التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

اقتحام البرلمان العراقي … من يخدم ؟ 

خبر يشكل صدمة لكل من يحب العراق وربما يفرح من يريد الفوضى والتراجع عن الانجازات التي تحققت حتى الان في هذا البلد، انه نبأ اقتحام بعض انصار التيار الصدري مبنى البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء في بغداد بعد سجال دام اسابيع حول تشكيل حكومة تكنوقراط والاصلاح السياسي وما شابه ذلك.

ولا يختلف اثنان ان هذا الاحتكام الى الشارع وجر المتظاهرين نحو البرلمان من اجل اسقاط العملية السياسية يأتي في وقت محرج للغاية نظرا للظروف الامنية والسياسية والاجتماعية التي يمر بها العراق حاليا.

هذه الخطوة التي ربما تكون غير محسوبة النتائج، جاءت بعد ان دعا السيد مقتدى الصدر “إلى انتفاضة شعبية لمواجهة عودة الفساد والمفسدين للحياة السياسية” وذلك بعد أن اخفق النواب من جديد في إقرار تعديلات وزارية اقترحها رئيس الوزراء حيدر العبادي.

الصدر دعا اليوم السبت في مؤتمر صحفي إلى وقف كل عمل سياسي لتياره بالعراق إلا في حال تأسيس كتلة عابرة للمحاصصة “إما إلغاء المحاصصة السياسية أو إسقاط الحكومة برمته”، كما اعلن “الاعتكاف شهرين رفضا لعودة الفساد والمفسدين”، معتبرا أن “المفسدين يستمرون بمنع الاصلاحات في العراق” قائلا “لم ولن ارضى بالمحاصصة المقيتة ولن اجالس اي سياسي”.

وأشار الصدر خلال مؤتمر صحافي، إلى أن “قوى سياسية تتمسك بالمحاصصة للحفاظ على مكاسبها ومناصبها في العراق، كما أن هناك قوى سياسية تحاول ضمان مناصب وزارية لأنصارها تحت شعار حكومة التكنوقراط” وحذر من أن “جلسة البرلمان اليوم تحاول وأد حركة الإصلاح الحقيقية”.

ووصف الصدر زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة إلى العراق بـ “المشبوهة”.

وسائل الاعلام المحلية العراقية اعلنت بأن المحتجين الذين اقتحموا البرلمان، “أعلنوا اعتصامًا داخل البرلمان وفي محيطه حتى تلبى مطالبهم بإنهاء المحاصصة وإقرار الإصلاحات”.

وقد اعلنت قيادة عمليات بغداد حالة الطوارئ القصوى بعد اقتحام المنطقة الخضراء، من قبل أنصار التيار الصدري.

وبعد هذا الاستعراض للوقائع يمكن لنا الوقوف عند كلمة قالها السيد مقتدى الصدر في مؤتمره الصحفي وهو امتناعه عن مجالسة اية شخصية سياسية اي التكلم معه وهذا يعني انه قد اقفل الباب امام اي حوار بينه وبين الشخصيات والاطراف السياسية وهو حوار ربما يكون اكثر من الضروري في هذا التوقيت الذي يمر فيه العراق بفترة عصيبة وذلك من اجل حل الخلافات باية طريقة ممكنة تحفظ وتصون العراق من الاعداء المتربصين.

ويجب القول ان كل من يريد الخير للعراق يوافق على كلام السيد الصدر بان زيارة جو بايدن الى العراق مشبوهة لأن الامريكيين الذين دمروا العراق وجوعوا شعبه ومن ثم احتلوه وسفكوا الدماء وخلفوا ايتام وأرامل وبلدا عاد عقودا الى الوراء لايمكن الوثوق ابدا بهم وبنواياهم لكن هل تكون مواجهة الخطط الامريكية المشبوهة بضرب العملية السياسية في العراق واضعاف الحكومة المركزية وتعطيل العمل في المؤسسات ومنها البرلمان؟ ام ان افشال المخططات الامريكية في العراق يحتاج الى “وحدة اكبر وتغليب المصلحة العامة على المصالح الفئوية” وهذا مطلوب من كل الاطراف في العراق وليس مطلوبا فقط من التيار الصدري.

ومن الناحية الأمنية فإن العراق يمر الآن بمرحلة صعبة وهناك الكثير من مدنه تحت احتلال ارهابيي تنظيم داعش وان الانفجار الذي وقع اليوم السبت قرب بغداد وراح ضحيته عشرات الشهداء والجرحى من الزوار يؤكد تدهور الاوضاع الامنية في هذا البلد بعد هذه الخضات السياسية فهل تكمن الاولوية الان في قتال داعش والتصدي للارهاب والانفلات الامني ام انها تكمن في السجالات السياسية؟ والجواب واضح.

ان عدم تطرقنا الى الاخطاء التي يرتكبها بعض السياسيين العراقيين ليس لأننا لانؤمن بضروة تحسين اداء السياسيين والكتل السياسية ومكافحة الفساد وما شابه ذلك بل لأن الخطر الأكبر المحدق بالعراق الآن هو خطر التدخلات الخارجية التي تقوي الارهاب والارهابيين فمن يضمن من الآن فصاعدا ان لا تتدخل اجهزة المخابرات الاجنبية والاموال الاجنبية في الاحتجاجات ويندس المندسون بينها وتحصل أمور خارج عن السيطرة؟

ان السيد الصدر الذي لم ينجح في حل الحكومة قد لجأ الآن الى الشارع لكن هذا يزيد من فرص المخابرات الاجنبية والارهابيين للعمل بسهولة اكبر في العراق وهذا ما لايريده السيد الصدر نفسه ولذلك يتمنى كل محب للعراق وشعبه على جميع السياسيين في العراق ان يغلبوا الحكمة عند كل صغيرة وكبيرة لأن حساسية المرحلة تتطلب منهم الوقفة الوطنية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق