ياسر الوادية يكشف: نعمل على تأسيس لوبي فلسطيني قوي في أميركا.. بماذا طالب لكيري
فلسطين ـ سياسة ـ الرأي ـ
كشف عضو الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير ورئيس تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة الدكتور ياسر الوادية، النقاب عن لقاءات مكثفة يجريها في الولايات المتحدة حاليًا هدفها تأسيس لوبي فلسطيني قوي ونافذ، يعمل على دحض المزاعم والافتراءات، التي يحاول اللوبي الصهيوني تلفيقها للشعب الفلسطيني، وخداع صناع القرار والرأي العام الأميركي بها.
وقال الوادية هناك تحريض إسرائيلي مستمر ومتواصل على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وللأسف نحن منشغلون عن هذا الأمر تمامًا”، منتقدًا بشكلٍ واضح الدبلوماسية الفلسطينية.
وأضاف: “يجب أن تتضافر جهودنا جميعًا كي نفك الحصار، ونوقف العدوان الإسرائيلي المستعر على أبناء الشعب الفلسطيني، ونخترق جدران التضليل الذي يمارس ضد قضيتنا الوطنية .. علينا ايصال صوتنا عاليًا، وخصوصًا أهلنا المحاصرين بغزة”، مشيرًا إلى محاولات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، تصوريهم على أنهم “إرهابيين” و”قتلة” و”سفاكي دماء”.
إيصال الرسالة بالحوار
ولفت الوادية إلى أن لقاءاته في الوقت الراهن منصبة على تجنيد لوبي فلسطيني قوي ونافذ من النخب، وأساتذة الجامعات، ورجال الأعمال، والأثرياء، ومن لهم تواصل وعلاقات مع الساسة والمسؤولين ومؤسسات المجتمع المدني الأميركي لتصل رسالتنا بالحوار، وندحض الدعاية الإسرائيلية المدعومة رسميًا من حكومة الاحتلال، مشددًا على أن ذلك شكلٌ هام من أشكال المقاومة.
ويُدرك الوادية جيدًا أن “ما يقوم به جهدٌ كبير يتطلب ويحتاج مقوماتٍ هائلة، وتواصلًا دائمًا، إلا أنه على ثقة بأن مشوار الألف ميل – كما يقولون – يبدأ بخطوة، ونحن هنا لنبدأ هذه الخطوة”، كما قال.
واستحضر عضو الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، النموذج الإيراني في الحوار والتفاوض مع الغرب، مبديًا إعجابه بالنتائج الكبيرة التي تحققت بفضله (الاتفاق النووي بين طهران ودول مجموعة (5+1))، بعد سنواتٍ طويلة كانت تُقرع فيها طبول الحرب.
بماذا طالب كيري؟
ونوه الوادية إلى أن اجتماعاته المتواصلة في الولايات المتحدة، وخصوصًا العاصمة واشنطن تعمل على خدمة القضية الفلسطينية، وتنبيه العالم إلى ضرورة تسريع عمليات إعادة الاعمار في غزة، ووضع ملف فلسطين في المحافل الدولية بصورة دائمة، موضحًا أنه عقد مؤخرًا اجتماعًا هامًا مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، طالب خلاله بوضوح برفع الفيتو الأميركي عن المصالحة الفلسطينية، فضلًا عن لقاءات مع أعضاء في مجلس الشيوخ، ومرشحين للرئاسة الأميركية وخصوصًا المرشح الديمقراطي برني ساندرز، الذي ينافس المرشحة هيلاري كلينتون.
وقال بهذا الصدد: “خلال لقائي مع المرشح ساندرز لاحظت كم هو مضلل بالرواية التي يحاول اللوبي الصهيوني ترويجها عن القضية الفلسطينية، وعن أهلنا المحاصرين في غزة، واستطعت أن أغير في قناعاته، ولقد لمست هذا التغيير لاحقًا عندما بدأ يتحدث عن المعاناة، والحروب، وعدد الشهداء، وأن شعب غزة يستحق الحياة، هذا ما نعمل عليه، وسنواصل العمل عليه”.
وشدد الوادية على أن اجتماعاته ولقاءاته التي تتم مع المسؤولين وصنّاع القرار في الولايات المتحدة لم تكن مجرد اجتماعات أو لقاءات بروتوكولية، بل تعدت هذا الأمر، مؤكدًا أنه أسمعهم لغةً جديدة لم يعتادوا عليها من قبل، وهذا جهد هام، ويحتاج اسنادًا رسميًا، ومتابعة دبلوماسية حثيثة.
كرامتنا الوطنية مفقودة
وفي سؤاله عن تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأخيرة، بالنسبة للعلاقة مع حركة حماس، أجاب الوادية – الذي التقى المسؤول المصري مؤخرًا بالقاهرة – :” الحديث كان موجهًا بأنه لا جديد يلوح في الأفق في العلاقة بين الجانبين، والتي نسعى دائمًا لأن تكون متينة”.
واستدرك يقول:” لذلك علينا مراجعة مواقفنا السياسية مرةً أخرى، والنظر لواقع الشعب المظلوم الصامت، ونصحح علاقاتنا مع مصر، ونسهل عليها فتح المعبر، وترتيب العلاقة مع الكل الفلسطيني بعد إتمام المصالحة الوطنية، التي من الممكن أن تعيد لنا هيبتنا الإقليمية والدولية، وكرامتنا الوطنية المفقودة بسبب الانقسام، الذي يبعثر رؤانا ومواقفنا وجهودنا وصفوفنا”.
وبيّن الوادية أنه “لمس من المصريين بأن معبر رفح البري سيبقى مغلقًا مع بقاء الانقسام وممثليه”، منبهًا إلى أنه “من غير المعقول أن تكون هنالك إدارتان للمعبر تتصارعان حزبيًا .. هذا المعبر حق لكل فلسطيني ليخرج ويدخل من خلاله من وإلى قطاع غزة”.
وانتقد “محاولات تسييس قضية المعبر، واعتباره كرتًا رابحًا يعين من يحتفظ به”، مؤكدًا أن ذلك “لن يجدي نفعًا معهم أو مع الشعب المحاصر”، مشددًا في الوقت ذاته على أن “معبر رفح يحتاج إدارة وسلطة فلسطينية واحدة كما هو منصوص في اتفاقية المعابر، وكما تم التوافق مع حركة حماس قبل ذلك، لكنهم يتشككون فيما بينهم بحجة أن من يستلم المعبر سيتحكم في الجميع”.
وواصل الوادية حديثه في هذا الموضوع الهام:” معبر رفح يجب أن يكون تحت إدارة مهنية بعيدة عن التسييس والحزبية والخلافات السياسية بين هذا الفصيل أو ذاك، ولأجل ذلك قدمنا في تجمع الشخصيات المستقلة مبادرةً لفتح معبر رفح فورًا مع اتمام المصالحة، لأنه من المعيب أن يُحرم 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة من حق التنقل والسفر عبره”.
ثقة وطنية مفقودة
إلى ذلك، طالب الوادية، الرئيس الفلسطيني محمود عباس بضرورة عقد اجتماع عاجل للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية في مصر أو في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، كمقدمة لحل القضايا العالقة وفق تواجد ومشاركة الكل الوطني الفلسطيني.
ونادى بـ”استكمال ما تحدثنا به في الاجتماعات التي حدثت في عمّان والقاهرة، والتحلي بإرادة بناء الوطن، وليس المحاصصة، وتحديد موعد انتخابات التمثيل في مؤسسات منظمة التحرير، ومراعاة التمثيل في الشتات يما يضمن تمثيل كل الأطياف والفعاليات والمؤسسات، وتفعيل ما تم الاتفاق عليه ومتابعة تنفيذه”، مجددًا تأكيده على أنهم “سيظلون يعملون ويسعون دومًا لعودة الثقة الوطنية المفقودة، ومناقشة كافة الأفكار والآراء على طاولة واحدة، تجمعها العمل الوطني وفلسطين، ويستوعب الجميع بعضه البعض لما هو في صالح فلسطين وشعبها”.
وانتقد الوادية بشدة “استمرار حالة الانقسام المخجل بحق قضيتنا وشهدائنا وأسرانا بسبب تمسك حركتي فتح وحماس بإدارة الواقع الكئيب والمرير، وعدم بذل أي مجهود حقيقي لتحقيق المصالحة الوطنية، رغم توقيع قيادتيهما على اتفاق المصالحة عام 2009 و2011 في القاهرة، وتوقيعهم على تنفيذه مرة أخرى في مخيم الشاطئ بغزة عام 2014، وفشلهم حتى الآن في إدارة المصالحة رغم مؤشرات التقدم البسيطة كوجود حكومة واحدة، والسماح بتوزيع الصحف في غزة والضفة”.
ملايين مهدورة
وعاب الوادية بشدة على “نجاح الحركتين بامتياز في إدارة ملف أزمة الكهرباء، وتبادل المسؤوليات بينهما رغم الملايين المهدورة من قوت يوم الشعب المسكين، لصالح بعض المتنفذين في القطاع الخاص”.
وأوضح أن “حركتا فتح وحماس وكل الفصائل يعلمون ما تجنيه محطة توليد الكهرباء – التي وصفها بـ – “المشؤومة” من مال المواطن، ومال السلطة بعقد مجحف صاغته أيادٍ فلسطينية، واحتكرت لها توريد الوقود، وتوليد الكهرباء، لعقدين من الزمان، وبالورقة والقلم نستطيع أن نعلم فائدة الانقسام على مسببي أزمة الكهرباء، لذلك لا نستغرب عندما يقوم البعض بحماية الانقسام لصالح تحسين مصالحه أكثر وأكثر؛ رغم كل الكوارث التي حلّت بأهالي قطاع غزة جرّاء أزمة الكهرباء”، على حد قوله.
آلام جدول الكهرباء
وذكّر رئيس تجمع الشخصيات المستقلة بأن “هنالك عائلاتٍ، وبيوتًا دمرت، وأطفالًا حُرقوا، ومرضى يترنحون بين الموت تارة، والحياة تارةً أخرى، بسبب جدول قطع وفصل الكهرباء، بينما أصحاب الأزمة لا يشعرون سوى بكمية الأموال الواردة لحساباتهم”، مشيرًا إلى أن “حركة حماس أيضًا لم تهتم كثيرًا بموضوع أزمة الكهرباء، وتحاول مثل حركة فتح تبادل إلقاء المسؤوليات، لأنها لو أعطت ملف أزمة الكهرباء الاهتمام الذي أولته لجمع السلاح والحملات الأمنية بعد سيطرتها على غزة منتصف يونيو عام 2007 لاختلف الوضع كثيرًا اليوم”، بحسب ما قال.
ورأى أن “المطلوب أيضًا من حركة حماس تحسين الجباية ليس فقط من المواطن المغلوب على أمره، بل من المؤسسات والوزارات والمساجد والأندية والبنوك وبيوت المسؤولين؛ فهناك ديون باهظة مستحقة لشركة الكهرباء لم تدفع”، لافتًا إلى أن “أزمات قطاع غزة في ازدياد، والقطاعات الصحية والاقتصادية والزراعية والخدماتية تترنح منذ أعوام، ولا مجيب أو مجرد منصت لمعاناتهم”.
خلافٌ وظيفي
وأعرب الوادية عن أسفه من أن “الخلاف القائم بين حركتي فتح وحماس هو خلافٌ وظيفي، وليس نضاليًا”، مضيفًا :” أنهم يتشددون ويتمترسون خلف قضية الموظفين كأولوية، متجاهلين أكثر من 13 مليون فلسطيني في الوطن والشتات، منهم من يعاني في مخيمات اللجوء في الأردن وسوريا ولبنان وأوروبا، ومنهم من فقد راتبه أو وظيفته، أو أغلقت مؤسسته، أو قتل بسبب الانقسام، أو فقد إحدى أطرافه، أو حرم من الوظائف والسفر، ورجال أعمال أفلسوا وفقدوا منشآتهم، وعائلات فقدت اقاماتها، وأصحاب البيوت المدمرة، والمفقودين في البحر، ومبعدي كنيسة بيت لحم، والأسرى في السجون، وسكان القدس المحتلة”.
النزول عن الشجرة!
وطالب رئيس تجمع الشخصيات المستقلة، “حركتي فتح وحماس بالنزول عن شجرة القرار الفلسطيني المنفرد قليلًا، ويستعينا بالجميع للخروج من الأزمة التي تجلس على فوهة بركان قابل للانفجار بصورة فردية أو شعبية لعدم تحمل الناس مزيدًا من اللقاءات والاحباطات وشعارات الحوائط التي لا تسمن ولا تغني من جوع”.
ومضى يقول :” على الجميع أن يتحمل مسؤولياته ميدانيًا وشعبيًا وسياسيًا، وبالمناسبة فلقد قدمنا مبادرة لحل أزمة الكهرباء وربط قطاع غزة بالخط 161 الإسرائيلي، وتطوير القطاع الكهربائي إلا ان حكومة الوفاق وحركة حماس لا ترى سوى محطة التوليد، وهنالك مبادرة أخرى تم تقديمها لتوحيد مؤسسات القضاء في الوطن وتحييده عن خلافات السياسة؛ لكن روح الانقسام التي يبثها أكبر فصيلين غالبة على روح المصالحة، مع الأسف”.
لنجتمع مع ضمائرنا
وفي تعليقه على ما أُعلن مؤخرًا من نية سويسرا عقد مؤتمر دولي للمصالحة الفلسطينية، قال الوادية :”لا داعي لأي اتفاقيات وحوارات جديدة سواءٌ في سويسرا أو غيرها، ومن منبركم الإعلامي نطالب الأشقاء في مصر أن يُعيدوا لدورهم زخمه، ويُركزوا الضغط على حركتي فتح وحماس لتحقيق المصالحة، واستكمال رعاية الحوار الفلسطيني – الفلسطيني، فاتفاق المصالحة تم توقيعه وبنوده واضحةً ولا ينقصها سوى تنفيذ البنود”، متسائلًا في السياق: “ما الجديد الذي طرأ على الانقسام غير أيام وأعوام صعبة جديدة حتى نجتمع في سويسرا؟!، وهل أصبحت المصالحة الوطنية الفلسطينية الآن قضية موظفين فقط؟! .. علينا أن نرد اعتبارنا لأنفسنا ونجتمع مع ضمائرنا لنسمع أصوات المعاناة الفلسطينية بسبب الانقسام، وقلة الحيلة، وعدم مبالاة قطبي الانقسام”.
شعارات رنانة
وكشف عن أن “هنالك حالة ملل في الشارع الفلسطيني من الفعاليات، فالانقسام أفقدنا جزءًا كبيرًا من تاريخنا الأبيض الناصع، ولذلك كان من الطبيعي ألا يكون يوم النكبة الفلسطيني منتصف مايو/ أيار الجاري، لتغدو النكبة الحقيقية – للأسف وبمرارة أقول – الانقسام الفلسطيني، ففلسطين التي ينهشها الجميع، ستبقى هي، ويذهبوا هم، وحالة الإحباط التي دخل فيها المجتمع الفلسطيني وإحجامه عن المشاركة في الفعاليات الوطنية، واستذكار تاريخنا، وثقافاتنا سببها من لم يقدم شيئًا لتحقيق المصالحة، سوى شعارات رنانة تختفي مع انتهاء الفعالية”، وفق وجهة نظره.