التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

ماذا تريد امريكا من العراق ؟ 

ليست أزمة واحدة ما يمرّ بها العراق، بل أزمات وتحديات سياسية وامنية كبيرة. آخر فصول المشهد العراقي كان اقتحام مبنى البرلمان داخل المنطقة الخضراء شديدة التحصين، احتجاجاً على تأخير إقرار التشكيلة الحكومية الجديدة. هو تجاوز خطير وتعدّ على هيبة الدولة وخرق فاضح للدستور كما قال الرئيس العراقي. لكنه في المقابل ردُّ فعل طبيعي على الأداء السلبي للطبقة السياسية الحاكمة وممارساتها التي تجاوزت كل حدود كما يقول أبناء العراق.

لماذا وصلت الامور إلى هذا الحد من الاحتقان في وقت تنشغل فيه المؤسسة الأمنية والسياسية بمحاربة داعش، وتجهد لاستعادة السيطرة على المناطق التي استولى عليها التنظيم وآخرها بلدة تلسقف ذات الأغلبية المسيحية شمال العراق ؟ هل هناك لعبة أمريكية جديدة؟ و أي رسالة أرادتها واشنطن من خلال زيارة جو بایدن الأخيرة للعراق؟

عراق اليوم ليس بعراق الامس القريب، وغده ليس بأفضل من اليوم، وكله بسسب الصراعات السياسية و التناحرات بين القوى السياسية والاحزاب و القادة المتهورون و المتلهفين لاستحصال الامتيازات و مراكز القوى فى السلطة و الدولة العراقية، وكل امالهم و طموحاتهم هو بقائهم فى السلطة باى ثمن كان، متناسين الأطماع الخارجية التي بدأت تلوح في الأفق القريب. حيث تهيئ ادارة اوباما لمرحلة ” ما بعد داعش” و لعراقيون غافلون، بتطبيق سيناريوهات ابرزها مشروع بايدن، الذي أصبح اقرب الى التطبيق من اي وقت مضى، بعد ان وضعت اميركا العراقيين أمام خيارين: اما داعش او اما تقسيم العراق الى ثلاث دويلات طائفية سنية وشيعية وكردية.

مرت أكثر من 12 سنة على سقوط البوابة الشرقية للمنطقة العربية تحت الإحتلال بدخول القوات الأمريكية بغداد يوم 9 أبريل 2003، مباشرة بعد ذلك قامت سلطات الإحتلال بالتدمير الكامل لمؤسسات الدولة، على نحو مرسوم ومخطط سلفا كجزء من سياسة المحافظين الجدد الذين خططوا لإخضاع العراق بالكامل لنفوذ الولايات المتحدة، وتحويله إلى مستعمرة تتقاسم النفوذ فيه القوى الإقليمية المتحالفة معهم من السعودية الى تركيا و الكيان الاسرائيلي، مع السيطرة المباشرة على ثرواته من النفط والغاز، ثم تحويل العراق إلى “نموذج للشرق الأوسط الجديد” الذي وضعه المحافظون الجدد والقاضي بتقسيم دول المنطقة إلى ما بين 54 و56 دولة على أساس ديني ومذهبي وعرقي ومناطقي.

ها هو نائب الرئيس الامريكي “جوزيف بايدن” يعود من جديد الى العراق حاملا معه مشروعه القديم لتقسيمه العراق الى ثلث دويلات، دولة كردية في الشمال و دولة سنية في الوسط و دولة شيعية في الجنوب، مع حكومة مركزية محدودة الصلاحيات في بغداد تتركز مهامها بحماية أمن الحدود وإدارة وتوزيع الموارد النفطية، وحاز المقترح على موافقة الكونغرس حينها. زيارة “بايدن” لم تكن مفهومة المعالم، و أتى “علي خضري”، وهو مسؤول أميركي سابق في العراق عمل مساعداً لعدة سفراء وقادة حربيين ليوضح المخطط الأمريكي القديم المتجدد، تحت مفهوم الفدرالية، حيث قال “أعتقد عموماً أن العراق لا يمكن أن يتم حكمه في ظل الحكومة الحالية”. مضيفاً أن تقسيم البلاد أو تأسيس نظام كونفيدرالي قد يكون الحل الوحيد لجراح البلاد ومشاكلها، مطلقاً على هذا الحل اسم “حل غير كامل لعالم غير كامل”.

الموقف الايراني من الخطة الأمريكية

ان الموقف الايراني اتجهاه قضايا المنطقة معروف و مبني على عدم التدخل في سياسيات الدول و احترام الحدود، و من هذا المنطلق تدعوا الجمهورية الاسلامية العراقيين في كل مرّة الى وحدة الصف دائماً، حيث استبعد رئيس مركز البحوث الاستراتيجية بمجمع تشخيص مصلحة النظام “علي اكبر ولايتي” ان تتقسم سوريا والعراق الى دول. وقال “ولايتي” لدى استقباله مندوب الامين العام للأمم المتحدة الى العراق “يان كوبيش” أن تقسيم سوريا والعراق لن تتحقق بفضل صحوة شعوب المنطقة. واضاف ان “العراق يمرّ في ظروف حساسة للغاية ويشهد تقلبات جديدة ، مشددا علي ان ايران تدعم بقوة العملية السياسية في هذا البلد”. وقال “ولايتي” ان “العراق شهد سلسلة من الانقلابات علي مر التاريخ، وهناك دول معارضة للديمقراطية تسعي الي زعزة الوضع في هذا البلد بما يستدعي الحفاظ على الديمقراطية الحالية وبناء المؤسسات القادرة علي الاضطلاع بهذه المسؤولية”. وخلص “ولايتي” بالقول، ان “الجميع يتحمل مسؤولية الدفاع علي وحدة وسيادة العراق؛ ذلك ان امن دول المنطقة مرتبط بعضه ببعض”.

الموقف السعودي و التركي من تقسيم العراق

إن تركيا و السعودية هما جزء لا يتجزء من المشروع الدولي الذي تقوده أمريكا لتقسيم العراق، وهما اصبحتا زيا لأميركا التي تريد من ينفذ لها هذا المشروع في العراق و سوريا، و لذلك تسعى أمريكا أن تقوم السعودية و تركيا بهذا المشروع، كما ان التحالف الذي حدث في السعودية تريد منه تحقيق نفس الهدف بالإضافة الى الضغط على العراق وعلى الأكراد كما يزعمون، في حين إن المطامع التركية لا تزال قائمة ممثلة بحلمها بالإستانة والإمبراطورية العثمانية بينما تريد السعودية ان تضغط باتجاه الاقليم السني وغيرها من الامور.

إن العراق للسنة والشيعة و لجميع الطوائف الدينية منذ مئات السنين، ولا خلاف علي ذلك، إلا أن أمريكا و حلفائها (تركيا و السعودية و اسرائيل..) بذرت طاعون الفتنة وحركة داعش، التى تقوم حاليا بإكمال المخطط، وجاءت بالفتنة الطائفية من أوسع الأبواب بسعيها لإنشاء ما تسميه دولة إسلامية في العراق والشام، بعد أن تدربت علي الأراضي السورية بدعم أمريكي لتنفيذ خطتها والوصول لدولتها المزعومة التي تسعي لإقامتها علي أنقاض وجثث دول عريقة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق