود المعرفي (أي الجهل والرضى بالموجود) والجمود المصلحي (أي انتهازية القوى السياسية والدينية والطبقية) تحتاج عملية الإصلاح إلى وجود مبادرة قيادة دينية أو سياسية لإصلاح الوضع القائم شرط أن تكون مبادرات جوهرية وحقيقية تقضي على جذور الفساد، والامر الثاني هو تعمق ثقافة التغيير والإصلاح لدى الجماهير وشعوره الحقيقي بأهميتها والامر الاخير هو تفاعل الأمة مع المبادرات الإصلاحية الحقيقية وأن يكون جزءً منها ومشاركاً حقيقياً فيها، لا دمىً يحركها الآخرون دون وعي أو شعور”.
وبين الساعدي المبادرة الإصلاحية للأمام علي “حينما اكتسب الامام علي حريته في التغيير بسبب التفويض الشعبي بادر لوضع برنامج اصلاحي شامل تلخصت مبادرته (المبادرة الإصلاحية العلوية) بأربعة خطوات، اولاً عزل المسؤولين المفسدين وغير الكفوئين، الذين تسنموا مناصبهم ضمن معادلة المحسوبية والولاءات الحزبية التابعة لرئيس السلطة والخلافة يوم ذاك ،والذين استأثروا بالثروات اللامشروعة من مقدرات الأمة، وثانياً تم استرداد أموال بيت المال من أيدي الحائزين عليها بطرق غير مشروعة، ومحاسبتهم ولم يقبل التغاضي عن ذلك لأن في ذلك قطعٌ لدابر المفسدين ونهيهم عن السرقات واستنقاذٌ للمال المنهوب وتخويف لمن يستهويه الطمع ويمنيه بالمال العالم، وثالثاً تم تفعيل الجهات الرقابية على الولاة والعمال من الجهات التنفيذية، واستخدم الحزم مع أي انحراف أو مخالفة من قِبَل أحد منهم، واخيراً قام بتطبيق العدالة والمساواة بين الناس في العطاء، بعدما عانى الناس من التمييز بينهم، مما عمَّق الطبقية، وراكم الثروات عند طبقة، وزاد الفقر عند باقي الطبقات”.
واشار الساعدي “من مشاكل الشعوبِ ومآزقها حينما يتولى أمرها من لا يستحق أو من ليس أهلاً للتصدي، فتضيع الأمم بسوء أفعالهم أو قد تتسبب في ضياع أمرها حين تترك من هو أولى بها من نفسها فتذود عن جادة الحق وتغوص في مشاكل لا تحمد عقباها ويكون مستقبلها مجهولا أو الخسران المبين، ومن جملة فساد الامة وضياعها أمور ثلاث هي ابتعادها عن القيادة الحقة وتوليها واتباعها من لا يستحق وليس أهلا لذلك وترديها في جهلها وانقلاب المفاهيم عندها وعدم معرفة الحقيقة”.
واوضح الساعدي إن “ما يمر به العراق من فوضى صودرت فيه إرادة العراقيين ومطالبهم الحقيقية والتي بدأت بتردي الخدمات ومحاربة المفسدين، انتهت بحرب سياسية وتغييرات واطاحات قد يرمي البعض لتغيير الخارطة السياسية لصالحه، وكل يوم يتعقد المشهد السياسي الذي كانت نتيجته انقسام البرلمان وتعطيله عن أداء دوره ومسؤولياته، مما أدى الى تعطيل الحكومة ومن ثم الدولة برمتها. وبدأت تضعف الخدمات أكثر فأكثر والتي كانت السبب الأول في غضبة الشارع، والناس اليوم منشغلون بأي تغيير يُرتضى”.
واردف الساعدي “ومع هذا فقد طُرِحَت كثير من الرؤى للإصلاح، لا تخلو كل واحدة من بعض الإيجابيات لكنها تبقى ناقصة مشلولة مادامت تقدم مصلحتها وكيف تحافظ على مكتسباتها، بل أصبح مشروع الإصلاح لدى البعض لعبة اعلامية يتصيد بها الجمهور والأنصار والبروز الاعلامي دون النظر لرعاية مصالح الأمة. كما أن البعض يرمي وللأسف إلى حشد الجماهير للانتخابات المقبلة مستفيداً من بساطة الناس وسذاجتها، متناسين أن الكثير من حملة الإصلاح اليوم كانوا سببا رئيسيا في الفساد الذي أرهق الدولة وأضعف مقومات بناء دولة قادرة على خدمة أبنائها”.
وشدد الساعدي إن “المرجعية الدينية هي الوحيدة القادرة على اعطاء رؤى اصلاحية ناهضة يمكن أن تعيد الحياة للعملية السياسية وتجدد ثقة الشعب بمسؤوليها، اذا ما التزمت بها القوى السياسية وتعهدت على العمل بموجب مبادراتها، كما أن سكوت المرجعية عما يحصل غير مبرر شرعاً مهما كانت استجابة السياسيين ضعيفة أو ضجيجهم أعلى من صوتها، وإذا ما وضعت مبادرة فحتماً أن رؤيتها أبعد من المشهد القريب كما أنها تراعي فيه مصلحة الشعب ورعاية مصالح الأمة، كما أنها حريصة على تحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية ويحفظ لجميع المكونات استحقاقاتهم على أساس الشراكة الوطنية والتوازن السياسي”.
وقال الساعدي “لذا بادر المرجع الديني آية الله الشيخ محمد اليعقوبي دام ظله إلى طرح مبادرة إصلاحية تسهم في حلحلة المشهد المعقد والذي اذا اذعنت له الكتل والأحزاب متخلية عن النظر لمصالحها ستحقق الاستقرار السياسي النسبي وعودة الحياة لطبيعتها لذا ندعو إلى تطبيقها واعتمادها كحل سياسي للأزمة، ومن أهم هذه الخطوات هو لم شمل البرلمان بكل كتله والدعوة لجلسة عاجلة تنهي حالة الانقسام والعودة للحوار الجاد بين الكتل من أجل عودة الحياة السياسية إلى حالتها الطبيعية والشروع بأعمالهم وإقرار القوانين المهمة المعطلة منذ وقتٍ ليس بالقصير ومنع المزايدات السياسية عليها وتعطيلها اكثر مما ينبغي”.
واضاف “تشكيل لجنة من الخبراء للنظر بالوزراء المرشحين لوزارة حكومة التكنوقراط تحظى بموافقة البرلمان من أجل وأد الاستحواذ أو التشكيك في الانفراد في تشكيل الحكومة حتى لا تحسب على جهة دون أخرى، وتعرض هذه اللجنة نتائج اختياراتها على البرلمان لمنحها الثقة لممارسة مهامها التنفيذية”.
وتابع الساعدي “اعادة هيكلة مؤسسات الدولة وإنهاء حالة الإدارة بالوكالة التي كانت من أسباب الفساد السياسي والإداري والمالي واعادة تشكيل مفوضية الانتخابات من مفوضية احزاب إلى مفوضيه مستقلة ومن أكاديميين مستقلين وإيجاد قانون انتخابي عادل يضمن العدالة وحقوق الناخبين بما يعكس إرادتهم من أجل عدم تكرار المشاكل ذاتها مستقبلاً”
وختم الساعدي خطبته بالقول، إن “المرجعية الرشيدة بينت رؤيتها بما يحقق العدالة ويحفظ المصالح العامة بدلا من التأثر المزاجي والإعلامي بما يجري على الساحة السياسية إن الله تبارك وتعالى أراد من المؤمن أن يكشف عن حقيقة إيمانه حينما يكون وقوراً عند الهزاهز ولا تهجم عليه اللوابس ولا يخوض مع الخائضين ولا اتباع كل ناعق”.انتهى
فراس الكرباسي
تصوير: سيف كريم