التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

فيروزة الخليج في ذكرى تحريرها !! 

القاهرة – الرأي – رباب سعيد –
احتفل الشعب المصري منذ أيام بالذكرى(34) لتحرير كامل الأراضي المصرية في سيناء ورفع العلم المصري عليها في واحدة من الملاحم والدروس العسكرية والسياسية التي سجلها التاريخ بأحرف تستحق النقش بماء الذهب بعد ان نجحت الدبلوماسية المصرية مدعومة بالقوة العسكرية باستعادة الحقوق المسلوبة من قبل الكيان الإسرائيلي الغاصب.
سيناء قصة استثنائية بدأت بانتصارات القوات الأمنية في معارك السويس وخط بارليف ودحر أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر ثم تحملت الدبلوماسية المصرية إكمال المهمة في خطوة جريئة ولا يمكن تخيلها في البداية او تصديقها لان ما حدث يمثل خرقا للعادات والفكر والثوابت الا ان الخطوة حققت ما لم تحققه الحروب والدماء والخسائر.
لم تكن الحالة الاستثنائية في تحرير سيناء قادمة من انتصارات أكتوبر عام 1973 إنما انطلقت من دعوة الرئيس الراحل أنور السادات واستعداده لزيارة إسرائيل وتوقيع معاهدة سلام مع الكيان الصهيوني،ولم تمض إلا أشهر حتى حط السادات رحالة في القدس وذهب الى الكنيست الإسرائيلي وخطب هناك.
السادات تحمل كل آثام زيارته لكنه أعاد الأرض والعرض حتى انه قتل دون ان يكمل مسيرة السلام التي واصلها من بعده الرئيس السابق حسني مبارك حتى تم إعادة كامل التراب المصري عام 1989 بعد ان ألحقت طابا بسيناء وانتهى إلى الأبد التواجد الصهيوني على الأراضي المصرية.
ان الحقيقة تقول ان المصريين أعادوا سيناء باتجاهين هما القوة والسلام رغم كل ما واجهوه من الإخوة والأشقاء العرب في موقفهم الرافضة لمعاهدة السلام الموقعة في كامب ديفيد الا ان النتائج والمكسب أعاد المعادلة إلى واقعها وأعاد مصر الى الصف العربي من جديد تقود وتتبنى وتتحمل.
مصر والعرب بعد الاتفاقية:
ثارت الغيرة والحمية عند العرب بعد توقيع اتفاقية السلام مع الإسرائيليين التي وضع مقدماتها الرئيس الراحل أنور السادات وأتمها الرئيس السابق حسني مبارك،عندها قرر العرب الخروج على الطاعة ورفع الكارت الأحمر بوجه مصر فكان ان تم نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس وتم على اثر هذا النقل تغيير الأمين العام للجامعة العربية فكان ان انتقل هذا المنصب لأول مرة من المصريين الى التونسيين .
استمرت المقاطعة العربية الشكلية لمصر عشر سنوات،لكن الواقع كان يختلف عن الشكل فمصر ليست كجيبوتي او الصومال او موريتانيا كي يتم التخلي عنها بكل هذه البساطة لان مصر هي القطب والرحى فكان ان تعود إليها الدول في المشورة وفي اخذ القبول والرفض منها حتى قرر العرب التخلي عن نفاقهم في عام 1989 وإعادة مصر إلى دورها كراعية وقائدة للدول العربية،فعادة الجامعة العربية الى مقرها وعاد معها المصريين الى القيادة والرئاسة.
مصر ومبررات السلام
لم يكن احد يتخيل ان تتجرا دولة بحجم وقوة مصر على التخلي عن فكرة الحرب واستبدالها بفكرة السلام في ظل فلسفة شعبية ونخبوية كانت تنادي بقرع طبول الحرب ضد الإسرائيليين والانتقام منهم لما سببوه من ذل ومهانة للعرب في معظم الحروب التي خاضوها ضد بعضهم البعض وكانوا على حق ،الا إن المنطق لا يتماشى مع الحق في كثير من الأوقات لان الحرب والسلام لا تضع نتائجها الشعوب إنما المتآمرون والخونة.
الرئيس الراحل أنور السادات كان يدرك إن الحرب تحتاج إلى مقدمات والى أموال والى انهارا من الدماء وجبالا من الأشلاء والأجساد المصرية المتعبة،أيضا الرجل أدرك قبل غيره وهذه النقطة تحسب له ان بعض الدول العربية بل الكثير منها غير معنية بالصراع العربي الإسرائيلي وان حديثها عن الحرب والتحرير إنما هو زوبعة في فنجان عرافة عاهرة لان هذه الدول اجبن من ان تحارب ولأنها تستميل ود إسرائيل وتحاول ان تقيم العلاقات الاقتصادية والتجارية معها بالخفاء ،بل ان بعض هذه الدول خاضعة تماما لسطوة قرار الإدارة الأمريكية وبالتالي فإنها لن تتخذ أي قرار الا بموافقة السيد الأمريكي وان افترضنا جدلا موافقتها على المشاركة فاقرأ على الانتصار السلام لان موقف هذه الدول سيكون تآمريا وبامتياز.
ان شروع السادات بعملية السلام مثل منهجا جريئا في تحول الفكر من الحرب الى السلام في ظل بيئة طاردة للسلام ونجح رغم رحيله في تجذير هذا المنهج سواء في إعادة الأرض المحتلة او في توسيع مفهوم السلام ورغبة جميع الدول العربية اليوم باستدرار ود الإسرائيليين ومحاولة إقامة السلام على دولتين في وقت كان العرب يرفضون هذا المبدأ جملة وتفصيلا.
اعتقد ان العرب لو كانوا خولوا السادات في تلك الفترة لإقامة السلام على دولتين في فلسطين ووفق قرارات الأمم المتحدة لكان الرجل قد نجح ولكان العرب قد انتهوا من نفاق الأرض المحتلة وفلسطين العربية.لكن المفارقة الغريبة الان هي ان العرب هم من يبحثون عن السلام وإسرائيل هي من ترفض.
سيناء في زمن الإخوان
لم تختلف سيناء عن باقي المدن والدول التي دخلها الإخوان بعد أحداث ما أطلق عليه الربيع العربي فقد تحولت المدينة الهادئة الوادعة إلى وكر للإرهابيين والتكفيريين والمسلحين وممرا للمهربين وتجار الأسلحة ،وباتت غزة المقابلة سوقا رائجة للاستقبال والتصدير خاصة بعد فتح الممرات والأنفاق وغياب سلطة القانون.
بعد مجيء الإخوان انتهى زمن السلم وعادة سيناء إلى زمن الإرهاب بعد ان عقد الرئيس الاخواني القران مع المتطرفين ومنحهم الملاذ الأمن في سيناء وإطرافها ووفر لهم السلاح والمال فكان أن ارتد سهم بغيهم في استهداف الجنود والسياح والآمنين،وكانت حادثة قتل 16 جنديا مصريا أثناء إفطارهم في شهر رمضان الجريمة والشاهد على فضائع وإجرام الإخوان ومن يقف إلى جانبهم ،ثم توالت الأحداث في قتل وخطف السياح والأجانب والجنود.
السيسي وتحديات الإرهاب وسيناء.
بعد مجيء السيسي إلى السلطة فان الرجل وجد نفسه اما تحديات ومشاكل خطيرة… وخطر الإخوان الداخلي اكبر من أي خطر وهؤلاء لوحدهم يحتاجون إلى تفرغ والى معركة خاصة ،التحدي الأخر هو تحدي الإرهاب الداخلي والخارجي والناتج عن التطرف وخسارة السلطة.. أيضا هناك تحدي خارجي مصدره الأراضي الليبية المنفلتة وحدود السودان الفوضوية وأنفاق غزة ومجرميها وما يربطهم من تحالف مع الإخوان.غير هذا فان التحدي الاقتصادي وسوء الخدمات وصعوبة توفير لقمة العيش هي الأخرى تحديات مهمة وخطيرة جدا.
كان على السيسي ان يضع أولويات للملفات الخطرة ولان كل الملفات خطرة فان الرجل بدا بمسك الجميع بيد الرغبة في تحقيق النجاح لكن مسك الجميع أمر صعب ومع ذلك فان الأمر لم يكن يخلو من صعوبات وخروقات هنا وهناك.
ان مواجهة الإخوان والإرهاب والتحديات الأخرى ليس بالأمر الهين فهؤلاء لهم امتدادات وجذور قوية داخلية وخارجية كما ان محاربة الإرهاب والتطرف لا يمكن ان ينتهي في يوم وليلة لان الفكر انتشر والمال والسلاح فائض عن الحاجة في مناطق جبلية وصحراوية،ولان أنفاق عزة لم يتم الانتهاء من ردمها كلها.
ان ما تحقق من استقرار نسبي في سيناء أمر ممتاز رغم حجم التحديات التي تعيشها المنطقة،وهذا الانجاز يحسب الى عزيمة الرئيس السيسي في القضاء على الإرهابيين وعلى فكرهم المتطرف مهما كان الثمن.
ان استقرار سيناء وعودة الحياة والهدوء لها امر مهم جدا لمصر ولمستقبلها السياسي والاقتصادي…. والسيسي يعرف هذا قبل غيره من المصريين ..لكنه يدرك إن المعركة ضد الإرهاب والإرهابيين تحتاج الى وقت طويل لانها معركة عالمية كبرى.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق