التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

ماذا تريد “إسرائيل” من غزة؟.. وما سبل المقاومة الفلسطينية لاختراق جدار الحصار؟ 

وكالات – سياسة – الرأي –
كشفت القناة الثانية في التلفاز الإسرائيلي، الليلة الماضية، النقاب عن أن “تل أبيب” تريد مقايضة أنفاق حركة حماس، بإنشاء ميناء لقطاع غزة.

وقالت القناة في تقريٍر لها: إن “فكرة إنشاء ميناء بحري من الممكن أن تحل المشكلة مع حركة حماس، وتنقلب الأمور بطريقة أخرى توفر الحد الأدنى من الهدوء على جبهة غزة”.

ونوه إلى أن كلًا من “إسرائيل” وحماس – باعتبارها من تتولى زمان السلطة في غزة – لا يرغبان باندلاع الحرب؛ لكنهما يبحثان عن حضور في ظل حالة الهدوء المتكسر على حدود القطاع.

وأوضحت القناة الإسرائيلية أنه وبالرغم من حوادث إطلاق النار بين الجانبين على مدار اليومين الماضيين إلا أن الطرفين غير معنيين بالحرب، لافتةً إلى أن إستراتيجية حماس ترى أن الحصار يمثل أكبر تحدي لها، في حين ترى “إسرائيل” أن الحصار هو تكتيك من أجل محاربة الأنفاق.

وكالة أنباء فارس رصدت من خلال مراسلها في غزة، آراء شريحة من القادة، والمحللين والكتاب إزاء التطورات الميدانية الأخيرة في القطاع المحاصر، وخرجت بصورة واضحة نستعرضها للقارئ.

حرب نفسية

ويقول المحلل والكاتب الصحفي الفلسطيني مصطفى إبراهيم: “انتهت هذه الجولة، التي كشفت أن كلًا من “إسرائيل” وحماس لا ترغبان في التصعيد، فيما أهالي غزة يرغبون في عودة التيار الكهربائي، فتح المعابر، والخروج من السجن في “فورة””.

وبيّن أن “كل طرف حاول وراضٍ بما قام به في الحد الأدنى مع احتفاظه بحقه”، مشيرًا إلى أن “إسرائيل” تسابق الزمن لتجريد المقاومة الفلسطينية من أهم أسلحتها الإستراتيجية، وهي الأنفاق وكشف المزيد منها، واستغلال التكنولوجيا والحفارات الضخمة وما خصصته من جهد استخباري وضخ موازنات مالية كبيرة وصلت نحو 600 مليون شيكل”.

ولفت إبراهيم إلى أن “إسرائيل” تحاول أن تضع هالة من الغموض والسرية على السلاح الجديد الذي أطلقت عليه اسم “القبة الحديدية الأرضية”، وفي الوقت ذاته تقوم بحملة إعلامية واستعراضية للقضاء على الأنفاق، منبهًا إلى أن زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الأخيرة للمنطقة الحدودية مع قطاع غزة جاءت من أجل ذلك، ولطمأنة مستوطني “غلاف غزة” على قدرة الحكومة والجيش على مواجهة شبح الأنفاق، وشن حرب نفسية ضد المقاومة والقول بأن “الجيش حقق نجاحات” في ذلك.

ورأى أن “إسرائيل” تعمل من خلال مصالحها الأمنية الإستراتيجية، وهي تؤجل المواجهة مع غزة للانتهاء من مهمة القضاء على الأنفاق أو الحد من خطورتها، محذّرًا من كونها “مستعدة لعدوان حسب توقيتها ومصالحها ولا يمنع ذلك من تهدئة طويلة الأمد، لكنها غير مستعدة لرفع الحصار حتى مع تحذيرات أجهزتها الأمنية بخطورة الأوضاع وكارثيتها بعد عدوان مدمر وعشرات الآلاف من الفلسطينيين بدون منازل، فيما الإعمار يسير ببطء، وانتظار عدوان جديد، وهي تقوم بخطوات أحادية لتحسين شروط الحياة حسب مصالحها”.

واستطرد المحلل إبراهيم :”المقاومة حق للفلسطينيين، وحركة حماس تقول إنها غير معنية بالتصعيد وهي فقط تمنع الاحتلال من توغلاتها وعدوانه على القطاع، وتحاول تأجيل المواجهة مع إدراكها لخطورة الأوضاع الكارثية، وغياب موازين القوى، وإنشغال العرب بقضايا أكثر إلحاحًا لهم من قطاع غزة، ولا أحد يستطيع التنبؤ بموعد العدوان القادم”.

معادلة جديدة

بدوره، رأى ‏مدير مكتب غزة في ‏مركز أبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية “مسارات” صلاح عبد العاطي، أن السيناريو القائم والمرجح حتى الآن، تسخين محدود على الحدود، يهدف الاحتلال من خلاله إلى فرض معادلة جديدة، فيما تسعي المقاومة لمنع ذلك.

وأوضح أن هذا التسخين يترافق معه جهود إقليمية ودولية لمنع تدهور الأوضاع في قطاع غزة بشكل يهدد بحرب جديدة، الأمر الذي يعني إبقاء الأوضاع القائمة على ما هي عليه ضمن معادلة “هدوء مقابل هدوء”، مع تسهيلات إنسانية، وعودة إلى تفاهمات التهدئة، التي تم إقرارها في نهاية العدوان الإسرائيلي صيف العام 2014.

واستدرك عبد العاطي يقول: “لكن هذا السيناريو أيضًا يعني بقاء الوضع الفلسطيني في قطاع غزة في حالة حصار، موت تدريجي، وانفجار بطيء، الأمر الذي يهدد بإمكانية انفجار الأوضاع في لحظةٍ ما، والدخول في مجابهة عسكرية أشد عنفًا من سابقتها، وبخاصة أن الاحتلال الإسرائيلي سوف يواصل التحكم بمنسوب الحصار، وحركة انتقال الأفراد، والبضائع كوسيلة للضغط على حركة حماس، لاسيما في حال عدم تسوية ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى”.

جدل كبير بغزة

من جانبه، رأى عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ذو الفقار سويرجو، أن الشارع الفلسطيني يعيش هذه الأيام حالة جدلٍ كبيرة حول جدوى الحرب أو المواجهة في ظل موازيين قوى منحازة بشكل دراماتيكي، وجبهة داخلية منهكة، مشيرًا إلى أن هذا شيء طبيعي.

واستعرض سويرجو البدائل، الخيار الأول: الحفاظ على الهدوء وضبط النفس وعدم الانجرار لمواجهة غير محسوبة، منوهًا إلى أن “هذا خيار عقلاني، ولكن تبعاته هي استمرار الحصار، والتضيق، وازدياد نسبة الفقر بشكل متسارع، ومنع الجميع من الحركة والسفر فهل هدوئنا يعني القبول بهذه العيشة الضنك؟!”.

الخيار الثاني – وفق ما طرح – أن تنسحب حركة حماس من المشهد، وتفسح المجال لغيرها لاستلام السلطة، بشكل كامل، متسائلًا: “هل هذا الخيار فعلًا عملي؟.. ويمكن تطبيقه؟.. وإذا طبقته حماس فهل هناك جهة جاهزة لاستلام هذه السلطة؟.. وهل هذه السلطة ستستطيع حماية شعبنا من البطش الصهيوني؟.

أما الخيار الثالث، بحسب سويرجو أن “نتصالح داخليًا بشكل مسؤول، وندعو لمؤتمر وطني يعيد قراءة الحالة الفلسطينية، ويضع استراتيجية واضحة حول شكل المواجهة أو شكل الحل!”، مشددًا على أن “هذا هو الخيار الأصوب رغم صعوبته، ولكنه بالمقارنة مع السيناريوهات السابقة هو الخيار الوطني الأكثر واقعية”.

صراع إرادات متفجر

الكاتب والمحلل الأمني الفلسطيني إبراهيم المدهون، نوه إلى أن الاستعداد للحرب وعدم الخوف منها هو الأسلوب الأمثل لتجنبها، قائلًا :”ما خاف قوم من الحرب إلا أتتهم، وفتكت بهم”.

وبيّن أن “المقاومة الفلسطينية قادرة على حماية شعبها، والتصدي لأي عدوان بأدائها، واستعدادها، وقدرتها على المواجهة”، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن “القيادة الحكيمة، هي التي تجنب شعوبها ويلات حروب غير مناسبة، وغير مطلوبة”، وفق رأيه.

وبحسب المدهون فإن “ما يجري هو صراع إرادات متفجر، ورسم قواعد اشتباك بمفاوضات صاروخية، حيث لا ضمانة وأمن للفرق الهندسية الإسرائيلية، فالقرار واضح عودوا حيث كنتم، وإلا فسُحب غزة ملبدة بقذائف الهاون، وغير الهاون”.

ولفت إلى أن ما يدور “لا يعني أننا نقترب من مواجهة كبيرة، بل هو حوار جديد، وبطريقة جديدة، الهدف تعزيز واقع يمكن البناء عليه، ومع ذلك أي خطا في الصواعق قد تنفجر بعنف”، على حد وصفه.

انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق