التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

كارثة تشرنوبيل النووية وكارثة ديمونة المستقبلية…حقائق وأرقام 

بعد 25عام لكارثة تشرنوبيل الشهيرة، أسوأ حادثة في تاريخ الصناعة النووية المدنية، تضاعفت المخاوف من جدية التهديدات في مفاعل ديمونة الاسائيلي, فبعدما تحولت منطقة محيطة تشرنوبيل على قطر 30 كيلومتر الى منطقة محظورة، لا يتواجد فيها سوى بعض الحيونات البرية، ما هي أوجه الشبه بين الكارثتين؟

أصل الحكاية :

عند الساعة 01,23 من 26 نيسان/ابريل 1986 انفجر المفاعل رقم 4 في محطة تشيرنوبيل لتوليد الكهرباء الواقعة على مسافة 110 كليومترات من العاصمة الأوكرانية كييف آبان الحقبة السوفياتية في اثناء تجربة لاجراءات السلامة نتيجة اخطاء تشغيلية ما ادى الى انبعاث عناصر مشعة بكثافة توازي 200 ضعف على الاقل كثافة قنبلة هيروشيما لوثت حيزا كبيرا من اوروبا.

وعلى بعدة 16 كيلومترا فقط من حدود بيلاروسيا، خرجت فجأة الأشعة النووية القاتلة من عقالها، وارتفع 190 طنا منها إلى السماء في سحابة هائلة سامة في تحد للحياة برمتها على الأرض، وبدأت كارثة تشيرنوبل بحدوث عدة انفجارات في قلب المفاعل الرابع، أعقبها حريق هائل تسبب في تدميره بالكامل، وأدى إلى تلوث البيئة المحيطة بالأشعة السامة، وإلى خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، ومضاعفات خطرة من الصعب تقدير فداحتها.

وكان يمكن لتلك الكارثة أن تكون أشد فتكا وأكثر مأساوية لولا تضحيات وبطولات أولئك الذي تصدوا لمواجهة الخطر، وقاتلوا لأشهر خصما فتاكا غير مرئيا، ودفع الكثير منهم حياته لمحاصرته ودفن سمومه.

وتلقت فرق الطوارئ بمحطة تشيرنوبل، بطبيعة الحال، صدمة الاشعاع الأولى، حيث قتل في اليوم الأولى للكارثة 24 شخصا من أفرادها، إلا أن هذا الموت الزؤام بكل صوره المرعبة لم يُوقف الآلاف من رجال الإطفاء والطيارين والخبراء من الاندفاع في مواجهة الخطر والانتصار في معركة فرضت عليهم من دون سابق إنذار.

ويمكن الإشارة إلى أن رجال الإطفاء وطياري المروحيات كانوا من بين أهم فرق مواجهة كارثة تشيرنوبل، إذ كان على رجال المطافئ أن يخمدوا الحريق في المفاعل الرابع، وأن لا يسمحوا للنيران أن تمتد مهما كلف الثمن، فيما عملت طواقم المروحيات “مي – 8” و”مي “26” ليل نهار على رصد الإشعاعات النووية، ومراقبة الأوضاع فوق المفاعل على علو منخفض، وتنفيذ عشرات الطلعات يوميا في قلب سحابة الأشعة المميتة لرمي أطنان من الرمال والطين لسد الصدوع في المفاعل، ومنع تسرب المزيد من الأشعة.

وفي بيئة موبوءة بالأشعة القاتلة، عملت مجموعات ضخمة من مختلف التخصصات لإطفاء حريق المفاعل الرابع، ومن ثم دفنه تحت الرمال والخرسانة المسلحة، وتمكن أفرادها من منع وصول النيران إلى المفاعلات الأخرى في المحطة، بل ونجحوا في القضاء على نحو 92% من آثار هذه الكارثة المدمرة.

والأرقام هنا بذاتها تتحدث عن حقيقة المعركة المرعبة التي واجه فيها قبل 30 عاما أكثر من 600 ألف شخص من مختلف أرجاء الاتحاد السوفيتي “الأشعة النووية الفتاكة”.

تجلت أهمية تلك المعركة الجسورة في أنها دارت مع خصم شرس خفي يتجول بحرية ناشرا موتا عاجلا وآخر آجلا، مهددا الجميع، القريب والبعيد.

ويمكن تصور حجم الخطر القاتل في تلك الملحمة الفريدة من خلال معرفة أن التلوث الإشعاعي في تشيرنوبل فاق مثيله في هيروشيما 600 مرة.

وقتذاك فرض الاتحاد السوفياتي برئاسة ميخائيل غورباتشيف اسوأ انواع التعتيم ولم يعترف بالمأساة قبل ثلاثة ايام بعد ان دقت السويد التي طالتها الغيمة المشعة ناقوس الخطر،وفي سبيل اخماد الحريق وتنظيف المنطقة المحيطة بالمحطة ارسل الاتحاد السوفياتي على مدى اربع سنوات 600 الف عامل “تصفية” تعرضوا الى كميات كبيرة من الاشعاع من دون حماية ملائمة.

تحقيقات لاحقة:

عام 2005 قدر عدد من وكالات الامم المتحدة ان اربعة آلاف شخص قتلوا نتيجة التعرض الى الاشعاع، في تقرير رأى البيئيون انه يسيء تقدير اثر تشيرنوبيل الى حد كبير.

واعترضت اللجنة العلمية في الامم المتحدة حول اثار الاشعاع على التقرير الذي لا يعترف الا بمقتل 31 موظف وعمال اطفاء بسبب الاثار المباشرة للاشعاع.

وفي تقرير اللجنة المذكورة الاخير الصادر في شبا/فبراير 2011 تحدثت عن ستة الاف اصابة بسرطان الغدة الدرقية من بينها 15 حالة مميتة بسبب استهلاك اطفال حليبا ملوثا.

وافادت منظمة غرينبيس ان مئة الف شخص على الاقل قضوا قبل 2005 في اوكرانيا وبيلاروس وروسيا بسبب التلوث الاشعاعي (حالات سرطان، خلل في جهاز المناعة، امراض قلبية…)، على ما اكد مسؤول المنظمة في روسيا ايفان بلوكوف.

وادت الحوادث في اليابان الى احياء الكابوس النووي وولدت تبعات في الغرب حيث ادت كارثة تشيرنوبيل الى تعزيز التحركات البيئية.

وخصص المجتمع الدولي في مؤتمر في 19 نيسان/ابريل في كييف 550 مليون يورو من اصل 740 مليون يورو مطلوبة لتمويل الاعمال الرامية الى بناء غلاف مصفح جديد في تشيرنوبيل، نظرا لتشقق الغلاف الذي بني بعجلة بعيد الانفجار.

خبراء اسرائيلون يطالبون باغلاق مفاعل ديمونة بسبب مخاطر جدية:

وليس بعيداً عن موضوع تشيرنوبيل، كشف علماء من داخل الكيان الاسرائيلي عن كارثة مستقبلية آخرى وهي أن مفاعل ديمونة الموجود في صحراء النقب يحوي 1537 خللا في النواة المعدنية للمفاعل المذكور، معربين عن تخوفهم من وضع المفاعل النووي. وتطرقت غالبية الأبحاث التي عرضها العلماء خلال المؤتمر إلى مسائل الأمن في المفاعل وليس إلى نتائج البحث العلمي الذي يجري فيه.

من جانبه حذر البروفيسور عوزي ايبن، العضو السابق في لجنة الطاقة النووية الاسرائيلية، من كارثة في ديمونا أشد من تشيرنوبل، مشيراً الى إن عمر المفاعل المتقدم يحوله إلى خطر بيئي. وأضاف في حديث للإذاعة الإسرائيلية العامة أمس “لأسباب سياسية وعلمية واقتصادية، لا تملك إسرائيل القدرة او الرغبة في استبدال النواة، لأن هذا يعني بناء مفاعل جديد. ولذلك يجري إلى جانب الفحص المتواصل، تفعيل المفاعل بوتيرة تقل عن السابق”.

وأشار الخبير الاسرائيلي الى إلى أن نواة المفاعل مبنية من المعدن ومغطاة بالإسمنت المسلح وسبق أن حذر تحقيق عميق وواسع للقناة الإسرائيلية الثانية في السنة الماضية من مخاطر انفجار المفاعل النووي وتعريض كل منطقة النقب لكارثة على غرار كارثة تشيرنوبل في روسيا وربما أشد.

من جانبه حمّل نائب عربي في الكنيست إسرائيل المسؤولية عن حياة العرب البدو في النقب في ظل التحذيرات من انفجار المفاعل النووي بسبب تقادمه. وحذر النائب طلب ابو عرار (القائمة المشتركة) السلطات الإسرائيلية من مسؤولية أي كارثة تنتج عن المفاعل، وضم صوته للأصوات المطالبة بإغلاقه فورا قبل حدوث كارثة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق